شقير: زيارة غزواني للمغرب تتجاوز الطابع الشخصي وقد تحمل وساطة مع الجزائر
أثارت الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب، تساؤلات حول أهدافها والرسائل التي قد تحملها، وذلك في سياق يلفه الغموض حول العلاقات المغربية الموريتانية، إذ تأتي هذه الزيارة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا، والتي أثارت تساؤلات حول محاولة الجزائر ضم موريتانيا إلى التحالف الثلاثي الذي يضم الجزائر وليبيا وتونس، في استبعاد تام للمغرب.
غزواني، استبق وصوله للمغرب بإصدار بلاغ يؤكد فيه على “الطابع الشخصي للزيارة”، بالتأكيد على أنها زيارة لعيادة زوجته التي تتلقى علاجها في المغرب، ثم أردفه مكتبه الخاص بإصدار بلاغ لزوجته تتحدث فيه عن وضعها الصحي وقرب تماثلها للشفاء.
لقاء غزواني بالملك محمد السادس يعد الأول من نوعه، على الرغم من أن غزواني بدأ هذه اسنة ولايته الثانية في قيادة الجارة الجنوبية موريتانيا.
وعلى الرغم من عدم قيامه بأي زيارة رسمية للمغرب منذ وصوله للسلطة، عرف عن غزوانه قيادة العلاقات المغربية الموريتانية نحو حقبة جديدة من التعاون، تقطع مع عهد “العشرية السوداء” وسياسة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز.
حفاظ على التوازن
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي محمد شقير، إن زيارة الرئيس الموريتاني إلى المغرب تتجاوز الطابع الشخصي الذي يتمثل في زيارة زوجته التي خضعت إلى عملية جراحية، بل تحمل طابعًا رسميًا سياسيًا واقتصاديًا أيضًا، مشيرًا إلى أن استقبال الملك له في القصر الملكي ومضمون البلاغ الرسمي يؤكدان ذلك.
حيث أوضح شقير أن الزيارة تعكس جهود موريتانيا للحفاظ على توازن علاقاتها بين المغرب والجزائر، خاصة بعد الجدل الذي أثير حول الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا، والتي اعتبرها البعض محاولة من الجزائر لضم موريتانيا إلى التحالف الثلاثي مع تونس والجزائر وليبيا.
وأكد شقير أن ما يعزز هذا الطرح هو أن موريتانيا، خلال زيارة الرئيس الجزائري تبون لها، كانت قد أرسلت رئيس البرلمان الموريتاني محمد ولد مكت في زيارة عمل إلى المغرب، وهو ما يعكس بحسبه سعي موريتانيا المستمر للحفاظ على هذا التوازن في العلاقات.
وساطة موريتانية
من جهة أخرى، أشار المتحدث ذاته إلى إمكانية أن تحمل الزيارة أبعادًا أخرى، منها أن الرئيس الموريتاني قد جاء للقيام بدور الوساطة بين المغرب والجزائر، خاصة في ظل الحديث عن إمكانية المصالحة المغاربية، إذ رجح في هذا الصدد أن تكون الجزائر قد حملت الرئيس الموريتاني مقترحات لبحث سبل إيجاد حلول للخلافات مع المغرب.
حيث أشار شقير إلى أن العلاقات المغربية الجزائرية في الفترة الأخيرة تشهد توترات كبيرة، وضعت العلاقات بين البلدين أمام خيارين اثنين، إما التصعيد والتوجه نحو حرب مباشرة، أو البحث عن طرق لاحتواء التوتر وحل الخلافات بطرق سلمية.
لذا، يظهر بحسب المحلل ذاته أن الرئيس الموريتاني ربما جاء بمقترحات للوساطة بين الطرفين، التي قد تساهم في التخفيف من حدة التوتر، خاصة أن الجزائر أصبحت تعاني من عزلة دبلوماسية كبيرة، خصوصًا بعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، والذي أسفر عن تداعيات كبيرة، كان آخرها استدعاء الجزائر سفيرها من فرنسا.
أبعاد استراتيجية
وإلى جانب ذلك، ذكر شقير أن الزيارة تحمل أيضًا أبعادًا اقتصادية واستراتيجية، وهو ما أكده بلاغ الديوان الملكي فيما يتعلق بأنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، مشيرا إلى أن موريتانيا تدرك أن مصلحتها ترتبط بنجاح هذا المشروع مع المغرب.
حيث أوضح شقير أن البحث عن المصالح المتبادلة في ملف ربط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا لا بد له أن يكون حاضرًا في المباحثات، وذلك نظرا لكون موريتانيا تشكل حلقة أساسية في هذا المشروع، الذي لا يمكن إنجازه دون المرور عبر أراضيها.