story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

دراسة: حُسن استثمار القرار 2797 في الصحراء يستوجب فهم ثلاثة عوائق بنيوية

ص ص

اعتبرت ورقة بحثية حديثة أن القرار 2797 يشكّل محطة مفصلية في مسار نزاع الصحراء المغربية، مبرزة أنه “يفتح الباب أمام فرصة سياسية وقانونية لتكريس مبادرة الحكم الذاتي كحلّ واقعي ووحيد للنزاع”، لكنها شدّدت في المقابل على أن “ذلك لا يعني نهاية المسار، بل بداية مرحلة جديدة تتطلّب عملاً دبلوماسيًا مكثّفا على عدّة مستويات”.

وأكدت الورقة التي نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات بعنوان “نزاع الصحراء بعد قرار مجلس الأمن 2797: بين الفرصة والتحديات”، أن “قرار مجلس الأمن يمثل منعطفا استراتيجيا في مسار نزاع الصحراء، بما يحمله من دلالات سياسية مهمة تعيد توجيه بوصلة هذا الملف وتعزز التموضع الإقليمي للمغرب”.

وعلى الرغم من أهميته، أكدت الدراسة أن “القرار لا ينهي النزاع، لأنه يرتبط ببنية إقليمية معقدة، تجعل استثمار هذا التحول مشروطا بوجود بيئة إقليمية مساعدة”، مشددة على أنه “يفتح مع ذلك نافذة فرصة محدودة زمنيا يمكن البناء عليها، إذا جرى التعامل معها بواقعية وبفهم للعوائق البنيوية التي لا تزال تتحكم في ديناميات النزاع”.

وتحدث المصدر عن ثلاثة عوائق أساسية، أولها يرتبط بإرث الحدود، موضحا أن “جذور الأزمة البنيوية بين المغرب والجزائر تعود إلى السنوات الأولى من استقلال البلدين، بسبب الخلاف حول ترسيم الحدود الموروثة عن الاستعمار”، مبرزا أن هذا الخلاف أدى إلى أحداث مؤلمة بين الجانبين، أبرزها حرب الرمال سنة 1963، ثمّ إقدام السلطات الجزائرية خلال عهد الرئيس هواري بومدين على طرد آلاف المغاربة يوم عيد الأضحى سنة 1975، ردًّا على المسيرة الخضراء التي نظمها المغرب في نونبر من السنة نفسها لاستعادة إقليم الصحراء.

ثاني هذه العوائق، وفق الورقة، هو “استثمار النظام الجزائري في قضية الصحراء ماليًا ودبلوماسيًا لفترة طويلة، بحيث أصبحت هذه القضية عنصرًا من عناصر مشروعيته، ما يجعل من الصعب عليه تغيير موقفه جذريًا أو بسرعة”.

وسمّت الورقة هذا الموقف بـ “مغالطة الكلفة الغارقة” (Sunk Cost Fallacy)، وهي المبدأ الذي يفسّر استمرار الأفراد أو الدول في اتباع مسار خاطئ أو مكلف لمجرّد أنهم أنفقوا عليه موارد كبيرة في الماضي، ولا يستطيعون التراجع عنه بسهولة، لأن أي تغيير جذري قد يُفسَّر داخليًا باعتباره تنازلًا أو اعترافًا بفشل تاريخي.

أما بخصوص العائق الثالث، فيتمثل بحسب المصدر، في “الاستثمار المتبادل في الخوف، والذي يعد أحد أهم العوائق أمام أي تقدم في ملف الصحراء”.

وفي هذا السياق، أوضح المصدر أنه في الجزائر، جرى ترسيخ صورة المغرب كـ “عدو كلاسيكي” تستخدم لتماسك السلطة داخليا، وهو ما تؤكده سلسلة التصريحات الرسمية التي تصف المغرب بأنه تهديد حقيقي للجزائر، “سواء من الناحية العسكرية، أو كمصدر للمخدرات، أو قناة لاختراق إسرائيلي للمنطقة”.

في المقابل، تبرز الورقة أن “المغرب ينظر إلى الجزائر بوصفها الداعم الأساسي والمستمر للتيار الانفصالي، ودولة توظف نفوذها السياسي والعسكري والمالي لتعطيل أي حل نهائي لنزاع الصحراء، كما يقرأ المغرب مواقف الجزائر باعتبارها امتدادا لعقيدة إقليمية ترى في صعود المغرب إقليميا تهديدا لمكانتها الاستراتيجية”.

هذا الوضع، تضيف الدراسة، أنه “يعيد إنتاج حلقة مفرغة من الخوف المتبادل، ويجعل بناء الثقة حتى في حدها الأدنى أحد أكثر التحديات تعقيدا في المرحلة المقبلة”.

ورغم هذه العوائق، يشدد المصدر على أن “التطورات الإقليمية والدولية الراهنة قد توفر نافذة فرصة سياسية يمكن أن تُحدث اختراقات محدودة، ولو تدريجية”.

وأبرز في هذا السياق، أن هذه الفرصة تستند إلى عدة عناصر، أبرزها الإصرار الواضح من الإدارة الأمريكية الحالية – لدوافع شخصية واقتصادية وجيوسياسية- على دفع البلدين نحو تهدئة سياسية جزئية بين البلدين، قد يسهم في تليين المواقف على الأقل جزئيا.

كما أشار إلى تحسن العلاقات بين الجزائر وواشنطن في الأشهر الماضية يعزز هذه الفرصة، علاوة على وجود نوع من الفتور في علاقة الجزائر بموسكو، ومن هنا، ترى الدراسة أن “الوساطة الأمريكية قد تحقق بعض النتائج المتوقعة، وفي مقدمتها بدء تواصل مباشر بين البلدين والشروع في إجراءات إعادة العلاقات الدبلوماسية”.

وتضيف أن “مصالح المغرب الحيوية، المرتبطة بقضية الصحراء وأيضا المصالح الاقتصادية والأمنية، ستجعله يواصل النهج الدبلوماسي ذاته فيما يسمى سياسة اليد الممدودة”.

وفي غضون ذلك، شددت الدراسة على أن “هذا التحول الذي يعرفه ملف الصحراء لا يمثل نهاية مسار بقدر ما يشكل بداية مرحلة جديدة لإعادة صياغة حل سياسي مستدام لنزاع طال أمده، كما أن أهميته تبرز كذلك في كونه يفتح مرحلة جديدة تتطلب الانتقال من المعادلة الصفرية إلى مقاربة رابح-رابح”.