زراعة “أمتضي” دون ماء.. معاناة متواصلة لضحايا الفيضانات وناشط مدني: أنقذوا واحتنا
تتواصل معاناة سكان المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة للأسبوع الثاني على التوالي، بما فيها جماعة أمتضي بإقليم كلميم التي يطالب سكانها الحكومة بإعلان المنطقة منكوبة، لتسريع عملية “فك العزلة” عنهم وإصلاح بنيتهم التحتية المتضررة جراء السيول على مستوى المسالك الطرقية داخل الواحة وقنوات الماء الصالح للشرب، وكذلك الصرف الصحي.
وأشارت جمعيات المجتمع المدني بجماعة أمتضي، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إلى أن السواقي والآبار والأراضي وحقول الواحة في المنطقة تحتاج كذلك إلى اهتمام خاص لإصلاحها وإعادة تهيئتها، مطالبين، بإشراك الساكنة في كل “العمليات الميدانية والتشاور معهم بشأن حاضر ومستقبل هذه المناطق”.
في هذا الصدد، يقول عمر بلحوس رئيس جمعية إيمال أكلوي للرياضة والتنمية والتكافل، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن أهم عنصر في جماعة أمتضي هو الماء الذي يمر إلى حقول واحتهم، مشيراً إلى أنه حتى الساعة لا يصلهم الماء بسبب تضرر العين الوحيدة في الجماعة (بوكاع) والتي تُعد المصدر الأساسي لمياه السقي.
ويضيف بلحوس أنه رغم تظافر شباب المنطقة لإصلاح “الساقية” التي توصل الماء إلى الواحة، إلا أن الوضع مازال في حاجة إلى تدخل من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لإصلاح هذه العين الذي تعرضت لضرر جسيم جراء الفيضانات الأخيرة.
والحال ذاته ينطبق على جميع القنوات التي من المفترض أن يمر من خلالها الماء حيث تهدمت هي الأخرى، حسب الناشط المدني في أمتضي الذي يشدد على ضرورة إصلاح العين المائية “من أجل أن تعود الواحة إلى حياتها المعتادة، ويشتغل الفلاحون في حقولهم مجدداً”، موضحاً أن هؤلاء لا يملكون سوى هذا النبع المائي لسقي حقولهم في الواحة، “التي تضررت هي الأخرى بسقوط حوالي 3 آلاف نخلة، ما يتطلب إعادة تشجيرها من جديد بدعم من الوزارة”.
ومع تدخل السلطات لإصلاح إحدى الطريقين الرئيستين بالجماعة، تظل الطريق الرابطة بين هذه الأخيرة ودوار تعرف أضراراً كثيرة، ويطالب بلحوس بالاهتمام بها أيضاً إلى جانب توفير سيارة نقل مدرسي تقل تلاميذ الدوار المذكور، بعد نقل فصولهم بعيداً عن حيث يقيمون إلى بناية مؤقتة قرب مقر الجماعة بعدما تضررت مؤسستهم التعليمية إبراهيم الدريوش الكائنة وسط الجماعة.
ويقول: “إذا لم يتم إصلاح المدرسة في أقرب وقت لا بد من وسيلة نقل لايستطيع أطفالنا الذين لا يتجاوزون 5 سنوات استئناف دراستهم”، مضيفاُ أنه “لا يمكنهم قطع مسافة تزيد عن 4 كيلومترات بهذا السن وعلى طريق متضررة في مكان ينتشر به الخنزير البري واللصوص”.
وأفاد المتحدث ذاته بأن سكان جماعة أمتضي في حاجة أيضاً إلى سور يقيهم من الفيضانات، مشيراً إلى أن لجنة زارت المنطقة عام 2014 للقيام بدراسة من أجل تشييد جدار لحماية من الفيضانات “لكن لم يتم إنشاء شيء من هذا القبيل حتى الساعة غير سياج خاص بالأراضي الزراعية جرفته السيول الأخيرة”، محذراً من أن ترك الواحة بدون هذا السياج سيتسبب في انجراف تربتها في حال تكررت المأساة.
وجرفت سيول وادي أمتضي، حسب عمر بلحوس، المئات من أشجار النخيل والخروب والزيتون واللوز، ومساحات واسعة من الأراضي في الواحة التي كانت تستغل للزراعات المعيشية، كما طمرت الآبار التي تزود السكان بالماء الصالح للشرب مخلفة أضراراً كبيرة على مستوى قنوات المياه والسواقي القديمة التي تنطلق من عين بوكاع وتسقي حقول الواحة.
وتطالب جمعيات المجتمع المدني في جماعة أمتضي، والتي من بينها جمعية الناشط بلحوس، رئاسة الحكومة بإعلان منطقة أمتضي منطقة منكوبة، “وإيلاء أهمية كبيرة لإعادة الحياة للواحة وفق منظور جديد يستحضر شروط سلامة وأمن السكان، وتوفير مستلزمات الحياة والاستقرار بهذه المنطقة السياحية”، من خلال إعادة إصلاح وتأهيل الواحة بشكل تشاركي مع السكان، وحمايتها من الفيضانات”.
وحثت الجمعيات، حسب نص البلاغ الذي توصل به الموقع، مصالح وزارة الفلاحة والتنمية القروية على ضرورة الإسراع في تفعيل برامج التدخل “لاستصلاح الأراضي والسواقي والآبار والحقول في الواحة ومساعدة الفلاحين في غرس الأشجار وإعادة الحياة للواحة ومراعاة المعايير البيئية”، فضلاً عن “إنشاء أسوار قوية ومقاومة للفيضانات على جنبات الوادي لحماية الواحة من السيول مستقبلاً”.
كما شددت على ضرورة تفعيل أدوار صندوق مكافحة الكوارث الطبيعية لضمان جبر الضرر الفردي والجماعي للمناطق المتضررة بجماعة أمتضي، من خلال إيلاء الأهمية للسدود والعتبات المائية، ووضع وسائل الإغاثة رهن إشارة الجماعة، من سيارات إسعاف وجرافات، ومحركات لتوليد الكهرباء، إضافة إلى وسائل الغوص والسباحة وعناصر بشرية مؤهلة على المستوى المحلي.