story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

دراسة تدعو إلى تطوير التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب

ص ص

أكدت دراسة حديثة صادرة عن “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب”، ضرورة تطوير التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب، بالنظر للتحديات الكبيرة التي تعاني منها التجربة المغربية، خاصة على مستوى فعالية التنفيذ واستقلالية القرار وتجديد الأعضاء.

ورأت الدراسة أن تطوير التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب يمر عبر مسارين متوازيين، أولهما، “إصلاح داخلي عميق يجعل المجلس أكثر ديمقراطية واستقلالية وفعالية”، وثانيهما، “تحويله إلى نموذج رائد إقليميا، يقدم كبديل ديمقراطي، وكرافعة لبناء إعلام حر ومهني ومسؤول”.

وبناء على هذه المنطلقات، قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، بهدف تحسين أداء المجلس الوطني للصحافة وتطوير التجربة المغربية في التنظيم الذاتي للمهنة.

تعزيز الاستقلالية المؤسساتية والتنظيمية

ركزت الوثيقة التي تم إنجازها في إطار مشروع “تعزيز وتمكين الإعلام المهني المستقل”، الممول من طرف الصندوق الوطني للديمقراطية، (ركزت) على فصل حقيقي بين التنظيم الذاتي والسلطة التنفيذية، “من خلال مراجعة الإطار القانوني لضمان ألا يكون للمجلس الوطني للصحافة أي تبعية إدارية أو تمويلية مباشرة من الحكومة”.

ودعا المصدر إلى ضرورة الحد من تمديد الولايات بقرارات إدارية أو حكومية، موضحا أنه “يجب أن ُيربط استمرار المجلس بانتخابات دورية شفافة ووفق مسطرة واضحة في آجال قانونية”.

إضافة إلى ذلك، دعت الدراسة إلى تعديل المادة 10 من قانون الصحافي المهني، عبر حذف تنصيصها على “تحديد نموذج بطاقة الصحافة المهنية وكيفيات منحها وتجديدها وسحبها بنص تنظيمي يصدر بعد استطلاع رأي المجلس الوطني للصحافة”، والاكتفاء فقط بالتنصيص على أن وضع مسطرة الحصول على بطاقة الصحافة المهنية من الصلاحيات الحصرية لمؤسسة التنظيم الذاتي للمهنة.

دمقرطة تركيبة المجلس وآليات انتخابه

على هذا المستوى، اقترحت الدراسة أن تتشكل لجنة الإشراف على الانتخابات الخاصة بتركيبة أعضاء المجلس من الأطراف التالية:

  • قاض يعينه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ويرأس اللجنة.
  • ممثل عن النيابة العامة يعينه رئيس النيابة العامة.
  • أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال.
  • ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان معين من طرف رئيسه.
  • ممثل عن الحكومة يعينه الوزير الوصي على قطاع الإعلام والتواصل.

واقترحت الدراسة في هذا الصدد مسطرة تنعقد على أساسها لجنة الإشراف في القانون الجديد المرتقب للمجلس الوطني للصحافة.

إلى جانب ذلك، طالبت الوثيقة بإصلاح نظام الاقتراع، عبر اعتماد نظام الاقتراع الفردي أو التمثيلي النسبي المفتوح، لضمان تمثيلية أوسع للصحافيين، مع إشراك المجتمع المدني الحقوقي، من خلال توسيع عضوية المجلس لتضم فاعلين من جمعيات الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان.

كما دعت كذلك، إلى إشراك المؤسسات الأكاديمية، من خلال توسيع العضوية لتضم أساتذة جامعيين في مجال الإعلام والتواصل.

ونبهت في هذا الجانب، إلى أن الدعوة إلى انتخاب ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة، “لا تعني فتح بابالترشح بشكل عبثي أو شعبوي، وإنما تعني اعتماد آلية ديمقراطية شفافة، ترفق بمعايير موضوعية للترشح، تراعي النزاهة، الكفاءة، والاستقلالية، دون أن تتحول إلى آلية إقصاء مبطنة”.

وفي هذا الإطار، اقترحت الدراسة إسناد مهام ذات صلة بالتأهيل ضمن صلاحيات اللجنة المشرفة على الانتخابات، “تتولى البث في مدى ملاءمة الترشيحات المقدمة مع الشروط المرجعية المؤطرة، بما يضمن الجدية والمصداقية، ويرسخ التوازن بين الحق في الترشح وواجب التأهيل”.

آليات المساءلة والتحكيم

ومن جانب آخر شدد المصدر ذاته على ضرورة تفعيل آليات المساءلة والشفافية والتحكيم والوساطة، وذلك من خلال نشر التقارير الدورية حول عمل المجلس، وتقييم مدى احترام المؤسسات الإعلامية لأخلاقيات المهنة، مع وضع مساطر واضحة للطعن والإنصاف في القرارات الإدارية (مثل منح بطاقة الصحافة أو العقوبات التأديبية).

ولضمان تمثيلية واسعة في اتخاذ بعض القرارات الإدارية، ركزت الدراسة كذلك على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية تشمل جميع الفاعلين في القطاع الإعلامي والمجتمعي.

تحيين ميثاق الأخلاقيات وإرساء نموذج تمويل مستدام

وفي الجانب المتعلق بأخلاقيات المهنة، دعت الدراسة إلى مراجعة الميثاق الوطني لأخلاقيات الصحافة والنشر ليتماشى مع تحديات الإعلام الرقمي، منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، مع تعزيز صلاحيات المجلس وتمكينه من فرض قراراته، خاصة فيما يتعلق بأخلاقيات المهنة.

وأشارت كذلك إلى ضرورة تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات الرقمية، بما في ذلك وضع معايير مهنية جديدة تلائم الصحافة الرقمية والذكاء الاصطناعي.

وفي ما يخص جانب التمويل، شدد المصدر على ضرورة خلق صندوق مستقل لدعم التنظيم الذاتي، بتمويل مختلط من الدولة (بشكل غير موجه)، ومن مساهمات الناشرين، والتمويل الدولي المشروط بالشفافية وعدم التأثير على قرارات المجلس، مع إتاحة موارد مالية للمجلس لتفعيل دور الوساطة، والتكوين، والترافع.

وبالنظر إلى مآلات تجربة المجلس الوطني للصحافة في نسخته الأولى خلال ممارسته لصلاحياته في الوساطة والتحكيم، أوصت الدراسة بضرورة تدقيق المواد القانونية والتشريعية ذات الصلة بدقة أكبر، “من أجل أن تكتسب أحكام المجلس وقراراته صبغة إلزامية سواء بالنسبة للصحافيين أو المؤسسات الإعلامية”.

التكوين والتوعية

ولم تغفل الدراسة الجانب التكويني والتوعوي للمجلس من أجل تحسين أداء هذا الأخير وتطوير التجربة المغربية في التنظيم الذاتي للمهنة، إذ أوصت بتنظيم حملات منتظمة للتحسيس بأخلاقيات المهنة، مع إحداث وحدات لتكوين الصحافيين في المجالات الإعلامية الجديدة.

وفي سياق ذلك، لفت المصدر إلى جانب آخر يتعلق بتحويل المجلس إلى مرجعية إقليمية في التنظيم الذاتي من خلال الشراكة مع مجالس مماثلة لدول رائدة في المجال، وإطلاق مبادرات مشتركة مع دول من إفريقيا والعالم العربي.

كما دعا إلى تدويل التجربة “عبر نشر تقارير سنوية بمختلف اللغات، والتفاعل من خلالها مع مختلف الآليات الأممية والقارية والإقليمية (مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، اليونسكو، الاتحاد الإفريقي، الجامعة العربية..)”.

تحصين المهنة وإعادة الاعتبار لها

في هذا الإطار، تقدمت الدراسة بمجموعة من المقترحات الرامية إلى إعادة الاعتبار لمهنة الصحافة في المغرب وحمايتها من الدخلاء والمتطفلين والنهوض بصورتها لدى المجتمع، وذلك بهدف “أن يتبوأ الصحافيون المكانة التي تليق بهم في المجتمع إسوة بباقي المهن”.

واقترحت الوثيقة في هذا الصدد، أن ينص قانون الصحافة والنشر على ضرورة التوفر على شهادة الإجازة أو ما يعادلها، وعلى تجربة مهنية لا تقل عن 10 سنوات، كشروط أساسية يجب أن تتوفر في مدراء النشر.

وفي ما يتعلق بشروط الولوج لمهنة الصحافة، شدد المصدر على ضرورة وجوب أن ينص القانون على اشتراط التوفر على شهادة الإجازة أو ما يعادلها.

وبالنسبة للأشخاص غير الحاصلين على شهادة الإجازة في الصحافة والإعلام، فبالإضافة إلى ضرورة توفرهم على شهادة الإجازة أو ما يعادلها، اقترحت الدراسة التنصيص على ضرورة التزامهم بالخضوع لبرنامج تكوين مستمر تشرف عليه مؤسسة التنظيم الذاتي للمهنة، بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال مدته 6 أشهر، خلال السنة الأولى من التحاقهم بالمؤسسات الإعلامية، وذلك بالموازاة مع عملهم.

وفي ما يخص المصورين الصحافيين والتقنيين ومن يقوم مقامهم، ترى الوثيقة أنه يجب تحديد مهامهم وتخصصاتهم بدقة، مع تخصيص نظام خاص يتعلق بحصولهم على البطاقة المهنية، يشترط توفرهم على شهادة تقني متخصص (باكالوريا + سنتان)، تسلمها مؤسسات التكوين المعترف بها من طرف مكتب التكوين المهني وإنعاش التشغيل أو من طرف القطاع الحكومي المشرف على التعليم العالي أو المؤسسات الخاصة المعترف بمعادلة شهادتها لدبلوم تقني متخصص.

كما أوصت كذلك بضرورة التنصيص قانونيا على ضرورة خضوعهم عند السنة الأولى من التحاقهم بالعمل، لبرنامج تكوين مستمر تشرف عليه مؤسسة التنظيم الذاتي للصحافة بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال مدته 3 أشهر، يهدف أساسا إلى تعزيز قدراتهم في مجالات “أخلاقيات مهنة الصحافة”، و”أخلاقيات التصوير الصحافي”، و”الأجناس الصحافية”.