story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

خوف وقمع وتحريض ضد الفلسطينيين.. ماذا بعد قرار حظر الإخوان في الأردن؟

ص ص

بينما تتصاعد نيران الحرب على غزة وتعلو أصوات التضامن الشعبي في الأردن، اختارت عمان لحظة فارقة لتوجيه ضربة ضد جماعة الإخوان المسلمين، عبر حظرها رسمياً وسحب غطاء الشرعية عنها، وذلك على خلفية اعتقال 16 شخصاً بتهمة التورط في تصنيع صواريخ ومسيّرات بهدف “إثارة الفوضى”. لكن هل يتعلق الأمر فقط بـ”خلية إرهابية” كما قيل؟ أم أن الحادثة كانت مجرد ذريعة لتصفية حساب طويل مع تيار لطالما أربك حسابات سياسية في المنطقة واحتفظ بقواعد جماهيرية واسعة؟

في حديث لصحيفة “صوت المغرب”، ترى الكاتبة الصحافية الأردنية لميس أندوني أن ما حدث لا يمكن فصله عن اللحظة الإقليمية الراهنة، لا سيما ما بعد “طوفان الأقصى”، إذ تزايدت محاولات شبّان أردنيين للانخراط في العمل الفدائي ضد إسرائيل، رداً على حرب الإبادة في غزة.

وتضيف أندوني: “حتى لو افترضنا أن الخلية كانت تخطط فعلاً لعمليات إرهابية داخل الأردن، فقد تعاملت الدولة معها بطريقة غير مسبوقة منذ خمسينيات القرن الماضي”، مشيرة إلى أنه “كان بإمكانها الاكتفاء بمحاكمتهم بهدوء”.

وتعتقد الدولة الأردنية، وفقاً للمتحدثة، أنه “قد حان الأوان للقضاء على الجماعة، وإنهاء نفوذها في البلاد، على الرغم من أنهم مروا بفترات شكلوا خلالها تحالفات مع النظام”، خاصة من خلال حزبهم، جبهة العمل الإسلامي، الذي ما يزال ينشط بشكل رسمي حتى الآن.

مرحلة ما بعد غزة

وفي إجابتها على سؤال “لماذا الآن؟”، تعتقد الكاتبة الصحافية أن الدولة تحضّر لمرحلة ما بعد الأحداث في غزة، إذ تعتبر أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد تم القضاء عليها، وبالتالي “بدأ الجميع يهيئ نفسه لهزيمة غزة، ولأفق التعاون مع الأميركيين دون مشاكل”.

وتنظم جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مظاهرات حاشدة دعماً للمقاومة الفلسطينية، خاصة في الأشهر الثمانية الأخيرة، “وكانت قادرة على حشد جمهور واسع، يتضمن أيضاً شباباً من خارج دائرة الإسلاميين”، وفقاً للمتحدثة.

وتضيف: “بدأنا نرى انزعاجاً في الدولة تجاه هذه المظاهرات”، التي كان أحد أبرز شعاراتها “كل الأردن حمساوية”، وهو ما أثار استياء الدولة، رغم أن المقصود به كان “كلنا مع المقاومة”.

وأشارت أندوني إلى أنه، منذ بداية العام الجاري، “بدأت حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي تحرض ضد المتظاهرين، وتتهمهم بالانتماء إلى الفصائل الفلسطينية، إضافة إلى تصريحات رسمية اتهمت حركة حماس بالوقوف وراء تلك المظاهرات”.

وترى أندوني أن القرار كان سياسياً في توقيته، متقاطعاً مع حاجة إقليمية لإغلاق صفحة الإخوان المسلمين، تماشياً مع “مزاج إماراتي يسعى لتصفية الجماعة، وضغط أمريكي يهدف إلى تهيئة الساحة لمرحلة ما بعد غزة، ولضم مزيد من الدول إلى المعاهدات الإبراهيمية”.

قمع لحرية التعبير

لكن الأخطر، بحسب أندوني، يكمن في التداعيات التي قد تترتب على قرار الحظر، من تضييق على الحريات، وقمع لأشكال التعبير الشعبي، وتغذية لانقسام اجتماعي خطير قد يتحوّل إلى خطاب كراهية ضد شريحة واسعة من الشعب الأردني.

وأوضحت أن ما يحدث يُوحي بأن هناك تهيئة لوضع قادم “يتم فيه الانقضاض على الحريات”، مشيرة إلى أن جهة شبابية أخرى، لا علاقة لها بالإخوان، كانت تنظم مظاهرة أسبوعية قرب السفارة الإسرائيلية، “إلا أنهم اضطروا إلى إلغاء فعاليتهم الأسبوع الماضي، بعد تعرضهم هم أيضاً للتضييق والاعتقال”.

وتحذر أندوني من أن هذه التضييقات قد تشمل الجميع، وتقول: “لا نعرف إلى أي حد ستقوم الدولة الأردنية بقمع الحريات”، وتضيف: “بدأت مرحلة الخوف، وقد نعود إلى الأحكام العرفية بدون إعلانها”. وتشير إلى أن كٌتَّاب الرأي “أصبحوا يكتبون ويحسِبون كلماتهم، ليس خوفاً فقط، بل خشية أن يشاركوا، ولو من دون قصد، في إذكاء فتنة داخل الأردن”.

تحريض ضد الفلسطينيين

وتخشى أندوني من أن يتحول التحريض ضد الإخوان المسلمين إلى تحريض ضد الأردنيين من أصل فلسطيني، “لأن الدولة تعتقد أن القاعدة الشعبية الأكبر للجماعة في الأردن هي فلسطينية، رغم أن القيادة أغلبها شرق أردنية”.

وتقول إن المشهد يتجه نحو “التجييش ضد الفلسطينيين، وضد الأردنيين من أصل فلسطيني”، مشددة على أن الهدف “لا يقتصر فقط على القضاء على الإخوان المسلمين، بل يشمل كبت حرية التعبير أيضاً”. وتختم بالقول: “لا نعرف إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا القمع، لكن الجميع خائف الآن”.

يُذكر أن الحكومة الأردنية أعلنت، يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها “جمعية غير مشروعة”، مع مصادرة ممتلكاتها ومنع أي نشاط أو انتساب إليها.

وجاء هذا القرار بعد اعتقال 16 شخصاً بتهم تتعلق بـ”التخطيط لهجمات باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ داخل المملكة، والتدريب في لبنان، بالإضافة إلى ضبط متفجرات كانت معدة لاستهداف قوات الأمن ومواقع وطنية”.​

ومن جانبها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، أن الخلية التي اتهمت بالتآمر على البلاد كان نشطاؤها يعملون على “خلفية دعم المقاومة، بصورة فردية، ولا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمت لها بصلة”.

وشددت الجماعة في بيان لها على أنها “التزمت منذ نشأتها قبل 8 عقود بالخط الوطني، وظلت متمسكة بنهجها السلمي، ولم تخرج يوما عن وحدة الصف وثوابت الموقف الوطني، بل انحازت على الدوام لأمن الأردن واستقراره”.