دراسة تكشف خريطة التحولات الجينية لفيروس كورونا في المغرب

كشفت دراسة حديثة أن مراقبة الجينوم الفيروسي في المغرب بين عامي 2021 و2024 أظهرت تحوّلاً ملحوظاً في المشهد الوبائي، حيث تم رصد الانتقال من متغيرات “ألفا” و”دلتا” إلى هيمنة كاملة لمتحور “أوميكرون” وفروعه، وصولاً إلى السلالة الفرعية JN.1 التي برزت بقوة في عام 2024.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن المغرب لم يكن بمعزل عن الديناميات العالمية لانتشار الفيروس، حيث تزامنت موجاته الوبائية مع صعود المتغيرات المقلقة عبر العالم، مما جعل المملكة نقطة استراتيجية في شمال إفريقيا لتبادل وانتقال السلالات بين القارات.
ووفقاً للنتائج، كشف تسلسل 235 عينة إيجابية لفيروس كوفيد-19 عن ثلاث مراحل رئيسية لتطور الفيروس: البداية شهدت تعايش متغيرات “ألفا” و”دلتا”، تلتها سيطرة “أوميكرون” بدءاً من عام 2022، ثم ظهور السلالات الفرعية عالية الطفرات مثل JN.1.1 وJN.1.45 في 2023 و2024.
وأكدت الدراسة أن متغير “دلتا” كان مرتبطاً بأعراض أكثر حدة مقارنة بـ”ألفا” و”أوميكرون”، رغم عدم تسجيل فروق كبيرة في توزيع الإصابات حسب الفئات العمرية، مع كون الفئة العمرية بين 20 و40 عاماً كانت الأكثر تعرضاً للإصابة.
كما أظهرت التحاليل تراكم الطفرات الجينية بشكل ملحوظ، حيث حملت سلالات “دلتا” و”ألفا” نحو 34 إلى 38 طفرة، بينما تجاوزت متغيرات “أوميكرون” 50 طفرة، وصولاً إلى أكثر من 88 طفرة في السلالات JN.1، مما منحها قدرة أكبر على التهرب المناعي.
وذكرت الدراسة أن التحليل الجغرافي التطوري أظهر انتقال الفيروس داخل المغرب بداية بشكل محلي محدود، لكن مع ظهور “أوميكرون”، اتسع النطاق ليشمل تبادلاً دولياً واسعاً، مما جعل المغرب مصدراً ومستقبلاً للسلالات في الوقت ذاته.
كما أظهرت النتائج أن تعدد سلالات “أوميكرون” في عام 2022، مثل BA.2 وBA.5، قد انتهى تدريجياً بسيطرة بعض الخطوط على الأخرى، في عملية وصفها الباحثون بـ”الإقصاء التنافسي”، المرتبط بمستويات المناعة المجتمعية والتطعيم.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه الديناميات تفرض على المغرب تعزيز أنظمة المراقبة الجينومية وربطها بالذكاء الاصطناعي لتوقع بروز السلالات الجديدة، على غرار التجارب الناجحة في بعض البلدان الآسيوية مثل كوريا الجنوبية.
كما أوصت الدراسة كذلك بضرورة الاستثمار في منصات لقاحات مرنة يمكن تكييفها بسرعة مع المتغيرات الجديدة، إلى جانب إقامة مراكز مراقبة في المنافذ الحدودية الكبرى للكشف المبكر عن أي تهديد وبائي محتمل.
وخلص المصدر إلى أن تجربة المغرب في تتبع تطور فيروس كورونا تمثل نموذجاً إقليمياً يمكن أن يساهم في تعزيز الأمن الصحي العالمي، مشددا على أهمية استمرار التمويل وتبادل البيانات على المستوى المغاربي والإفريقي كركيزة لمواجهة الجوائح المستقبلية.