دراسة: “نساء الأركان” بالمغرب ضحية الوسطاء
كشفت دراسة حديثة نشرت بمجلة “هيومان إيكولوجي” (Human Ecology) هيمنة الوسطاء على تجارة زيت أركان، ما يهدد الوضعية الاقتصادية للنساء العاملات بالتعاونيات المنتجة لهذا الزيت الثمين.
وقالت الدراسة، الصادرة في نونبر 2023، إنه “عادة ما تدار هذه التعاونيات من قبل نساء المنطقة اللواتي يكافحن من أجل تلبية الطلب على زيت الأركان بأسعار تنافسية وطنية ودولية، رغم أنه لا يحصل العديد منهن على أجر أساسي مقابل عملهن”.
وأضافت “في ظل واقع تنامي السوق الدولية لزيت الأركان، تكافح النساء بشكل كبير مع الوسطاء الذين يتولون جمع الموارد والتنسيق مع الشركات الوطنية أو الدولية”.
وأوضحت الدراسة أن زيادة قيمة زيت الأركان عالميا لا تنعكس على واقع نساء المنطقة.
وقالت: “رغم ما يتوقعه مركز الدراسات والأبحاث “ماركيت ريسورش فيوتشر” (Market Research Future) من زيادة في معدل النمو السنوي لزيت الأركان بنسبة 7.1 بالمائة ما يعادل القيمة الإجمالية 676.51 مليون دولار أمريكي في الفترة الممتدة 2019-2024، غير أن هذا الارتفاع لا ينعكس على واقع النساء العاملات بالمنطقة”.
ويرتكز عمل الوسطاء، حسب الدراسة، بشكل أساسي في جمع جوز شجرة الأركان في جميع أنحاء منطقة سوس ماسة، حيث يتم استخراج الحبوب من القشرة ليتم نقلها إلى شركات تخفي أنشطتها تحت مظلة “تعاونية”.
“وتعرض النساء العاملات بالتعاونيات خدماتهن في كسر جوز شجرة الأركان لهؤلاء الوسطاء بمقابل هزيل، يمكنهم من كسب ما يصل إلى 13 درهما لكل كيلوغراما من الحبوب”.
وبخصوص الأوضاع السوسيو-اقتصادية للنساء العاملات في تجارة الأركان، قالت إنهن “يتوفرن على وقت ضيق لحضور دروس محو الأمية، وغالبا ما يعتني الأطفال بأشقائهم الصغار بينما يقوم آباؤهم بواجبات أخرى”.
من جانب آخر، كشفت المقابلات التي أجراها الفريق الباحث عن معظم الوسطاء الذين يزودون الشركات الكبيرة بزيت الأركان لا يبدون أي أهمية بالمال أو تقاسم المنافع، بل يطالبون بدورهم بتحسين البنية التحتية (الطرق والجسور).
وتعيش نساء سوس ماسة واقعا مخيفا إذ لا يمكنهن جمع جوز شجرة الأركان في الغابات دون خوف، بعد ما كان بإمكانهم القيام بذلك نظرا للاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها العاملات بالتعاونيات من طرف الحصادين غير القانونيين.
وتتولى النساء مهمة الجمع والتقسيم بشكل يومي ومتساو بين العاملات، لكن في حالات نادرة ما تستأجر هؤلاء النساء شخصا ما لجمع الحصاد نيابة عنهن ليتم بعد ذلك تقاسم المحصول بين أفراد التعاونية.
ووفق المصدر ذاته، لا تعتمد التعاونيات على شجرة الأركان فقط، بل تعمل على تنويع دخلها ببيع أكياس صغيرة من النباتات الطبية التي توفرها النساء اللتي يعشن في الجبال القروية أو إنتاج مواد بديلة من زيت الأركان (مواد تجميلية)، إلا أن هذه المواد غير كافية لأنه لا يمكن إنتاجها وتسويقها على نطاق واسع.
وتلجأ معظم هذه التعاونيات إلى شراء جوز شجرة الأركان “المغطى” الذي يتم جمعه عن طريق ضرب الأغصان لتحفيز سقوط الجوز على الأرض، من أجل زيادة المحاصيل والحفاظ على إنتاجية الزيت.
وأجرى ثلاثة باحثين زيارات ميدانية لتعاونيات الأركان بمنطقة سوس ماسة، وتحديدا لقرى بأكادير إداو تانان ومحيطها، لمعرفة مدى استفادة النساء العاملات بالمنطقة من عائدات تجارة الأركان وهو ما يعرف ب”الولوج إلى الموارد وتقاسم منافعها”.