story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

دعم بريطانيا للحكم الذاتي.. بنيس: خطوة حاسمة نحو تصحيح خطأ تاريخي ارتكبته بحق المغرب

ص ص

أعلنت بريطانيا، يوم الأحد 1 يونيو 2025، تأييدها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل أكثر مصداقية وواقعية لقضية الصحراء، متخذة بذلك موقفاً جديداً ينسجم مع توجهات الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا بشأن هذا النزاع.

ويأتي هذا التحول يعدما كانت المملكة المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، تدعم في وقت سابق، الجهود الأممية لإيجاد “حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي حق تقرير المصير”. فما هي دلالات هذا التحول والدعم البريطاني لمقترح المغرب؟

في هذا الصدد، يرى المحلل السياسي سمير بنيس، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن هذا الدعم القوي من عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي انضم فعلياً إلى قائمة الدول المتنامية التي تدعم بوضوح الموقف المغربي، “ليس مجرد موقف رمزي”.

وأوضح بنيس أن الموقف البريطاني “مؤشر صارخ على تطور متزايد لا رجعة فيه”، مشيراً إلى أن القرارات الرمزية ذات الدلالة السياسية الكبرى مثل هذا القرار تمثل إشارة واضحة إلى أن حل المغرب لهذا النزاع الترابي “ليس سوى مسألة وقت”.

وأضاف أنه “قد يستغرق الأمر وقتاً أطول مما يأمل أو يرغب فيه كثيرون داخل المغرب”، غير أن سيل التصريحات المتواصلة التي تدعم خطة المغرب وتعرضها كالخيار الواقعي والوحيد الممكن، “يشير إلى أن الحل آتٍ لا محالة”.

ولتفسير إعلان لندن “بشكل صحيح”، يقول بنيس إنه “لا بد من وضعه في سياق أوسع”، إذ أنه بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، وقرار كل من إسبانيا وفرنسا اتباع نفس النهج، “كان من الضروري أن تخرج المملكة المتحدة من دائرة الحذر وتتخذ موقفاً يعكس مستوى علاقاتها الممتازة مع المغرب، وهي علاقات شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الست الماضية”.

ويشدد المتحدث على أن الموقف الجديد للمملكة المتحدة، شأنه شأن موقفي فرنسا وإسبانيا، “يُعد ذا دلالة كبيرة، لا سيما وأن بريطانيا كانت القوة الأوروبية الوحيدة التي، قبل فقدان المغرب لاستقلاله وخضوعه للحماية الفرنسية والإسبانية عام 1912، وقّعت على معاهدة 13 مارس 1895 التي تعترف بأن الصحراء الغربية الحالية جزء من أراضي المغرب”.

كما أن بريطانيا لعبت دوراً مركزياً في الاتفاق الفرنسي الإسباني في أكتوبر 1904 الذي منح إسبانيا الصحراء بـ”الملكية والسيادة الكاملة” دون الرجوع إلى المغرب، رغم أن المملكة حينها كانت لا تزال دولة مستقلة وذات سيادة.

وعليه فإن النزاع حول الصحراء، يضيف المحلل السياسي، “تم خلقه عندما سمحت بريطانيا، في الاتفاق السري الذي أبرمته مع فرنسا في أبريل 1904، لهذه الأخيرة بمنح إسبانيا منطقة نفوذ في جنوب المغرب”. لكنها، في الوقت نفسه، ضمنت ألّا تقوم فرنسا أو إسبانيا بأي إجراء قد يؤدي إلى التنازل عن الإقليم، معتبرا أن بنود هذا الاتفاق “تتحدث بوضوح عن اعتراف بريطانيا التاريخي بأن الأراضي المتنازع عليها كانت دوماً جزءاً من المغرب”.

ومع تصالح الدول الأوروبية الثلاث التي تتحمل المسؤولية الأولى في نشأة هذا النزاع (فرنسا وإسبانيا وبريطانيا) “مع الوقائع المتراكمة على الأرض”، يرى بنيس أن البعد الأهم في هذا الواقع الجديد بشأن معادلة الصحراء “ينبع من الواقعية السياسية البحتة لدى النخب الفرنسية والإسبانية والبريطانية”، على الرغم من أنه قد يرى البعض في هذا تطهيراً تاريخياً أو عودة للتاريخ بثقل الحساب، “وهو ما يحمل بعض الحقيقة”.

ويوضح أنه في ظل عالم متغير بسرعة، يستعد فيه المغرب ليكون لاعباً محورياً في منطقته وخارجها، تدرك هذه الدول أن “الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع الرباط، سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، يتطلب دعماً واضحاً لموقف المغرب في هذا النزاع”.

ويرى بنيس أنه على الرغم من أن الموقف البريطاني الجديد لم يرقَ بعد إلى مستوى الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على الصحراء، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وفرنسا، إلا أن المملكة المتحدة اتخذت، من خلال إعلان تأييدها الكامل والواضح لخطة الحكم الذاتي المغربية، “خطوة أولى حاسمة نحو تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بحق المغرب حين ساهمت في تفكيك أراضيه والمشاركة في تمزيقها”.

وأشار إلى أن إعلانها تخصيص خمسة مليارات جنيه إسترليني لتمويل مشاريع في جميع أنحاء المغرب، بما في ذلك في الأقاليم الجنوبية، “يُعد في حد ذاته مؤشراً واضحاً على موقف المملكة المتحدة من سيادة المغرب على الصحراء الغربية”.

وتظل الدبلوماسية عملية تدريجية، إذ لا يتم حل أي شيء بين عشية وضحاها، فالصبر والمثابرة الاستراتيجية أمران أساسيان، يقول لسمير بنيس. ويضيف: “ليس لدي أدنى شك في أنه، مع استمرار المغرب في كسب المزيد من الدعم الدولي لموقفه، وتعزيز مكانته كقوة صاعدة في منطقته المباشرة وما بعدها، فإن المملكة المتحدة ستتخذ خطوة إضافية في دعم المغرب من خلال الاعتراف الكامل بسيادته على الصحراء”.

ويلفت إلى أن المغرب “بلغ سرعته القصوى في هذا السباق الذي امتد لعقود لإنهاء النزاع المزعج والمستمر حول الصحراء”. وتوقف كذلك عند إعلان كينيا الأسبوع الماضيعن تأييدها الكامل لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بعدما كانت سابقاً معقلاً للبوليساريو وأحد أكثر الداعمين صراحة لأجندة الجزائر.

وقال: “إذا كان ذلك قد شكّل صدمة وارتباكاً لمؤسسة السياسة الخارجية الجزائرية المحاصرة والمتقهقرة، فتخيل الآن كيف قد يكون وقع القرار المفاجئ للمملكة المتحدة بدعم موقف المغرب من الصحراء، على الاستراتيجيين الجزائريين المحبطين والمثقلين بالخيبات”.