story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

المجلس الأعلى للحسابات يكشف “إخفاقات كبيرة” في برامج محاربة الأمية

ص ص

كشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي برسم سنتي 2023-2024، أنه وبالبرغم من الجهود المبذولة لمحاربة الأمية، إلا أن أكثر من 9 ملايين شخص في المغرب، من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق، لا يزالون أميين، “ما يبين أن برامج محاربة الأمية لم تحقق الأثر المرجو في القضاء على ظاهرة الأمية”.

وفي هذا السياق، ذكر التقرير أنه منذ إطلاق الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة الأمية في المغرب، خاصة بعد 2004، جرت عدة محاولات لتطوير هذا القطاع، كان آخرها إصدار خطة عمل جديدة من طرف الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، غير أنه ورغم تخصيص غلاف مالي كبير بلغ حوالي 2.971 مليون درهم بين 2015 و2023، “إلا أن النتائج لم تواكب حجم التحديات القائمة”.

وأظهر التقرير أن معدل الأمية في المغرب لا يزال مرتفعًا، إذ تجاوزت نسبة الأمية 34.2% في سنة 2021، وقد كانت الأهداف التي وضعتها الاستراتيجيات السابقة قد شهدت تقليصًا ملحوظًا، مما أدى إلى تأخير في المواعيد المقررة للقضاء على الأمية بشكل شبه كامل.

ومن بين التحديات التي تعيق تحقيق الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لأهدافها، سلط التقرير الضوء على إشكالية عدم اعتمادها على البعد الترابي في استراتيجياتها، حيث أوضح أن هذه الاستراتيجيات لم تأخذ بعين الاعتبار تفاوت نسب الأمية بين مختلف الجهات المغربية، أو الخصوصيات الثقافية والاجتماعية التي تميز كل جهة.

كما أشار التقرير أيضًا إلى ضعف آليات التنفيذ والمتابعة للبرامج، حيث تسجل الوكالة أداءً ضعيفًا جدًا في مراقبة صرف الأموال، إذ بلغ متوسط الأداء المالي حوالي 29% من مجموع النفقات الملتزم بها بين 2015 و2022، مما أدى بحسب التقرير إلى تراكم ديون تجاوزت 584 مليون درهم في 2022.

وفيما يتعلق بالتمويل، أبرز المصدر ذاته أن الوكالة اعتمدت بشكل أساسي على الدعم الحكومي الذي شكل ما يقارب 84% من مواردها بين 2015 و2023، بينما كانت مساهمة الاتحاد الأوروبي تصل إلى 14% فقط. فيما لم تتجاوز مساهمة مجالس الجهات والقطاعات الحكومية الأخرى 2% من مجموع موارد الوكالة.

ومن جهة أخرى، أشار المصدر إلى أن غياب نظام تصنيف للجمعيات العاملة في مجال محاربة الأمية أثر على قدرة الوكالة على تقييم أدائها بشكل دقيق، مبرزا أن عدم تصنيف الجمعيات وفق معايير مهنية، وتوفير آليات متابعة دقيقة، شكل عائقا أمام تحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة.

وفي هذا السياق، أبرز التقرير أيضًا غياب إجراءات عملية للتأكد من ملاءمة فضاءات التكوين المقترحة من طرف الجمعيات، حيث تم رصد وجود بعض المقرات غير المؤهلة، مثل الشقق والمنازل السكنية، التي تفتقر إلى أدنى معايير التكوين الجيد، ما ينعكس سلبا على جودة الدروس.

وفيما يخص معدلات الحضور والانضباط في دروس محاربة الأمية، أظهر التقرير أنها سجلت معدلات ضعيفة جدًا تقدر بحوالي 40% في بعض الحالات، وهو ما يعكس عدم التزام المستفيدين من البرامج، ما يشكل تحديا إضافيا أمام نجاح هذه البرامج.

ومن جانب آخر، ذكر ذات التقرير أنه وعلى الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على اعتماد المناهج التعليمية لبرامج محاربة الأمية، إلا أن الوكالة لم تقم بعد بتحديث هذه المناهج، مما يعيق تكيفها مع حاجيات الفئات المستهدفة، خاصة في مجال اللغات والرياضيات والعلوم.

فضلا عن ذلك، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات بطء وتيرة تكييف برامج محاربة الأمية مع خصوصيات الفئات المستهدفة، مما أثر على قدرة هذه البرامج على الاستجابة لاحتياجات الفئات الهشة مثل الأشخاص في وضعية إعاقة وغيرهم من الفئات الاجتماعية.

وفي هذا السياق، أوصى المجلس في تقريره بتطوير عقد برنامج بين الدولة والوكالة، من أجل تحديد أهداف استراتيجية واضحة ضمن جدول زمني مناسب، مع ضرورة وضع آليات دقيقة لمتابعة تنفيذ البرامج وتقييم نتائجها بشكل منتظم.

كما أوصى المجلس بتحسين فعالية برامج محاربة الأمية من خلال تصنيف الجمعيات المتخصصة في هذا المجال، وتحديد معايير دقيقة لاختيار هذه الجمعيات وفقًا لاحترافيتها ومواردها البشرية المتخصصة. الأمر الذي سيساعد في تحسين جودة التكوينات المقدمة.

وإلى جانب ذلك، شدد التقرير على ضرورة إشراك ذوي الاختصاص في مراجعة المناهج الدراسية والمواد التعليمية الخاصة بمحاربة الأمية، وذلك لتكييفها مع احتياجات المستفيدين وتوفير بيئة تعليمية ملائمة تضمن فعالية أكبر لهذه البرامج.

وخلص تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى التأكيد على أهمية اتخاذ تدابير فورية لتجاوز النقائص الحالية في برامج محاربة الأمية، عبر إشراك جميع الفاعلين المحليين، وتوفير الدعم الكافي للمجتمع المدني لضمان نجاح هذه البرامج وتحقيق نتائج ملموسة في محاربة الأمية بالمغرب.