story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

رئيس المجلس العلمي ببني ملال يفكك معنى “العودة إلى الدين” في الفكرين الغربي والإسلامي

ص ص

ميّز رئيس المجلس العلمي المحلي ببني ملال، عبد الرحمان العضراوي، بين الوضع الديني في الفكر الغربي المسيحي ونظيره في الفكر المشرقي الإسلامي، مبرزاً أن طرح فكرة «العودة إلى الدين» في العالم الغربي لا يحمل المعنى نفسه الذي تحمله في العالم الإسلامي.

وجاء ذلك في محاضرة بعنوان «نظرية المعنى في نقد الحداثة والعودة إلى الدين»، ألقاها يوم الإثنين 3 نونبر 2025، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، ضمن فعاليات الملتقى العلمي الثالث عشر.

واستهلّ الباحث الأكاديمي في العلوم الشرعية والفكر الإسلامي والخطاب الديني المعاصر، عبد الرحمان العضراوي، محاضرته بالحديث عن تطوّر الفكر الحداثي القائم على العقلانية والبحث العلمي المادي في الحضارة الغربية، والذي قاد، بحسبه، إلى «إقصاء الدين المسيحي من السياسة والعلوم الطبيعية والإنسانية».

مركزية الإنسان..

وأوضح العضراوي، في ذات المحاضرة، أن هذه النزعة الحداثية في الغرب «نزعت القداسة من الإله وأعطتها للإنسان، فتأسست مركزية الإنسان بدل مركزية الإله، أو ما أُطلق عليه أنسنة الإله وتأليه الإنسان»، مبرزاً أنها أدّت في النهاية إلى «أزمة فكرية وتصورية عميقة؛ هي أزمة المعنى التي برزت في مشاريع نقد الحداثة والعودة إلى الدين فلسفيا وروحيا وتجديد الخطاب الديني».

ولم ينفِ الأستاذ الباحث ما أنتجه الفكر الحداثي وما وفّره من تسهيل للحياة؛ إذ أبرز أن العقل الإنساني حقق إنجازات تقنية وسياسية إيجابية، غير أنه، في المقابل، وبحسب العضراوي، أنتج «أزمة المعنى المركّب» وأدّى إلى «قلق حضاري».

الدين الحقيقي..؟

وفي المحاضرة ذاتها، انتقل العضراوي إلى فكرة «العودة إلى الدين» من منظورٍ إسلامي، معتبراً أنها تُحيل على طرحٍ آخر.

وفي هذا الإطار، قال الباحث إنها تعني «تجديد مفاهيم التعامل مع كتاب الله عز وجل وسنّة رسوله. من هنا بدأ الحديث عن مفهوم العودة إلى الدين، ليس فلسفيا فقط، بل نريد دينا حقيقيا يتأسس على المعرفة الدينية الحقيقية التي تحفظ الإنسان وكرامته وحريته».

وأضاف: «ذلك أن دين الرؤية التوحيدية قادرٌ على الملء الشامل لفراغ المعنى؛ فالنبي، عليه الصلاة والسلام، هو نموذجٌ لصناعة المعنى، وهذا المعنى هو الذي يمكن أن يملأ الفراغ في التجارب الفلسفية المتعددة، الحداثية منها وما بعدها».

وأشار المتحدث إلى أن «الرؤية التوحيدية المعرفية تُعيد وصل الإنسان بالوحي ومقاصده ورؤيته للعالم، المحقِّقة للصلاح في الوجود الإنساني، كما تُعيد تعريف الحرية والحقوق والمسؤولية والكرامة والأمانة ضمن المقاصدية الدافعة لكل أنواع العبث، كما قال سبحانه وتعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ».

عودة روحية شرعية..

ويرى رئيس المجلس العلمي ببني ملال أن العودة إلى الدين روحيا تُضفي سياقا أخلاقيا على الفعل الإنساني وتمنع السقوط في العدمية، موضّحا أن العودة الروحية الشرعية تجمع بين البيان والبرهان والعرفان، أمّا العودة الفلسفية إلى الدين فتنطلق من الهيمنة العقلية، وهي فكرة حداثية تجعل العقل أداتيا، لأنها لم تخرج من سلطة العقل وهيمنته، ولا من سلطة المعرفة العقلية.

وخلُصَ إلى أن الفكر الحداثي الغربي يقود إلى «أزمة الروح، وبالتالي أزمة المعنى»، معتبراً أن «الوحي هو الذي يُساعد العقل على استكشاف المعاني الحقيقية لصلاح العقل ولصلاح الإنسان».

يُذكر أن الملتقى العلمي الثالث عشر يُنظّمه المجلس العلمي المحلي ببني ملال، ومختبرُ المقاصد والحوار للدراسات والأبحاث، ومركزُ دراسات المعرفة والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، يومي 3 و4 نونبر الجاري، في موضوع: « سؤال المعنى والعودة إلى الدين: إشكالات التديّن في الواقع المعاصر».

*المحفوظ طالبي