story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

“سابقة تاريخية”.. النيابة البلجيكية تحيل ملف جنديين إسرائيليين للجنائية الدولية

ص ص

في سابقة من نوعها، قررت النيابة العامة الفيدرالية في بلجيكا إحالة ملف جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم حرب جسيمة في قطاع غزة.

ويأتي هذا القرار عقب تقديم شكايتين رسميتين من قبل منظمتين حقوقيتين هما مؤسسة هند رجب ومنظمة غلان (GLAN)، تتهمان الجنديين، المنتميين إلى لواء جفعاتي في الجيش الإسرائيلي، بالمشاركة في انتهاكات خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين.

وبحسب معطيات نشرتها شبكة “يورونيوز” الأوروبية صباح الجمعة 1 غشت 2025، فإن الجنديين كانا متواجدين في بلجيكا لحضور مهرجان “تومورو لاند” للموسيقى الإلكترونية في مدينة بووم، قرب بروكسيل، خلال عطلتَي نهاية الأسبوع بين 18 و27 يوليوز، قبل أن يتم توقيفهما لفترة وجيزة من قبل الشرطة البلجيكية على خلفية التهم الموجهة إليهما، قبل أن يُطلق سراحهما لاحقاً.

تحقيق أولي

وأفادت النيابة البلجيكية أنها تلقت شكاوى رسمية يومي 18 و19 يوليوز 2025 من المنظمتين الحقوقيتين، تتهم الجنديين بالتورط في “تدمير ممنهج للبنية التحتية المدنية في غزة”، و”شن هجمات مباشرة على المدنيين”، إلى جانب “التعذيب، والاحتجاز غير القانوني، والتدمير العمدي للمنازل والمستشفيات”.

وبعد دراسة الملفات وتحليل الأدلة المقدمة، خلصت السلطات القضائية البلجيكية إلى أن هناك ما يبرر إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك استنادًا إلى الفقرة العاشرة من المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي، التي تتيح للدولة فتح تحقيقات في الجرائم الدولية بغض النظر عن مكان وقوعها، متى توفرت الشروط.

سابقة قضائية

وفي السياق أكد، المحامي عبد المجيد مراري، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “إفدي” الدولية لحقوق الإنسان، أن إحالة النيابة العامة الفيدرالية في بلجيكا ملف جنديين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية تشكل سابقة قضائية ذات أهمية كبيرة وتحمل رسائل قانونية واضحة.

وأوضح مراري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن هذه الخطوة تُعد رسالة قوية إلى جميع مجرمي الحرب من السياسيين والعسكريين في الاحتلال الإسرائيلي، مفادها أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وأن القضاء الأوروبي أصبح أكثر استقلالية وصارمًا في تطبيق القانون.

وأشار إلى أن هذه الإحالة جاءت بعد اعتقال الشرطة البلجيكية للجنديين خلال مهرجان “تومورو لاند” الموسيقي السنوي في منطقة فلاندرز ببلجيكا، موضحًا أن القضية تمثل تطبيقًا لمبدأ التكاملية الجنائية، حيث رأت النيابة العامة البلجيكية أن الجرائم المنسوبة لهذين الجنديين تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لاستكمال التحقيقات.

وأضاف أن هذه التحقيقات التي بدأت بها النيابة البلجيكية ستُضاف إلى تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، موضحًا أن إحالة القضية من دولة أوروبية عضو في المحكمة يعزز من الوزن القانوني للقضية مقارنة بالشكاوى المقدمة من منظمات حقوقية أو محامين.

وبحسب مراري، فإن الإدعاء العام يدرس حاليًا مسألة توقيف الجنديين اللذين يُعتقد أنهما لا يزالان في بلجيكا ولا يتمتعان بأي حصانة.

وأبرز وجود خلاف بين بلجيكا وإسرائيل حول القضية، حيث اعترض السفير الإسرائيلي لدى الحكومة البلجيكية، مؤكّدًا أن هذا الخلاف لا يتعلق بعمل المحكمة الجنائية الدولية أو القضاء البلجيكي.

واختتم مراري بالتأكيد على أن هذه السابقة القضائية تمثل خطوة قانونية هامة، مستشهدًا بالمادة 14 الفقرة 10 من قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي، التي تمنح الحق في إحالة الجرائم الكبرى إلى القضاء الدولي، وخاصة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما تم تطبيقه في هذه الحالة.

من جهتها، أعربت منظمة “هند رجب” عن “تشجيع حذر” تجاه القرار، لكنها انتقدت “بطء وتعقيد الإجراءات البلجيكية”، معتبرة أنه كان بالإمكان اتخاذ خطوات أكثر جرأة لمنع الجنديين من مغادرة البلاد.

أما صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، فقد كشفت أن “الجنديين غادرا بالفعل إلى هولندا بعد إطلاق سراحهما، ما يعني أنهما لم يعودا إلى الأراضي البلجيكية، ما قد يصعّب من إجراءات المتابعة القضائية”.

سابقة قضائية

ويأتي هذا التطور في وقت تجري فيه المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا موسعًا بشأن الانتهاكات المرتكبة من طرف الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وسط ضغوط حقوقية متزايدة على الحكومات الأوروبية لمساءلة المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في جرائم الحرب.

ويشكل هذا القرار القضائي البلجيكي سابقة على المستوى الأوروبي، وقد يفتح المجال أمام تحركات مماثلة في دول أخرى، خاصة في ظل تصاعد التوترات في غزة وتزايد توثيق الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.