سبع ملاحظات حول “ضفاف” محمد الصبار

ص
ص
- أجرى الصحفي المثابر يونس مسكين ضمن برنامجه الغني “ضفاف الفنجان” استجوابا ضافيا مع محمد الصبار حول تجارب هذا الأخير الإنسانية والسياسية والمؤسسية.
- هاجمت المستجوَب العديدُ من التعاليق، معتبرة، غالبا بحسن نية، أن كل دعوة للإصلاح من داخل أو هامش المخزن بالضرورة غير مجدية ونابعة من البحث عن مصالح شخصية لا غير.
- لم أجد في هذه التعاليق اهتماما بما ساقه الصبار من معطيات قد يكون استغلالها مفيدا في مواجهة العديد من أوجه تغول الحاكمين. بل أعتقد أن عتاة النظام سعداء بالهجومات إياها، لأنها تبطل إمكانيات اقتناع المقربين من النظام بإمكانية مراجعة حساباتهم وخطابهم وتموقعهم، كما وقع في حالات سابقة من قبيل رفض مشاركة ميلود الشعبي في مظاهرات 20 فبراير أو إدانة المواقف الشجاعة ل”الأمير” هشام أو عدم مواجهة المتابعات والأحكام الجائرة في حق النقيب زيان.
- لقد شكل التحاق شخصيات وازنة ضمن الصف المواطن ب”المخزن الجديد” (ولا أشحن هذا التعريف بأي مضمون قدحي) عند بزوغ إمكانية حقيقية للتغيير في العشرين من فبراير 2011 ضربة موجعة للحركة العاملة من أجل التغيير الديمقراطي السلمي. ومن حق أي كان أن يلوم من ساهم في ذلك، والصبار منهم. وكنت قد وافيت الصبار بهذا الرأي قبل أن يقبل بالالتحاق بهيئة الإنصاف والمصالحة. لكن الوقوف عند كل الاختلافات التي عرفها تاريخنا واعتبارها بمثابة قطائع نهائية، من شأنه فقط عدم توفير شروط توافق مجتمعي واسع يسمح بالقطيعة مع الاستبداد والاستحواذ وبتأبيدهما، بدعوى النقاوة الثورية وعدم التورط مع من اختلفنا معه أو نختلف في جزء من القضايا التي تقتضي النضال.
- طبعا من حق المنتقدين أن يستمروا في الاختلاف مع الصبار في قبوله تحمل مسؤولية إدارية في مؤسسة رسمية لم تتوفر الضمانات الكافية لاستقلالها ووفائها لرسالة حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. لكن هذا الاختلاف لا يسقط عن أحد أطرافه حق الوجود والتعبير والحجاج. والمطلوب هو بالضبط القدرة على إغناء النقاش العمومي بتطارح المشاريع الاستراتيجية، وتركيم التوافقات من إقرار بحجم المشاكل والصعوبات، وارتباطها الصميمي بمنظومة الحكم والحكامة، واشتراط المعالجة بالاعتراف بالحاجة لتعرية الواقع وتحديد المشاكل وتطوير الحلول، في استقلال وتساو ومسؤولية تامة لكل من يدَّعون التوفر على معطيات ومشاريع ومقاربات مفيدة للمواطنات والمواطنين.
- لم ينتبه المنتقدون مثلا إلى إدانة الصبار الصريحة لزواج المال بالسلطة، والتي اكتفى بالكلام عنها في نموذج أخنوش، ولا لتأكيده الطابع الكارثي والبنيوي للرشوة، ولا نفيه العملي لتوفر شروط المحاكمة العادلة في اعتقال وإدانة نشطاء الريف، ولا تأكيده أن تعطيل نقاش مشروع المسطرة الجنائية نابع من رغبة النظام في حماية المرتشين، ولا إلحاحه على الحق الثابت في التعبير الحر عن كل رأي مناوئ للتطبيع وبالتالي نزع الشرعية عن المتابعات والاعتقالات المرتبطة بهذا الموضوع… وتمت التضحية باستغلال هذه التصريحات، وهي ثمينة لأنها نابعة من شخص محسوب على “المخزن الجديد”، من أجل التركيز فقط على تسفيه المتكلم.
- النقد لازم، والاختلاف رحمة، لكن تقدم الشعوب يتم إما بالثورات العنيفة التي تسمح للرابح فيها باحتكار كافة الإمكانات وتصفية كل من خالفه، أو بالتوافقات التي تسمح ببلورة أرضيات اتفاق دنيا وبرامج عمل وقوة جماعية تفرض واقعا جديدا لأنها تمتد من أطراف المنظومة السائدة حاليا حتى أعتى معارضيها من مختلف المشارب.