story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

رجاء اسمعوا صوت الشباب.. من أسلوب الاحتجاج إلى تغطية كل احتياج

ص ص

الضرورة تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى في زمن الثورة الرقمية، العمل على الحفاظ عن المكتسبات الحقوقية في مغرب يرد أن يتموقع في موقع أحسن مما هو فيه، و الواقع يبرز أن ما نراه هو انعكاس طبيعي لفشل حكومي ذريع و سياسات قطاعية اجتماعية غير مجدية، جعلت بلادنا تحطم رقما قياسيا في عدد الشباب بدون تعليم و لا تكوين و لا عمل، بلغ رقما مخيفا هو 4.2 مليون شاب حسب تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي لسنة 2024، كما أن معدلات البطالة قد بلغت أرقاما غير مسبوقة في عهد حكومة أخنوش،  لتصل إلى سقف 13.2 بالمائة عموما و أكثر من 40 بالمائة في صفوف حاملي الشواهد وما يقارب 45 بالمائة في المجال القروي حسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، فالتعليم و الصحة هما أساس أي تنمية منشودة، و غير مقبول تماما هذا التوجه الليبرالي المتوحش بشأنهما في ظل خوصصة شاملة و مقنعة حطمت كل الأرقام في عمر حكومة تدعي أنها اجتماعية !، فالتجارة في كل شيء أصبحت هي العنوان الأبرز اليوم، و تضارب المصالح أصبح في نظر رئيس هذه الحكومة أمرا عاديا، و أن الهم كل الهم هو مراكمة الثروات و نهب الخيرات التي ينعم بها هذا الوطن .

السؤال المحير و المخيف اليوم، هو أن نخون كل من يحتج ! وهو يرفع سقفا محدودا لمطالب اجتماعية صرفة، أمله بسيط في العلاج و التعليم و التكوين و الشغل و العيش بكرامة، و هي مجالات تهم الجميع من المحتجين و غير المحتجين و حتى كل الأجهزة الأمنية باختلافها، التي تكلفت بتصريف الهاجس الأمني عبر قمع دينامية الفعل الاحتجاجي السلمي، و ما يؤكد ذلك هو لجوء الغالبية العظمى من مختلف الفئات الاجتماعية كرها إلى التعليم الخاص اذا أردت نوعا ما تعليما ” جيدا “، و اللجوء ذليلا إلى قطاع صحي يبتزك لأجل تقديم علاج غير مضمون، فقط بشيك بنكي  “مضمون “، حقا إنه الجنون في زمن الحيرة أمام رهانات التميز و أوراش التنمية المنشودة، فإن كنا قادرين على رفع التحدي الرياضي خاصة في مجال كرة القدم و تفوقنا فيه إلى حد كبير و تركنا العالم مندهشا لما بلغناه، فلنرفع أيضا كل التحديات لانطلاقة واعدة حقا في تعليمنا و صحتنا و نرتقي في كل المجالات على خطوط التوازي، و نحقق معنى مبدأ المساواة و العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل لخيرات هذا الوطن .

أظن أن الرسالة قد وصلت لمن يهمه الأمر، والمفروض هو أن نستمع لصوت الشباب جيدا، و نسمع كذلك صوت الحكومة النائمة اليوم أمام احتجاجات قائمة تتمدد، و ما لذلك من مخلفات جراء الفض و القمع و التنكيل و الاعتقال و المحاكمات …، ليطرح السؤال أين هو الناطق الرسمي باسم الحكومة من كل هذا، بل أين هي الحكومة بأحر التعبير، التي كان عليها أن تعقد اجتماعا طارئا، اجتماع أزمة، و أن يكون التواصل و الحوار الإعلامي أسلوبا مرجحا في التوعية و الإرشاد وإعادة الأمور إلى نصابها بشكل ديمقراطي، يعكس أن البلاد  قد قطعت فعلا أشواطا مهمة في مسار حقوق الإنسان و قطعت مع الماضي الأليم لكل مظاهر الانتهاكات الجسيمة، لكن للأسف الشديد فائد الشيء لا يعطيه، فكيف ننتظر من حكومة غير سياسية أن تقوم بما هي بعيدة عنه كل البعد ؟ !.

الخلاصة أنه على هذه الحكومة أن تقدم استقالتها، و أن تشكل حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال والتحضير للانتخابات المقبلة، مع القيام بما يلزم من برامج لحلحلة المشاكل القائمة، الواضحة و التي تستوجب تكثيف كل الجهود و توفير كل الإمكانات، حتى يتم تصحيح ما يمكن تصحيحه في أفق إفراز نخبة سياسية جديدة، عبر إشراك قوي و فاعل لكل الكفاءات و الأطر و الطاقات الشابة، بسواعد قادرة على ركوب أمواج تغيير الواقع إلى الأحسن و الإصلاح الحقيقي، و رفع كل التحديات كما يجب في مغرب الكرامة و العدالة الاجتماعية، مغرب يتنفس فيه الجميع معنى الحرية و يعيش تحت سقفه كل مواطن يعي تماما بأن حقوقه مكفولة كما هو الحال بالواجبات المفروضة عليه.

     فالأمل هو تجاوز ما يحدث بكل عقلانية و رشد كبيرين و حماية بلادنا و الدفاع عنها، حتى لا تخرج الأمور عن سياقها، و الأمل كل الأمل في أن نعالج ألم الآثار المبصمة في نفوس كل الشباب ممن عانوا الأمرين جراء التوقيفات و الاعتقالات و هم لا علاقة لهم بما يمكن تفسيره ” بالتحريض و التظاهر غير المرخص و القيام بالتجمهر أو القيام بأعمال شغب و غير ذلك”، ذنبهم الوحيد أن الكثير منهم كانوا من المارة أو من الملاحظين، الذين أثارت فضولهم تلك المشاهد الغريبة عن العديد منهم، ممن لم يعيشوا أبدا أو يروا ما عاشه الكثيرون من الأجيال السابقة في عقود ما قبل جيل الألفية الثالثة من أحداث و توترات سياسية كبيرة، إلى حدود حراك 20 فبراير الذي كان في إبانه شباب اليوم ممن هم في العشرينات أطفالا انداك، فرجاء اسمعوا جيدا صوت الشباب، من أسلوب هذا الاحتجاج إلى ضرورة العمل على تغطية كل نقص أو احتياج.

جمال كريمي بنشقرون