ساعف: العدالة والتنمية حزب لا يشبه باقي الأحزاب وعليه إعادة التفكير في استراتيجياته وتوجهاته
ذكر الأستاذ الجامعي ومدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، عبد الله ساعف، أن حزب العدالة والتنمية يواجه تحديات متعددة تتطلب منه إعادة التفكير في استراتيجياته وتوجهاته، والتي ستضمن له البقاء كقوة فاعلة ومندمجة في النسق السياسي المغربي.
وقال ساعف، خلال مداخلته في ندوة علمية نظمها حزب العدالة والتنمية، حول تجربته السياسية اليوم السبت 02 نونبر 2024، “إن حزب العدالة والتنمية لا يشبه أي حزب من الأحزاب االسياسية الأخرى الموجودة في المغرب”، مشيرا إلى أن ذلك يتجلى منذ تأسيسه، إذ نشأ الحزب في البداية من حركة التوحيد والإصلاح، على عكس ما هو معتاد، بحيث أن الحزب هو الذي يخلق الجمعيات، وذلك هو ما كانت تتبعه الحركة الوطنية في مسارها.
وأشار ساعف إلى أن هذه العلاقة التي كانت تجمع الحزب بالحركة، خلقت إشكالية للحزب بخصوص التمايز بين العمل الدعوي والسياسي وظلت من الإشكاليات الرئيسية التي تواجه حزب العدالة والتنمية منذ بداياته، حيث أشار إلى أن الدولة كانت تلح على أن أي حزب كانت له خلفية دينية، يجب عليه ممارسة السياسىة وترك الدعوة”، مبرزا أن “هذا التمايز لم يمنع من حدوث التداخل بين العنصرين”.
وأشار المتدخل خلال الندوة المنظمة من طرف اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة و التنمية، “إلى أن عدم القدرة على التمايز والفصل بين الشق السياسي والدعوي لدى الحزب هو ما يفسر العديد من التحديات التي يواجهها وآخرها النتائج التي أسفرت عنها انتخابات 2021″، وذلك في إشارة إلى مسألة التطبيع.
وأضاف ساعف أن الأحداث التي عرفتها أمريكا في 11 سبتمبر 2001 و16 وتفجيرات الدار البيضاء في 16 ماي 2003، “شكلت فرصة استغلتها الدولة لتحجيم حزب العدالة والتنمية وتوجيه العديد من الاتهامات إليه”.
كما تابع المتحدث أنه في هذا السياق، دخل الحزب في منافسة مع حزب الأصالة والمعاصرة الذي أحدثته الدولة ما بين 2007 و2008، حيث ذكر أن حزب الأصالة والمعاصرة تبنى استراتيجية مواجهة الإسلاميين، مما وضع العدالة والتنمية في موقف دفاعي.
وذكر أنه بعد ذلك، أتيحت للحزب ظروف مواتية للعودة بقوة، حيث توفرت لديه القوة الذاتية، كما كان هناك نوع من الحظ السياسي، مثل أخطاء السلطة وأخطاء الفاعلين الآخرين وحالة الضعف المستمر التي عانى منها حزب الأصالة والمعاصرة، والذي لم يكن أداؤه مقنعاً في المواجهة.
كما كان هناك المد الإقليمي لأحداث الربيع العربي التي عرفتها تونس ومصر والأردن وسوريا وغيرها من الدول العربية، والذي كان له دوره الهام في توفير بيئة مواتية لعودة حزب العدالة والتنمية إلى السلطة من جديد، وتثبيت وجوده بين باقي الأحزاب الأخرى.
وفي المقابل، أورد ساعف أن الخريطة المجتمعية والتنظيمات السياسية التي كانت تغذي الحزب قد تغيرت الآن، ما يجعل الحزب مطالبا بإعادة النظر في استراتيجياته الداخلية، ومعرفة كيفية تحقيق الاستقلالية وصنع مسار خاص بعيدا عن هذه التأثيرات الداخلية والخارجية التي كانت تمنحه القوة.
وتساءل المتحدث ذاته حول الطريقة التي يعتزم بها حزب العدالة والتنمية التصرف مع كل هذه المعطيات، خاصة وأن الدولة بدورها تدخلت بقوة في إطار السياق الإقليمي والدولي الحالي المفتوح على جميع الاحتمالات.
وخلص ساعف في مداخلته إلى أن هذه التغيرات المجتمعية المتسارعة تنطلب من الحزب الانفتاح على قيم جديدة وسلوكيات مختلفة، ولطالما تشهد الأطراف الأخرى في الساحة السياسية تغيرات جذرية في تنظيماتها وتوجهاتها، فهذا يعني أن العدالة والتنمية بدوره بحاجة إلى التكيف مع هذه التغيرات ليبقى قادرا على الاندماج داخل النسق السياسي بشكل سلس وطبيعي.