“رايتس ووتش” تطالب المغرب بالتحقيق في استخدام القوة ضد احتجاجات “جيل Z”

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات المغربية بالتحقيق في استخدام “القوة المميتة” من قبل الدرك الملكي، وغيرها من الانتهاكات المزعومة الواسعة التي ارتكبتها قوات الأمن العمومي ضد المحتجين خلال احتجاجات جيل زيد، التي انطلقت في 27 شتنبر 2025.
وذكرت المنظمة، في تقرير حديث، أن “بعض المحتجين أقدموا على إتلاف ممتلكات عامة وخاصة، وردّت الشرطة والدرك الملكي بحظر الاحتجاجات وتفريق المحتجين بالقوة، بما في ذلك استخدام القوة المميتة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات”.
وأشارت إلى أن “التقارير كشفت عن اعتقال ما يقرب من 1000 شخص، ورفع قضايا جنائية ضد 270 محتجًا على الأقل، بينهم 39 قاصرًا لا يزالون رهن الاحتجاز، حيث قضت بعض المحاكم على محتجين بأحكام بالسجن والغرامات”.
وحددت المنظمة الحقوقية الدولية، موقع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 01 أكتوبر الجاري، يظهر سيارة تابعة لقوات الأمن تصطدم بالمحتجين في وجدة ليلة 30 شتنبر 2025 قبل أن تنسحب، كما أظهر فيديو آخر سيارة أخرى تصطدم بمجموعة من المحتجين، ما أدى إلى سحق رجل بجدار قبل أن تعكس مسارها.
وأضافت أن التقارير أفادت بأن حادثتي الدهس أسفرتا عن إصابة شخصين على الأقل، هما وسيم الطيبي البالغ 17 عامًا، وأمين بوسعادة البالغ 19 عامًا، الذي بُترت ساقه اليسرى.
وتابعت أنه في 01 أكتوبر 2025، “استخدم الدرك الملكي القوة المميتة لقمع الاحتجاجات التي تحولت إلى عنف أمام مركز دركي بالقليعة”، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين، بمن فيهم طفل، ومن بين القتلى عبدالصمد أوبالات، طالب تصوير سينمائي يبلغ 22 عامًا، وشخص آخر يبلغ من العمر 25 عامًا.
وأردفت المنظمة أنه في بيان تلفزيوني في 2 أكتوبر 2025، “حاول المتحدث باسم وزارة الداخلية تبرير استخدام القوة المميتة، قائلاً إن المحتجين رشقوا قوات الأمن بالحجارة واستخدموا سكاكين على ما يبدو، وأضاف أن القوات استخدمت الغاز المسيل للدموع أولاً لتفريق الحشود ثم استخدمت الأسلحة النارية للدفاع عن النفس”.
وفي هذا الإطار، قالت “هيومن رايتس ووتش” إنها “حللت سلسلة من مقاطع الفيديو التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في 2 أكتوبر 2025، وأكدت مواقعها جغرافيًا، والتي وثقت أحداث القليعة، حيث أظهر تسجيل لكاميرات المراقبة خارج مركز الدرك، مؤرخ في الساعة 9:28 مساءً، عشرات المحتجين وهم يلقون الحجارة الكبيرة، ويكسرون البوابة الأمامية، ويشعلون النيران”.
كما أظهر الفيديو شخصًا يرتدي زيًا رسميًا داخل المركز وهو يطلق سلاحًا باتجاه المحتجين عند الساعة 9:34 مساءً، في حين بدأ استخدام الغاز المسيل للدموع خارج المركز بعد دقيقة واحدة.
وأوضحت المنظمة أنها “لم تتمكن من التأكد بشكل قاطع مما إذا كانت السلطات قد استخدمت الغاز قبل اللجوء إلى القوة المميتة كما زُعم”.
وفي هذا الصدد، شددت المنظمة على ضرورة أن “تجري السلطات المغربية تحقيقًا عاجلًا وشفافًا في أحداث تلك الليلة وفي مقتل الأشخاص الثلاثة المزعوم، مع محاسبة أي عناصر من الدرك تثبت مسؤوليتهم عن أي انتهاكات”.
وإلى جانب ذلك، دعت “هيومن رايتس ووتش” المغرب إلى “اعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان يركز على التوزيع العادل للموارد لضمان الحقوق مثل الحصول الشامل على الرعاية الصحية الجيدة والتعليم والحماية الاجتماعية، وضمان دفع أجر يكفي للمعيشة، وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان”، لافتة إلى أن الدستور المغربي يضمن “الحق في الرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، والتعليم، والسكن اللائق، والعمل”.
وأوردت في هذا الباب أن “القانون الدولي لحقوق الإنسان يفرض على الحكومات والمؤسسات المالية الدولية الداعمة لها الاستجابة للأزمات الاقتصادية بطرق تحمي وتعزز الحقوق قدر الإمكان، والتأكد من أن الإصلاحات المقترحة، بما في ذلك السياسات المالية والإنفاق العمومي، تضمن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وتابعت أن “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يُعدّ المغرب طرفًا فيه، يكفل حرية التعبير وحق التجمع السلمي، مؤكدة أنه يجب أن يلتزم أي تدخل أمني في الاحتجاجات بالمعايير الدولية”.
وفي هذا السياق، تنص المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل موظفي إنفاذ القانون على ضرورة أن تلجأ القوات إلى الوسائل غير العنيفة أولًا قبل استخدام القوة، وأن يُقتصر استخدامها، عند الضرورة، على الحد الأدنى اللازم فقط، مع عدم استخدام الأسلحة النارية المميتة إلا في الحالات التي لا مفر منها لحماية الأرواح.