رغم الجدل.. جماعة الرباط تصادق على تفويت أرض مخصصة لمراكز اجتماعية لبناء مقر للبنك الدولي

صادقت جماعة الرباط، خلال دورتها يوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، على مشروع تفويت بالتراضي لقطعة أرضية من ممتلكاتها الخاصة الواقعة في القطاع 13 بحي الرياض، لفائدة مديرية أملاك الدولة، التي ستمنحها بدورها إلى فرع البنك الدولي من أجل تشييد مقره الجهوي المخصص للمغرب ومالطا.
وكان العقار موضوع التفويت الذي تبلغ مساحته 1021 مترًا مربعًا، مخصصًا في تصميم التهيئة لإقامة تجهيزات جماعية، من بينها دار للشباب ودار للنساء، حسبما أفاد عمر الحياني، المستشار ببلدية الرباط عن فيدرالية اليسار الديمقراطي.
وفي السياق، اعتبر عمر الحياني، عضو مجلس مدينة الرباط والخبير الاقتصادي، أن عملية تفويت قطعة أرضية بحي الرياض، تابعة للأملاك الخاصة للجماعة، لفائدة مديرية أملاك الدولة التي تعتزم منحها بدورها لفرع البنك الدولي، تُعد مخالفة صريحة لتصميم التهيئة المعتمد للمنطقة.
وأوضح الحياني، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن “البقعة المعنية مخصصة في مخطط التهيئة لإنجاز تجهيزات عمومية، وهو ما أكدته أيضًا رئيسة الجماعة، فتيحة المودني، خلال اجتماع المجلس”.
وأضاف أن وثيقة صادرة عن شركة تهيئة حي الرياض تُبين أن من بين المشاريع المبرمجة في هذه البقعة دارًا للشباب وناديًا نسويًا، ما يعزز أهمية الحفاظ على الطابع العمومي للعقار.
وأكد عضو مجلس الرباط أن “الاحتفاظ بهذا الوعاء العقاري أمر أساسي، نظرًا للحاجات الكبيرة التي يعانيها حي الرياض في مجال التجهيزات العمومية”، مضيفًا أن “الحي، رغم مكانته كأحد الأحياء الراقية بالعاصمة، يفتقر إلى مرافق اجتماعية وثقافية توجد في أحياء أخرى بعدة مدن مغربية”.
وشدد الحياني على ضرورة “احترام مخططات التهيئة وعدم تحويل العقارات المخصصة للمرافق العامة إلى استعمالات أخرى”، معتبرًا أن “الحفاظ على هذا الخزان العقاري يضمن وجود أراضٍ جاهزة حين تتوفر الاعتمادات المالية لإنجاز التجهيزات العمومية، بدل أن يجد المجلس نفسه مستقبلاً عاجزًا عن إيجاد أوعية عقارية مناسبة”.
وختم بالقول إن موقفه “ينطلق من الدفاع عن المصلحة العامة وضرورة احترام التوجهات الحضرية المعتمدة، بما يضمن توازن التنمية داخل المدينة وعدالة الولوج إلى المرافق العمومية”.
وحسب مذكرة التقديم الصادرة عن جماعة الرباط، فإن العملية تأتي “في إطار تعزيز مبادئ الشراكة الفعالة بين المؤسسات العمومية، وتشجيع الاستثمار ودعم الدينامية الاقتصادية على المستوى المحلي”، مشيرةً إلى أن الطلب توصلت به الجماعة من مديرية أملاك الدولة قصد اقتناء العقار لفائدة البنك الدولي لتشييد المقر الجهوي الذي سيغطي نشاطه الترابي المملكة المغربية وجمهورية مالطا.
وتضيف المذكرة أن المشروع “من شأنه أن يسهم في تعزيز المكانة الدولية للعاصمة، وخلق فرص جديدة للتعاون الدولي، وفرص شغل مباشرة وغير مباشرة”، معتبرةً أنه “يكرس الانفتاح المؤسسي ويعزز مكانة الرباط كمحور جذاب للاستثمارات ذات البعد الدولي”.
وسيُحدَّد ثمن التفويت من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، وفقًا للمساطر القانونية المعمول بها، على أن يتم إيداع ضمان مالي لدى المحاسب العمومي باسم الجماعة إلى حين استكمال جميع إجراءات التفويت وإنجاز المشروع وفق دفتر التحملات الموقع بين الطرفين.
وتنص بنود دفتر التحملات على أن المستفيد من التفويت أي مديرية أملاك الدولة يلتزم بتسليم العقار للبنك الدولي قصد تشييد المقر وفق التصاميم والمواصفات المحددة، مع إخضاع المشروع لعمليات معاينة دورية من طرف لجنة مكونة من ممثلين عن الجماعة، والسلطة المحلية، والوكالة الحضرية، وأقسام التعمير والممتلكات.
ويأتي هذا القرار في سياق اجتماعي متوتر، حيث تشهد العاصمة في الأيام الأخيرة احتجاجات متفرقة لجيل “Z” من الشباب، الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية والفرص الاقتصادية ومرافق القرب.
ويعتبر بعض النشطاء أن “بيع أرض كانت مخصصة لدار الشباب ودار النساء لفائدة مؤسسة مالية عالمية” يوجه “رسالة سلبية” بخصوص أولويات السياسات المحلية في مجال التنمية الاجتماعية.