رياضيون على مشارف الأربعين
ص
ص
دوري بريزبين الدولي للتنس الذي يقام خلال هذه الأيام بأستراليا، سجل عودة رافاييل نادال من راحة إجبارية طويلة بفعل إصابة بليغة تعرض لها قبل حوالي عام في مباراة ضمن بطولة إنديان ويلز، وخضع على إثرها لعمليتين جراحيتين معقدتين ومرحلة ترويض طبي جد مكثفة لكي يعود إلى الملاعب من جديد.
عودة الماطادور، ذو 36 سنة، انتظرها عشاق كرة المضرب بشغف، مع كثير من التساؤلات حول قدرته في هذا السن على الإستمرار في اللعب بنفس المستوى الذي كان يهزم به أقوى المنافسين ويحصد به الألقاب والكؤوس، ويتربع به على عرش التنس العالمي لسنوات طويلة.
كانت المفاجأة أن وجدوا أمامهم نفس اللاعب الذي يعرفون، لم ينل منه السن ولا الإصابة البليغة ولا فترة الراحة الطويلة شيئا، إذ فاز بسهولة على خصميه في المبارتين الأولى والثانية وقدم مستوى مبهرا، و أمتع الجمهور بأسلوب لعبه المعهود.
في ريال مدريد، لازالنا نشاهد “الموسيقار” الكرواتي لوكا مودريتش، ذو 39 سنة، يلعب ويمتع ويدافع ويوزع كراته الحاسمة، وينافس اللاعبين ذوي العشرين سنة في لياقتهم البدنية، ويكمل التسعين دقيقة بكامل حضوره وشخصيته فوق الميدان.
أندريس إنييستا، ذو 39 سنة، وكريستيانو رونالدو صاحب 37 عاما، لازالا يلعبان في الإمارات والسعودية ويصنعان الفرجة ويسجلان الأهداف وينافسان الخصوم بكامل الندية رغم تقدمهما في السن وتأثيرات العوامل البيولوجية.
وقبل هؤلاء، هناك لائحة طويلة من الرياضيين لم يعتزلوا إلا بعد أن بلغوا الأربعين سنة، ومنهم الكثير ممن تجاوزها بسنة أو سنتين، و آخرهم الإيطالي جونلويجي بوفون، والعداء الإثيوبي هايلي جيبريسيلاسي، ولاعب كرة السلة الإسباني باو كاصول، ولاعب التنس السويسري روجي فيديرير، والإسباني خواكين سانشيز.
ظاهرة ارتفاع معدل السن قبل الإعتزال ازدادت بشكل كبير، خصوصا خلال العقدين الأخيرين، وأصبحت حياة الرياضيين المحترفين في الممارسة أطول مما كانت عليه سابقا، الشيء الذي حفز المحللين والباحثين لدراسة هذا الأمر وتفسير أسبابه.
فإضافة إلى تفسيرات العناية الطبية ووسائل استرجاع الطراوة البدنية بعد المباريات، هناك عوامل أخرى أكثر أهمية هي التي أصبحت تساعد الرياضيين المحترفين على تطوير مستواهم التقني والحفاظ على عطاءاتهم في الملاعب حتى في هذا السن الرياضي المتقدم، أولها اختيار نمط حياة خاصة هادئة وبرنامج للتغذية الصحية والتزام صارم بأوقات النوم و الراحة، و ابتعاد عن كل ما يشتت التركيز على حياتهم الرياضية.
هؤلاء لا ينهون تداريبهم اليومية، ويتجهون بعدها إلى أقرب “حفرة” للسهر حتى مطلع الفجر على إيقاع “المعسل” و الموسيقى الصاخبة، و لا يأكلون “الطاكوس” في منتصف الليل، و لا يقضون يومهم في “التفرفير” بسياراتهم في الشوارع و الأزقة.
هؤلاء ببساطة محترفون في عقليتهم، ويحترمون مهنتهم التي تصنع ثروثهم ومجدهم، ويعطونها حقها بالإنضباط لشروطها، ومن الطبيعي أن يستمروا في ممارستها حتى هذا السن الرياضي المتقدم.