story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

ردا على رسالته.. الرميد للجامعي: لست مفتيا ولا مرشدا فلا تكن محرضا

ص ص

اتهم المحامي والوزير السابق المصطفى الرميد النقيب عبد الرحيم الجامعي بالتحريض على “استباحة عقيدة أكثر من مليارى مسلم عبر العالم، بدعوى الحق في الاختلاف (…) فحرضت من حيث تدري أو لاتدري على اعتبار وصف الله تعالى بالشدود، وهي عبارة موغلة في الإساءة (…) على أنه مما يدخل في الرأي والخلاف”، مخاطبا إياه “أنت أيضا، لست مفتيا، ولا مرشدا، فلا تكن محرضا”، وذلك في رد على رسالة الجامعي التي وجهها للرميد بعد أن طالب الأخير بالمساءلة القانونية للناشطة ابتسام لشكر على خلفية تدوينة مسيئة للذات الإلهية.

وقال الرميد، يوم الخميس 14 غشت 2025، في الرد الذي عنونه بـ”أنت أيضا، لست مفتيا، ولا مرشدا، فلا تكن محرضا”، واطلعت عليه صحيفة “صوت المغرب”، إن رسالته جاءت بصيغة “قد لا يستسيغها بعض الأفاضل”، لكنها جواب على أساس “قول الله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، إنه لايحب الظالمين)”، وفقاً لنص الرسالة.

وأضاف أنه مضطر للجواب “بعد أن طفح الكيل، خاصة وأن الموضوع مرتبط بما لا يجوز السكوت عنه”، مشيراً إلى أنه لم يُجب مراراً على ما وصفها بـ”تجاوزات النقيب الجامعي”، سواء لما كان مسؤولاً حكومياً على رأس وزارة العدل أو بعد ذلك.

وقال الرميد مخاطباً الجامعي “إنك إذ أقحمت نفسك في الموضوع، وبالشكل الذي جاءت به رسالتك، فإنك نصبت نفسك من حيث لاتدري مفتيا ومرشدا، بل ومحرضا”، معللاً ذلك باعتبار أن النقيب “لم يطلب قول أهل الاختصاص، ممن لهم حق الإفتاء والإرشاد”.

وأضاف: لقد “منحت نفسك حق الإفتاء، في كون نعت الذات الإلهية بذلك الوصف السيء القبيح، يدخل في باب الحق في الرأي والخلاف، بل إنك بمضمون رسالتك تلك، تحرض على استباحة عقيدة أكثر من مليارى مسلم عبر العالم، بدعوى الحق في الاختلاف.

وأوضح الرميد أن المعنية بالأمر، في إشارة إلى الناشطة ابتسام لشكر “لم تعبر عن رأي مجرد، ولا هي قالت بقول مخالف، ولم تقل إنها لاتؤمن بالله، بل أساءت إلى ذات الإله المعبود المقدس”.

وأكد على أن الله تعالى “كما هو معلوم جوهر العقيدة والدين، والدين من الثوابت الجامعة لهذا الشعب بصريح الدستور”، مضيفاً في رسالته إلى الجامعي “إنك إذ نهيتني عن أكون مفتيا أو مرشدا، نصبت نفسك في الموقع الذي نهيتني عنه، هذا، لو صح أني نصبت نفسي بما وصفتني به”.

وذكر الرميد أن من أطلق ما وصفه الجامعي بـ”نار الكراهية” تجاه لشكر، فيما تم التعبير عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، “هي صاحبة القول المنكر المذموم نفسها (ابتسام لشكر)، لأنها إذ أساءت إلى عقيدة الناس واستفزتهم، جلبت على نفسها شجبهم وسخطهم، وما أنا إلا واحد منهم”.

واعتبر المحامي ووزير العدل الأسبق أن الصدور تتسع لكل الآراء المخالفة مهما كانت، حينما تقف عند حدود الرأي، “أما حينما تصبح إساءة صريحة فاقعة فلا يمكن لمسلم أو مسلمة، أن يتسع منهما الصدر للسب أو الإساءة البليغة للذات الإلهية”، يضيف المتحدث.

واستشهد الرميد بالآية القرآنية “وقالت اليهود يد الله مغلولة، غلت أيديهم، ولعنوا بما قالوا”، متسائلاً “أيهم أسوء في الوصف، وأكثر قبحا في القول؟ قول اليهود (يد الله مغلولة) أم قول القائلة بأن الله تعالى (شاد)، سبحانه وتعالى علوا شديدا، عما يقوله المنحرفون الشادون”، بحسب نص الرسالة.

أما بخصوص مخاطبة الجامعي للرميد بأنه ليس وصيا “لا على عقل أحد، ولا على عقيدة أحد، ولا على أقوال أحد، ولا على انتماء أحد، لأن هناك من هم مكلفون بنشر وتطبيق القانون وحماية الأمن، وإصدار الأحكام، وتنفيذها وحراسة المعابد”. فرد مصطفى الرميد قائلاً: “صدقت في قولك هذا، بل أنت محق فيه، لأني فعلا مجرد مواطن كباقي المواطنين والمواطنات، ولكن من قال لك أني نصبت نفسي وصيا على عقل أحد أو عقيدته أو أقواله أو انتمائه؟”.

وذكّر الرميد بموقفه حينما كان وزيراً للعدل، إذ أمر النيابة العامة حينها بأن تطلب البراءة في المرحلة الاستئنافية لشخص أعلن اعتناقه دين النصرانية، بعد أن “أدين ابتدائيا بتهمة زعزعة عقيدة مسلم”، وذلك بعدما تبين للرميد بحسب تعبيره “أنه لم يزعزع إلا عقيدته هو (الشخص)، دون غيره، وهو ماجعل المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المستأنف مع البراءة”.

وأوضح أن موقفه راجع لاعتبار أنه “شتان بين من يكون له رأي أو عقيدة أو قول مجرد من الإساءة، “وبين من يستهدف استفزاز المشاعر الدينية للناس، وتستهويه الإساءة إلى معتقداتهم، فيعمد إلى الأوصاف المشينة القبيحة وينسبها إلى الله تعالى”.

وأشار إلى أنه لم يقم إلا بواجبه كمواطن عندما قام بالتبليغ لدى السلطات “عما يجب التبليغ عنه”، معتبراً أن ذلك هو “ما تستوجبه المواطنة الحقة التي لاتقبل المس بالثوابت الجامعة، ويبقى لها وحدها سلطة التقدير والقرار”.

وفي رده على دعوة الجامعي له ليتقدم طرفا مدنيا ضد لشكر إن كان متضررا، ويدخل المسطرة “من بابها الأصيل، وليس من خلفها، ويجعل مواجهته حضورية وعلنية إن كنت تؤمن بفلسفة المحاكمة العادلة”. اتهم الرميد الحقوقي والنقيب بالجهل بالقواعد القانونية المسطرية وتطبيقاتها القضائية بالمملكة، “والتي لاتسمح بإقامة الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة إلا لمن تعرض شخصيا لضرر جسماني، أو مادي أو معنوي بشكل مباشر”.

وهو ما يجعل محاكم المحكمة، يضيف صاحب الرسالة “لا تقبل أي انتصاب للحق المدني في مثل الحالة المثارة، على خلاف ادعاءاتك، وأنت المحامي القيدوم”.

وقال الرميد مخاطباً زميله: “إنك أنت الذي دخلت المسطرة من بابها الخلفي برسالتك تلك، إذ كان عليك أن تحتفظ بكلامك ذاك ودفاعك إياه، لتتقدم به أمام المحكمة المختصة، في إطار ماينبغي ضمانه للمعنية بالأمر، من دفاع و محاكمة عادلة، لعل ذلك ينفعها بشيء”.

وأضاف: “أما أن تعتمد أسلوب الدفاع عن المعنية بالأمر أمام الرأي العام، فتأكد أنه دفاع خاسر، وأنك زدت الطين بلة وناقضت نفسك بشكل صارخ”، داعياً إياه إلى النظر إلى حجم من وصفهم بـ”المنكرين عليه” ممن وصفهم الجامعي بحسب نص الرسالة بـ”قضاة الشارع والحانات والمناسبات”. وأشار الرميد إلى أن هؤلاء “منهم الفقهاء ورجال القانون وغيرهم”.

ونبه في رسالته إلى أن اعتبار حرية الرأي والاعتقاد حق ثابت لكل شخص، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، لا يعد “حقا مطلقا يتيح للأشخاص التعبير عن معتقداتهم وآرائهم بطريقة متوحشة وسيئة”، مشيراً إلى أن ذلك “مقيد بقيود، نصت عليها المواثيق الدولية المعتمدة بشكل واضح وصريح”.

واستشهد في هذا الصدد بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحديداً بالمادتين 18و19 اللتان نصتا على حق كل شخص في حرية التفكير والضمير والدين، وعلى الحق في الرأي والتعبير، في الوقت الذي تنص فيه المادة(2) 29 من الإعلان نفسه على أن “الفرد يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام، والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي”.

كما أشار إلى المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي صادق عليها المغرب، مبيناً أنها “إذ قررت على أن لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين.. فإنها نصت على أنه لايجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون، والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم”.

وشدد على أن هذه النصوص تفند بشكل قاطع من وصفهم بـ”أدعياء الحرية المطلقة” في التعاطي مع المقدسات الدينية، مشيراً إلى أن ذلك هو ماجعل المحكمة الأوربية لحقوق الانسان “تقضي في قضية المسماة E.S ضد النمسا، أن حرية من وصفت النبي محمد، بأنه (بيدوفيلي) خلال ندوة، بأن تصريحها تجاوز الحدود المسموح بها للنقاش الموضوعي، ولم يساهم في نقاش عام مفيد”.

وأشار إلى أن تصريحاتها “كانت موجهة أساسا للنيل من مكانة النبي الدينية، ولم تكن نقدا أكاديميا أو تاريخيا”، واعتبرته المحكمة رأيا قادرا على إثارة التحيز وتهديد السلام الديني داخل المجتمع النمساوي، متسائلاً “هكذا المجتمع النمساوي، فما بالك بالمجتمع المغربي؟”.

وخلص الرميد في رسالته إلى أنه “مما ألحق الأذى الجسيم، في العالم العربي والإسلامي بصورة حقوق الإنسان المقررة في المواثيق والعهود الدولية، هي القراءات الانتقائية التي تقول خطاً بتناقضها مع قطعيات الدين”، أو تلك التي تقوم بحسب وزير العدل الأسبق “بتأويل تلك النصوص، وإخراجها عن معانيها الأصيلة، مما جعلها أبعد ماتكون عن الحكمة التي جاءت بها”.

وفي هذا السياق، كان النقيب والمحامي عبد الرحيم الجامعي قد انتقد وزير العدل السابق، والمحامي مصطفى الرميد، على خلفية التدوينة التي طالب فيها بالمساءلة القانونية للناشطة ابتسام لشكر بسبب صورة “مسيئة للذات الإلهية”.

وقال الجامعي في رسالة وجهها لرميد: “لم تتوقف عند التعليق على ما اعتبرته أنت إساءة صدرت عنها ‘للذات الإلهية’، بل وضعت عمامة المتطرف والمفتي و لبست ثوب التحريض والوعيد، وطالبت كما تطالب النيابة العامة بإنزال القسوة والحزم القوي ضدها ، دون أن تبالي بأنك أشعلت نار الحقد والكراهية ضد امرأة”.

وأضاف في رسالته، التي عنونها هو الآخر، بـ”لست لا مفتيا ولا مرشدا، فلا تكن محرضا”، أن تدوينة الرميد “ألهمت قريحة ‘قضاة الشارع والحانات والمناسبات’، ممن يحاكمون الناس في الملأ عوض قضاة المجالس القضائية وجرهم قلمك وكلامك ليطالبوا برأسها، ومن يدري فقد تكون كتاباتك وراء استفزاز طائش من المحتمل وقوعه عليها لا قدر الله”.

وتابع: “ولكن الذي لا شك فيه هو أنك ستكون سعيدا عندما تحملها أحكامهم العشوائية للمقصلة بفضل تقلدك لدور الاتهام ودور الحكم، وأنت لست لا قاضيا جالسا و لا قاضيا للاتهام”.

وكان الرميد قد نشر تدوينة له، يوم الأحد 10 غشت 2024، طالب من خلالها بالمساءلة القانونية لابتسام لشكر بسبب صورتها (أو صورها) المسيئة للذات الإلهية.

وقال الرميد في تدوينته: “حينما تكون الإساءة إلى مقدسات الدين ليس تصريحا عارضا، ولا خطأ تعبيربا، ولا فكرا مخالفا، وإنما هو عمل مدبر، وتعبير مسيئ للذات الالهية عن قصد مؤكد ، وسبق إصرار مبيت”.

واعتبر المتحدث أن الناشطة ابتسام لشكر تستحق المساءلة، “إذا صح مانسب اليها من وصف لله تعالى مما نسب إليها في بعض المواقع، ليس عن فكر مخالف، أو رأي خاص، ولكن عن إساءتها المتعمدة لله عز وجل، إذ وصمته بما لايجوز قوله، ولا يليق سماعه”.

وبعد ساعات فقط من التدوينة، أعلن بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، أنه تم وضع الناشطة ابتسام لشكر تحت الحراسة النظرية، وذلك بعد نشرها لتدوينة تسيء للذات الإلهية، مشيرا إلى أن النيابة العام أمرت بفتح بحث في الموضوع.

وأفاد البلاغ أن هذه الخطوة جاءت “على إثر قيام سيدة بنشر صورة لها بحسابها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي تظهر فيها وهي ترتدي قميصا مكتوب عليه عبارات مسيئة للذات الإلهية وأرفقت الصورة بتدوينة تتضمن إهانة للدين الإسلامي”.

في هذا السياق، قال الجامعي في رسالته إلى الرميد “اليوم أصبحت جالسا على منصة محكمة الشارع تستعمل حريتك في الرأي وفي التعبير، وتدعو لقمع حرية غيرك في الرأي وفي التعبير باستعمال مرجعياتك الأيديولوجية والسياسية، وتمنع عن غيرك ألا تكون له إيديولوجيته وعقله واختياراته، وتتناسى أن الحق في الرأي والتعبير حق كوني يتساوى أمامه كل من ينتمي للإنسانية دون تمييز”.

ودعا الجامعي وزير العدل الأسبق إلى ترك المسطرة “التي انطلقت تجري مجراها بين يدي القضاء باحترام، وأن تمتنع عن ممارسة أي عمل قد يؤثر على مسار العدالة، أو قد يفهم هكذا، لأن مثل هذا السلوك يعاقب عليه القانون كذلك بمنطق العقاب الذي تتحدث أنت عنه”.

وأضاف “فأنت محام وتعلم أن المحامي لا يعطي تعليمات للقضاء، وإن كنت متضررا فتقدم طرفا مدنيا ضد السيدة لشكر وادخل المسطرة من بابها الأصيل وليس من خلفها، واجعل مواجهتك معها حضورية وعلنية إن كنت تؤمن حقيقة بفلسفة المحاكمة العادلة”.

وختم الجامعي رسالته قائلا: “أتمنى أن تكون محاميا تقاتل من أجل الرأي الذي لا يعجبك، وأما كسياسي وحزبي فالأمر أمرك يهمك وحدك، ما أحوجنا أحيانا للرجوع والتذكير بمقولات حكماء الأنوار”.