story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
تكنولوجيا |

“شيبولوبولو”.. قصة منتخب تحدى كارثة “بوفالو” واعتلى المجد القاري

ص ص

في ثالث مباريات المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم عن المجموعة الأولى من منافسات كأس إفريقيا للأمم 2025، سيكون أسود الأطلس على موعد مع مواجهة صعبة أمام منتخب زامبيا العنيد، الذي يحتفظ بتاريخ مشرف في المسابقة القارية التي فاز بلقبها لأول مرة سنة 2012، بعدما لعب مباراة النهائي قبل ذلك، في مناسبتين 1974 بمصر و1994 بتونس، فضلا عن احتلاله المركز الثالث في ثلاث مناسبات، سنة 1982 بليبيا، و1990 بالجزائر، و1996 بجنوب إفريقيا.

بلوغ النهائي في أول مشاركة

يعتبر منتخب “شيبولوبولو” أو منتخب “الرصاصات النحاسية” أحد المنتخبات القوية في القارة الإفريقية بالنظر للإنجازات التي حققها على مستوى البطولة القارية التي شارك فيها لأول مرة في النسخة التي احتضنتها جمهورية مصر العربية سنة 1974، وتمكن من البلوغ للمباراة النهائية قبل أن ينهزم بـ 2-0 أمام منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية (الزايير سابقا) الذي توج حينها بطلا لهذه النسخة.

بعد هذا الإنجاز بثمان سنوات سيتمكن المنتخب الزامبي من تحقيق إنجاز آخر باحتلاله المركز الثالث، بعد انتصاره في مباراة الترتيب على المنتخب الجزائري بـ 2-0، خلال الدورة التي احتضنتها ليبيا سنة 1982.

وبعد ثمان سنوات أخرى، سيعود “شيبولوبولو”، لاحتلال نفس المركز في النسخة التي احتضنتها الجزائر سنة 1990، وذلك بعد انتصاره على منتخب السنغال في مباراة الترتيب بـ 1-0، بتشكيلة مرعبة كان يتقدمها نجم المنتخب حينها كالوشا بواليا.

وفي نسخة 1994 التي احتضنتها تونس سيبلغ منتخب “الرصاصات النحاسية”، مباراة النهائي مرة أخرى، إلا أن الحظ لم يقف بجانبه لخطف أول لقب قاري طال انتظاره.

سنتان بعد ذلك، سيحتل المنتخب الزامبي مرة أخرى المركز الثالث في الدورة التي احتضنتها جنوب إفريقيا سنة 1996، وذلك بعدما انتصر على منتخب غانا القوي، بإصابة لصفر، في مباراة تحديد المركز الثالث، ليتأجل حلم التتويج القاري مرة أخرى.

وبالرغم من عدم تحقيق اللقب، إلا أن مرحلة النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي شكلت الحقبة الذهبية لمنتخب زامبيا الذي كان مدججا بعدد من النجوم، قبل أن يقضي غالبيتهم في الحادث الأليم لسقوط طائرة “بوفالو” العسكرية التي كانت تقل أعضاء المنتخب سنة 1933.

ومع نهاية فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، دخل “شيبولوبولو” مرحلة الكمون لفترة طويلة، قبل أن يعود بقوة للساحة الإفريقية مرة أخرى، خلال نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي احتضنتها أنغولا سنة 2010، حيث تأهل لدور ربع المسابقة القارية.

وبعد سنوات من الانتظار سيتوج منتخب زامبيا أخيرا بطلا للقارة الإفريقية، خلال الدورة التي احتضنتها الغابون سنة 2012، حينما انتصر في المباراة النهائية، بتشكيلة شابة، على منتخب الكوت ديفوار بالضربات الترجيحية بعدما انتهى الوقت الأصلي والشوطين الإضافيين بالتعادل السلبي صفر لمثله.

كارثة بوفالو

في إحدى ليالي أبريل من سنة 1993 اهتزت زامبيا والقارة الإفريقية على وقع مأساة كروية راح ضحيتها منتخب زامبيا بأكمله، بعدما تحطّمت طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو الزامبي، كانت تقلّ منتخب “شيبولوبولو” إلى السنغال لخوض مباراة ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي احتضنتها أمريكا سنة 1994.

وأسفر الحادث، الذي وقع في وقت متأخر من مساء 27 أبريل 1993، عن مصرع جميع من كانوا على متن الطائرة، وعددهم 30 شخصا، بينهم 18 لاعبا من المنتخب الوطني.

وكان من المقرر أن تقوم الطائرة بثلاث محطات للتزود بالوقود، إلا أنّه خلال التوقف الأول في برازافيل عاصمة الكونغو، سُجلت مشاكل فنية في محركات طائرة “بوفالو” من طراز Buffalo DHC-5D. ورغم هذه المشاكل التقنية، واصل الطاقم الرحلة.

وفي المحطة الثانية، في العاصمة الغابونية ليبروفيل، وبعد دقائق قليلة من إقلاع الطائرة، اشتعلت النيران في أحد المحركات وتوقف عن العمل. وأثناء التعامل مع العطل، أوقف الطيار عن طريق الخطأ المحرك السليم، ما أدى إلى فقدان كامل للطاقة خلال مرحلة الصعود عقب الإقلاع، لتسقط الطائرة وتتحطم في مياه البحر على بُعد نحو 500 متر من الساحل.

وللصدفة، لم يكن قائد المنتخب ونجمه الأول آنذاك، كالوشا بواليا، على متن الطائرة، إذ كان متواجدًا مع ناديه بي إس في آيندهوفن، لخوض إحدى المباريات بالدوري الهولندي، على أن يلتحق بمنتخب بلاده لاحقا في السنغال.

وبعد الحادث، جرى تشكيل منتخب جديد بقيادة بواليا، الذي واجه مهمة شاقة تمثلت في محاولة إعادة بناء الفريق والمنافسة على بطاقة التأهل إلى كأس العالم بأمريكا، ثم الاستعداد لاحقا لتصفيات كأس الأمم الإفريقية بتونس.

غير أن زامبيا لم تنجح في التأهل إلى مونديال 1994، لكنها في المقابل، وبالرغم من الحادث الأليم تمكنت من الفوز بلقب وصيف بطل إفريقيا خلف المنتخب النيجيري القوي وقتها الذي توج باللقب الإفريقي بعد انتصاره بـ 1-2.

دولة “محاصرة” جنوب القارة

زامبيا هي دولة غير ساحلية تقع في الركن الجنوبي الشرقي من منطقة وسط إفريقيا، تحدها جمهورية الكونغو الديمقراطية من الشمال، وتنزانيا من الشمال الشرقي، مالاوي من الشرق وموزمبيق وزيمبابوي وبوتسوانا وناميبيا من الجنوب، وأنغولا من الغرب.

تبلغ مساحة زامبيا 752,614 كيلومتراً مربعا، وتتخذ من مدينة لوساكا عاصمة لها، وهي المدينة التي تعرف أكبر تركز للسكان إلى جانب مقاطعة حزام النحاس في الشمال الغربي، والمحاور الاقتصادية الأساسية للبلد.

وتضم البلاد عددا من المدن الرئيسية الأخرى، من بينها ندولا، كيتوي، تشينغولا، كابوي، ليفينغستون، وتشيباتا، التي تمثل مراكز حضرية واقتصادية مهمة.

تعتمد زامبيا اللغة الإنجليزية لغة رسمية، إلى جانب عدد من اللغات المحلية (البانتو) المنتشرة بين السكان، من أبرزها بيمبا، نيانجا، تونغا، لوزي، كاوندي، لوندا، ولوفالي، ما يعكس التنوع اللغوي والثقافي في البلاد.

وبحسب تقديرات سنة 2023، يبلغ عدد سكان زامبيا حوالي 20.570 مليون نسمة، مع تسجيل معدل نمو ديمغرافي قدره 2.8%. أما متوسط العمر المتوقع فقد بلغ سنة 2022 نحو 62 عاما.

وعلى المستوى التعليمي، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأشخاص البالغين الذي يجيدون القراءة والكتابة بلغت 88% سنة 2020، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 93% في صفوف الفئة العمرية ما بين 15 و24 عاما خلال الفترة نفسها، وهو ما يعكس تقدما ملحوظا في قطاع التعليم.

وفي ما يخص جانب التدين، يغلب على سكان زامبيا الانتماء إلى الكنيسة البروتستانتية بنسبة 75%، يليها الكاثوليك بنسبة 35%، إلى جانب الإسلام بنسبة 3%. كما توجد أعداد محدودة من أتباع الديانات الأخرى، مثل الهندوسية والبهائية والبوذية واليهودية والسيخية، فضلا عن أشخاص يعتنقون معتقدات وديانات أخرى محلية.

أما من حيث التنمية البشرية، فقد احتلت زامبيا المرتبة 153 من أصل 193 دولة في مؤشر التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) لسنة 2022، وهو ما يعكس التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي لا تزال تواجه البلاد.

وضع اقتصادي صعب

تُعد زامبيا اقتصادا متوسط الحجم، بناتج محلي إجمالي يبلغ 29,7 مليار دولار أمريكي، وهي رابع أكبر اقتصاد في إفريقيا الجنوبية بعد جنوب إفريقيا وأنغولا وزيمبابوي.

لا يزال اقتصاد البلاد يعتمد بدرجة كبيرة على قطاع التعدين (13% من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 70% من عائدات الصادرات)، ولا سيما النحاس، حيث تُعد زامبيا ثاني أكبر منتج له في القارة بعد جارتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتمثل الزراعة نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها توفر قرابة 60% من فرص العمل. ويتركز الاقتصاد في البلاد على قطاعات ذات كثافة رأسمالية عالية أو قائمة على الريع (مثل التعدين، والبناء، والتوزيع).

وفي عام 2022، بلغ نصيب الفرد في زامبيا من الناتج المحلي الإجمالي 1,420 دولارا أمريكيا. إذ تعاني البلاد من مشكلات اجتماعية عميقة، بحيث واصل معدل الفقر ارتفاعه ليبلغ نحو 62% (وفق عتبة 2.15 دولار يوميا)، كما ينتشر سوء التغذية على نطاق واسع (حيث كان ثلث السكان يعانون من انعدام أمن غذائي حاد في عام 2020)، فضلا عن حدة التفاوتات الاجتماعية .

وتفيد تقارير مؤسسات دولية بأن زامبيا تخلفت عن سداد ديونها في 13 نونبر 2020 (إذ تحتفظ الصين بنحو ثلثي الدين الزامبي). وانضمت البلاد إلى الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجة الديون، والذي تترأسه فرنسا والصين بشكل مشترك.

وقد تم التوصل في عام 2022 إلى اتفاق، بوساطة من فرنسا، لإعادة هيكلة الدين الزامبي، ما أتاح تنفيذ برنامج لصندوق النقد الدولي تمت الموافقة عليه في نهاية غشت 2022، بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي لمدة ثلاث سنوات (2022-2025).

كما توصلت زامبيا ولجنة الدائنين من القطاع الخاص، في مارس 2024، إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديونها السيادية.