دعوة الأزهر إلى إنقاذ غزة تثير جدلاً بعد حذفها من على منصات التواصل الاجتماعي

أثار حذف الأزهر الشريف نداء مطولاً، دعا من خلاله الشيخ أحمد الطيب إلى التحرك الفوري لإنقاذ أهل غزة من سياسة التجويع القاتلة، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي
وقال الأزهر الشريف، في ندائه، إن الضمير الإنسان يقف اليوم على المحك، وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء يقتلون بدم بارد، بينما يلقى من ينجو منهم حتفه بسبب الجوع والعطش والجفاف ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقادهم من موت محقق.
وحذر الأزهر من أن الذي يدعم إسرائيل بالسلاح، ويساندها بالقرارات أو “الكلمات المنافقة”، يعد “شريكاً مباشراً في الإبادة”. وقال: “على هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكروا جيدا الحكمة الخالدة التي تقول: أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”.
ووجه الأزهر نداءه إلى القوى “الفاعلة والمؤثرة”، قائلاً: “إن الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ هذه القوى أن تبذل أقصى ما تستطيع لصد هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل فوري، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية نتيجة استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية”.
ولم يظل هذا البيان منشوراً، على حسابات الأزهر الشريف بمواقع التواصل الاجتماعي، سوى دقائق معدودة قبل أن يتم حذفه، وهو ما أثار دهشة واسعة بين النشطاء والمتابعين.
وفي السياق، كان جمع من العلماء، قد أشاروا في بيان سابق، إلى أن حقّ الجوار يُحتّم على الأزهر الشريف في مصر ما لا يُحتّم على غيره. وقالوا: “إننا على يقين من أن أي تحرك حاسم من قبل فضيلة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، سيُغيّر المعادلة ويكسر الحصار، أو يؤدي على الأقل واجب العين المتعين على قادة الأمة وعلمائها”.
وأضافوا، موجهين كلامهم لشيخ الأزهر: “التاريخ قد فتح ناصع صفحاته لتُسجل فيها اسمك، يا فضيلة الإمام إلى جوار العِزّ بن عبدالسلام، وإلا فأعِد للسؤال إجابة، فقد اختصَمنا أبو عبيدة جميعاً أمام محكمة العدل الإلهية”.
وقد أوضح رئيس رابطة علماء المغرب العربي الحسن بن علي الكتاني، وهو أحد الموقعين على بيان العلماء، أن مخاطبة شيخ الأزهر تحديداً يعود إلى كونه “أكبر عالم في أكبر صرح إسلامي”، مشيراً إلى أحمد الطيب له “وجود وتأثير وكلمة قد تكون مسموعة”.
وأضاف: “لأجل ذلك خاطبناه مباشرة، خاصة أن مصر تتحمل الثقل الأكبر في هذه القضية، باعتبارها من تغلق معبر رفح، البري والحدودي مع قطاع غزة”.
وقال: “لو أن مصر تركت الأمر للشعب، لتم فتح المعبر رغماً عن العدو المحتل”، مذكراً في الوقت نفسه بمنعها، إلى جانب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر “قافلة الصمود” البرية، التي كانت تضم نشطاء من دول متعددة، ومحملة بمساعدات رمزية كانت تهدف إلى فتح المعبر.
وشدد المتحدث على أن “المؤلم هو أن هذا المعبر تغلقه دول منا وفينا، مع الأسف الشديد”، لافتاً إلى أن “ما يؤلم أكثر هو أن يد الفأس من الشجرة”، في إشارة إلى أن الألم يكون أعظم عندما يأتي من الأقربين.
وتفاعل المدونون مع حذف الأزهر نداءه معبرين عن استنكارهم، إذ قال أحدهم “حذف بيان الأزهر الشريف، الذي استصرخ الضمائر لإنقاذ غزة، عمل غير مبرور، ومسعى غير مأجور، بل محاولة يائسة لحجب صوت الضمير الإنساني والديني في زمن الصمت والتواطؤ”.
وأضاف: “لكن بعون الله تعالى ستبقى كلمة الحق أرفع من أن تُحذف، وسيظل صوت الأزهر الحق منبرا للأمة مهما حاولوا إسكاته”.
واعتبر مدونون أن حذف نداء الأزهر الشريف خلال دقائق “ليس مجرد حذف منشور، بل طمس متعمد لصوت الضمير في لحظة تحتاج فيها الأمة إلى ما تبقى من نور”. بينما رأى آخرون أن حذف بيان الأزهر بعد وقت قصير من نشره يكشف “حقيقة مؤسفة هي أن الأزهر الشريف لم يعد مؤسسة مستقلة”.