story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

رغم ارتفاع المعاملات البنكية.. خبير: الاقتصاد المغربي ما زال أسيرا لـ”الكاش”

ص ص

قال المحلل الاقتصادي ياسين اعليا إن المعطيات الأخيرة التي كشف عنها التقرير السنوي حول بنية الأسواق المالية ووسائل الدفع ومراقبتها للسنة المالية 2024، الصادر عن بنك المغرب، تُظهر تحولا ملحوظا في الاقتصاد المغربي وتعامل المغاربة مع وسائل الأداء، لكنه شدد بالمقابل على أن استمرار هذا التغير يظل محدودًا في ظل عوامل بنيوية مرتبطة بسياق الاقتصاد الوطني.

وبحسب معطيات التقرير، فقد شهد الطلب على النقود المتداولة في عام 2024، تراجعا ملحوظا، رغم بقائه أعلى من المستويات المسجلة قبل الجائحة، ويعزى هذا التطور بشكل رئيسي إلى العملية الاستثنائية للعفو الضريبي، التي مكنت من امتصاص جزء كبير من النقد المحتفظ به لدى الأفراد، مما قلل من عمليات السحب النقدي.

كما كشف أن طرق الدفع غير النقدية في المغرب بقيت مستقرة منذ 2016، مع بقاء التحويل البنكي الأكثر استخداماً بنسبة 48,9٪ في 2024، متقدما على البطاقة البنكية والسحب المباشر والشيكات، بينما بقيت المعاملات عبر الهاتف المحمول والتحويل الفوري محدودة.

وأشار التقرير إلى أن عدد العمليات غير النقدية ارتفع بنسبة 27٪ في 2024 ليصل إلى 625 مليون عملية، في حين ارتفعت قيمتها إلى 5,543 تريليون درهم، بمعدل 16 عملية لكل فرد في السنة، مقابل 13 عملية في العام السابق، مما يعكس تزايد الاعتماد على المدفوعات الرقمية.

واعتبر المحلل الاقتصادي ياسين اعليا، أن “هذا التغير يحمل دلالات مهمة حول مسار الاقتصاد الوطني”، مشددا على أن “هذه المؤشرات لا يمكن فهمها بمعزل عن التحولات التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة”.

وأضاف أن “هذا التحول ليس وليد اللحظة، بل هو ناتج عن تراكمات كبيرة، عززتها بشكل خاص فترة الحجر الصحي خلال جائحة كوفيد-19، التي غيرت أنماط استهلاك المواطن المغربي، وجعلته أكثر اعتمادا على أساليب الاستهلاك عن بعد، مثل التحويلات البنكية والعمليات الرقمية والتجارة الإلكترونية”.

وفي هذا الإطار، أظهر التقرير ذاته، أن عمليات الأداء بالبطاقات البنكية واصلت ارتفاعها خلال سنة 2024، إذ ارتفع عدد طلبات التفويض التي يعالجها نظام HPSS بنسبة 16,1% ليصل إلى 289,3 مليون عملية، بقيمة إجمالية بلغت 207,6 مليارات درهم، وتمت الموافقة على 87,1% من هذه العمليات، أي ما يعادل 252 مليون معاملة، فيما ارتفعت قيمتها المالية لتبلغ 110,7 مليارات درهم.

أما بالنسبة للأداء عبر الهاتف المحمول، فقد سجل التقرير بدوره تطورا مهما، إذ عالج النظام 235.603 طلب تفويض في 2024 مقابل 138.329 في العام السابق، أي بارتفاع واضح، وتمت الموافقة على 72,7% من هذه العمليات، وهو ما يمثل حوالي 171 ألف معاملة بقيمة تقارب 70 مليون درهم.

وبشكل عام، أكد التقرير أن حجم المعاملات المالية التي تمر عبر نظام HPS Switch عرف ارتفاعا كبيرا، إذ وصلت قيمة الأرصدة المحوّلة نحو نظام SRBM إلى 130,8 مليار درهم في 2024، مقابل 113 مليارا سنة 2023، محققة بذلك زيادة قدرها 15,7%.

وعلى الرغم من ارتفاع أرقام التحويلات والمعاملات البنكية، يرى اعليا أن الاقتصاد المغربي يظل مرتبطا بالمعاملات النقدية “الكاش” بشكل كبير، موضحا أن الارتفاع في العمليات البنكية لا يعكس بالضرورة تحولا جوهريا في أنماط الأداء المالي للمواطنين، خاصة في ظل استمرار هيمنة التعامل النقدي في قطاعات واسعة من الاقتصاد.

ويرى اعليا أن القطاع غير المهيكل يلعب دورا محوريا في هذا الارتباط بالكاش، إذ يسيطر بشكل كبير على التعاملات اليومية دون المرور بالقنوات البنكية، مشيرا إلى أن حجم هذا القطاع يقدر بحوالي 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ما يجعل أي تحول رقمي شامل محدودا التأثير طالما استمرت هذه الهيمنة.

وأضاف أنه بالرغم من الجهود التي بذلت لزيادة الإيداعات في البنوك، مثل المصالحة الضريبية والدعوة للمساهمة الإبرائية، يرى المتحدث أن المواطنين عادوا مرة أخرى إلى استخدام النقد بشكل واسع، ما يعني أن الضغط على السيولة البنكية لم ينخفض كثيرا.

وخلص اعليا إلى التأكيد على أن أي حديث عن تحول كامل للاقتصاد المغربي نحو الأداء عبر العمليات البنكية وتقليل التعامل بـ “الكاش” يظل سابقا لأوانه، مبرزا أنه لطالما لم تُحل إشكالية القطاع غير المهيكل، سيبقى “الكاش” هو الأساس في دواليب الاقتصاد، وستظل المعاملات الرقمية محدودة الانتشار والتأثير.