“دافعوا عن ممتلكاتهم”.. محامي دولي في “لاهاي”: التهديدات بحق مغاربة هولندا لا قيمة لها قانونياً
يرى المحامي الدولي عبد المجيد مراري أن التصريحات السياسية ضد مغاربة هولندا، في أعقاب أحداث أمستردام الأسبوع الماضي، ليست لها أي تأثير سلبي عليهم، مشيراً إلى أن ما جرى في تلك الليلة “كان دفاعاً عن ممتلكاتهم ورداً على الهتافات العنصرية”.
وأوضح مراري المتحدث باسم فريق الدفاع الدولي لدى الجنائية الدولية في لاهاي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن التصريحات الأخيرة لزعيم الأغلبية في البرلمان الهولندي “لا قيمه لها قانونياً أو حقوقياً”، مشيراً إلى أن “الخلاف الذي جرى داخل البرلمان كان حاسماً في هذا باعتبار أن غالبية النواب الممثلين للأحزاب السياسية كانوا رافضين لهذا التوجه واعتبروه صباً للزيت على النار”.
حماية قانونية
وفي مناقشة برلمانية خصصت الأربعاء 13 نونبر 2024، حمّل اليميني المتطرف زعيم حزب الحرية الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة خيرت فيلدرز المغاربة مسؤولية أحداث أمستردام بعد المباراة التي جمعت نادي أياكس ومكابي تل أبيب الإسرائيلي في العاصمة أمستردام.
وأوصى فيلدرز بترحيل من تثبت إدانتهم قائلاً إنهم “يريدون تدمير اليهود”، وهو ما رفضه نواب من المعارضة اتهموه “بصب الزيت على النار”، مشددين على أن تصريحاته لا تؤدي إلى “مجتمع أفضل”.
في هذا الصدد، يقول الخبير القانوني المغربي في أوروبا إن فيلدرز “زعيم أغلبية معروف بمواقفه المتطرفة وكراهيته للمهاجرين”، لكن في الوقت نفسه “هولندا دولة ديمقراطية يحكمها القانون وتهتم بالقضاء كما توجد اتفاقية أوروبية بهذا الخصوص ومبادئ وجب احترامها”.
وأضاف “نحن نتحدث عن مواطنين هولنديين أوروبيين ذوي أصول مغربية أو غيرها، لا نتحدث عن مهاجرين أو لاجئين يمكن ترحيلهم بسرعة في حال اقترافهم فعلاً بموجب القانون الهولندي، ووفق ما تنص عليه القوانين الأوروبية بالنسبة إلى المهاجرين غير الشرعيين”.
ولفت المحامي الدولي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إلى أن أي قرار في هذا الاتجاه لن يلقى قبولاً في هولندا، لهذا لن يحتاج المستهدفون من هذه التصريحات إلى مواجهتها، مشيراً إلى أن “القضاء الهولندي كفيل بمواجهة أي خرق أو انتهاك للقانون والدستور الهولنديين وللاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسانية التي تحمي المواطن الأوروبي والهولندي على وجه الخصوص”.
ليسوا جالية
وأكد عبد المجيد مراري وهو رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “إفدي الدولية” أنه لا يوجد أي تأثير لمثل تصريحات زعيم الأغلبية على المواطنين المغاربة، مبدياً تحفظه على كلمة “الجالية المغربية” مشدداً على أنهم “ليسوا جالية بل هم مواطنون هولنديون نشؤوا في هولندا ودرسوا فيها، لا تربطهم بالمغرب إلا تلك العطلة الصيفية التي يقضونها هناك”.
وأوضح أن “مصطلح الجالية لم يعد يستعمل في أوروبا حيث أنه صبح الحديث عن التوطين”، مشيراً إلى أن هذا هو النقاش الذي يواجهون به المتطرفين من الأحزاب اليمينية “على اعتبار أن المواطنين ذوي الأصول المغاربية أو العربية عموماً هولنديين نشؤوا في المدرسة الهولندية وتربوا على المبادئ الهولندية، وبالتالي لا يمكن المس بهم على الإطلاق ولا يمكن سحب جنسياتهم”.
وذكر أن الدستور الهولندي لا يسمح بسحب الجنسية على الإطلاق “لأن ذلك ينافي عدداً من المبادئ المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية”.
وكان السياسي اليميني المتشددين خيرت فيلدرز قد دعا على منصة “إكس” لمعاقبة “الجناة وخصوصاً المغاربة بشدة وسحب الجنسية الهولندية منهم وطردهم”، قائلا “لا مزيد من مطاردة اليهود في هذا البلد، أنا لا أقبل ذلك”.
الشعب يساندهم
في هذا السياق، قال المتحدث باسم فريق الدفاع الدولي لدى الجنائية الدولية في لاهاي إن خلفية أحداث أمستردام كانت القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أنها هي النقاش الحالي في هولندا “وهي أهم بكثير من نقاش سحب الجنسية”.
ولفت إلى أن السياسيين والإعلام بهولندا أصبحوا في ورطة بسبب تصديقهم السردية الإسرائيلية، دون حتى أن يلتفتوا إلى السردية الرسمية التي أعلن عنها رئيس شرطة أمستردام الذي أكد أن من افتعل أعمال الشغب هم مشجعو الفريق الإسرائيلي باعتدائهم على البنايات وسائقي سيارات الأجرة، فضلاً عن هتافهم بشعارات عنصرية تدعو إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما أنها تشيد بالإبادة الجماعية.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الفاعل السياسي والإعلام الهولنديين اليوم يساءلون أمام الشعب الذي يخرج للشارع معبراً عن مساندته للذين واجهوا هؤلاء المجرمين في تلك الليلة والذين شاركوا في الحرب على غزة”.
وبالتالي، فإن مواجهتهم في أمستردام الأسبوع الماضي من قبل “من لهم غيرة على القضية الفلسطينية وعلى أطفال غزة ونسائها كان دفاعاً بداية عن ممتلكاتهم في هولندا، ورداً على شعاراتهم العنصرية التي كان يرفعها الإسرائيليون، الذين امتنعوا بالمناسبة عن احترام دقيقة الصمت تضامناً مع ضحايا فيضانات فالنسيا في اسبانيا”.