دراسة تحلل أسباب “فشل” المغرب في الانتخابات الأخيرة للاتحاد الإفريقي

أفادت دراسة حديثة بأن “فشل” المغرب في انتخابات نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي 2025، التي تمثلت في عدم تجديد عضويته بمجلس السلم والأمن، وخسارته منصب نائب الرئيس لصالح الجزائر تقتضي تحليلاً معمقًا لتفكيك أسبابها، مؤكدة أن قراءة نتائج الانتخابات لا يجب أن تقتصر على البعد العاطفي، بل أن تنطلق من فهم آليات اشتغال المنظمة الإفريقية.
وفشل المغرب في الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وهو المنصب الذي كان يشغله منذ فبراير 2022 حتى نهاية فبراير 2025، بعد الانتخابات التي جرت في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، ورغم ترشح الجزائر للظفر بالمقعد خلفاً للمغرب، إلا أنها لم تتمكن هي الأخرى من الحصول على العدد الكافي من الأصوات خلال التصويت السري، وبالتالي، تم تأجيل الحسم في هذا المقعد إلى وقت لاحق، حيث ستنظم الهيئة الإفريقية انتخابات جديدة لتحديد من سيشغل المنصب في الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق، أوضحت الدراسة الصادرة عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن أحد الأسباب الرئيسة لفشل المغرب يتمثل في ما سمته بـ “فخ الهيمنة”، مفسرة أن محاولة المغرب لتوسيع حضوره داخل أجهزة الاتحاد أدت إلى خلق مخاوف لدى الدول الإفريقية من “تغوّله المؤسسي”، حيث باتت الدول الأعضاء تميل إلى دعم مرشحين لا يثيرون مخاوف السيطرة والهيمنة.
وأشارت الدراسة التي أنجزت تحت عنوان “المغرب في انتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي: ما هي الدروس المستفادة؟”، إلى أن “النظام الانتخابي داخل الاتحاد الإفريقي يُفضل المرشحين الذين لا يشكلون تهديداً للتوازنات الجهوية والمؤسسية”، “غير أن وجود شخصيات مغربية بارزة في مناصب عليا داخل الاتحاد، مثل المديرة العامة للمفوضية والمفوض المكلف بالتعليم، عزز المخاوف من هيمنة مغربية على المناصب، وهو ما ساهم في انحياز عدد من الدول نحو مرشحين من خارج دائرة النفوذ المغربي”.
ومن جانب آخر، كشفت الورقة البحثية ذاتها أن غياب ست دول صديقة للمغرب عن التصويت بسبب تعليق عضويتها كان عاملاً حاسماً في فشله، حيث أوضحت أن بوركينا فاسو، مالي، النيجر، الغابون، غينيا والسودان كانت من أقرب حلفاء المغرب داخل الاتحاد، وأن فقدان أصواتها قلل بشكل كبير من حظوظ المغرب في تحقيق أي تقدم انتخابي.
وأكدت الدراسة أن الصراع المغربي الجزائري كان العامل الأبرز في نتائج الانتخابات، إذ أشارت إلى أن الجزائر استفادت من “رمزية التاريخ والثورة” في علاقاتها مع مع حركات التحرر الأفريقية، حيث استغلتها لتقويض نفوذ المغرب داخل الاتحاد وتشكيل تحالفات قوية داخله، وتقديم نفسها كبديل عن المغرب داخل الأجهزة التقريرية للاتحاد الإفريقي.
كما أشارت الوثيقة ذاتها إلى أن الاتحاد الإفريقي تحول إلى ساحة لتجاذب جيوسياسي بين المغرب والجزائر، حيث باتت بعض الدول الإفريقية تعتبر المغرب طرفاً في صراع إقليمي مع الجزائر، موضحة أن هذا الاستقطاب دفع بعض الدول إلى تجنب دعم المغرب في الانتخابات، خوفاً من تعميق التوترات الإقليمية، وهو ما أضعف من فرصه في حشد دعم كافٍ داخل المنظمة.
وفي تحليلها للتكتيكات الانتخابية المتبعة، أوضحت الدراسة أن المغرب ركز على رصيده الدبلوماسي ومكانته داخل أجهزة الاتحاد، إلا أن هذا النهج لم يكن كافياً أمام ما وصفته بـ”العمل الانتخابي الفعّال” الذي قامت به الجزائر، حيث ذكرت أن المغرب اعتمد على منطق الإنجاز والتراكم، بينما ركزت الجزائر على تعبئة الأصوات عبر الوعود والضغوط، وهو ما كان له تأثير مباشر على نتائج الاقتراع.
وتابعت أن اختلال التوازن في اللحظة النهائية للانتخابات كان من أهم أسباب الإخفاق بالنسبة للمغرب، fحيث أشارت إلى أن 12 دولة غيّرت مواقفها لصالح الجزائر في الجولات الأخيرة من التصويت، ما أدى إلى انقلاب ميزان القوة، معتبرة أن هذا التغيير في المواقف “يعكس ضعف قدرة المغرب على الاحتفاظ بالتحالفات في لحظات الحسم”.
وخلال القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت في أديس أبابا خلال شهر فبراير المنصرم، خسرت ممثلة المغرب، لطيفة أخرباش، منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لصالح الجزائرية سلمى مليكة حدادي، وذلك عقب عملية انتخابية امتدت على مدى سبع جولات.
وقد تنافست أخرباش مع ثلاث مرشحات، هن الجزائرية سلمى مليكة حدادي، والمصرية حنان مرسي، والليبية نجاة الحجاجي، وقد أدى سقوط المرشحة المصرية في الجولة الأولى، وانسحاب المرشحة الليبية لاحقًا، إلى انحصار المنافسة بين المغرب والجزائر.
وشهدت العملية الانتخابية تقاربًا كبيرًا في الأصوات بين المرشحتين المغربية والجزائرية، حيث تعادلتا في الجولة الأولى بـ21 صوتًا لكل منهما، واستمر هذا التوازن النسبي في الجولات التالية، قبل أن تحسم المرشحة الجزائرية الفوز في الجولة السابعة بـ33 صوتًا.