خفض رسوم الاستيراد على العسل من 40% إلى 2.5% يضع الأغلبية أمام شبهة “تضارب المصالح”
خَلَّفَت موافقة الحكومة على تعديل يَروم خفض رسوم الاستيراد على العسل من 40% إلى 2.5%، زوبعة من الانتقادات التي تتهم الحكومة بـ”تضارب المصالح”، حيث كشف رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، أن هذا القرار “سيخدم أساسًا مصالح أحد البرلمانيين من أحزاب الأغلبية”، مُبرزًا في نفس الوقت أن هذا التعديل سيُهدد بشكل كبير الإنتاج الوطني.
وضِمن التعديلات التي جاءت في اجتماعات لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب لمناقشة المشروع، دفَعَ أحد أحزاب الأغلبية بتعديل جديد يَروم تخفيض الرسوم الجمركية من 40% إلى 2.5% على استيراد عسل المائدة بالعبوات التي يفوق وزنها 20 كيلوغرامًا، مُبررًا هذا التعديل بـ”تنمية الاقتصاد الوطني والصناعات المحلية”.
وتفاعلا مع الموضوع أوضح إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ووزير الميزانية السابق أن “هذا القرار يخدم أساسا مصالح نائب برلماني من حزب رئيس الحكومة، والذي تشير بعض المعطيات إلى استحواذه على الحصة الأكبر من إجمالي العسل المستورد”.
وأضاف الأزمي أن “المجموعة النيابية للعدالة والتنمية هي التي تنبهت بداية لهذا التعديل، قبل أن يتبين بعد البحث ارتباط القرار بمصالح النائب المعني والذي حسب بعض المصادر كان حاضرا خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب لمناقشة القانون والتعديلات”.
وأوضح الوزير السابق، أن خطورة هذا التعديل تكمن في كونه “مرتبطا بمصلحة شخص واحد على حساب مصلحة شريحة كبيرة من العاملين في القطاع، وهم مربو النحل في المغرب”، الذين سيعانون من تبعات هذا القرار، مبرزا أنه من حق الفاعلين الاقتصاديين أن يدافعوا ويضغطوا في اتجاه تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية أو رفعها، لكن هذا ينبغي أن يكون “في إطار المصلحة العامة ودون خدمة أسماء أو أفراد بعينهم على حساب شرائح أكبر”.
وتابع المتحدث أن هذا القرار ينضاف إلى قرارات مشابهة ستدفع البلاد نحو الاعتماد الكلي على الاستيراد، مبرزا أن المشكل لا يكمن في مادة معينة بحد ذاتها، بل في التوجه العام نحو إضعاف الإنتاج المحلي وتشجيع الاستيراد حتى في المنتجات التي نملك القدرة على إنتاجها بسهولة دون الحاجة إلى تكنولوجيات وصناعات متطورة، مثل العسل.
وشدد المسؤول الحزبي على أن استمرار هذا الوضع، قد يؤدي إلى القضاء على قطاعات الإنتاج المحلية، “بحيث أن هذا المنطق اعتمدته الحكومة في الأبقار والأغنام واللحوم وفي قطاع النسيج والألبسة وكذا الأدوية”.
وفي تبريراتها لهذا الإجراء أوضحت الحكومة ردا على المعارضة، أنها اتبعت في قبولها لهذا التعديل “نفس المنطق الذي اتبعته حكومة العدالة والتنمية سابقا في تخفيضها لرسوم الاستيراد على الشاي غير المعلب ضمن قانون المالية لسنة 2015″، حيث عمدت حكومة ابن كيران آنذاك إلى تشجيع استيراد الشاي غير المعلب بهدف تصنيعه داخل المغرب، وخلق فرص الشغل.
وتعليقا حول هذا الرد، أوضح الأزمي أنه لا يمكن تطبيق نفس المنطق على المادتين نظرا للتباين الكبير في الإنتاج المحلي بينهما، مفسرا أن العسل يتم إنتاجه محليًا بكميات كبيرة، أما الشاي فلا ينتج المغرب منه سوى كميات قليلة جدًا، فيما يستورد المغرب معظم الطلب عليه من الخارج، “وهو ما دفع إلى خفض الرسوم عليه من أجل تطوير نشاط التعليب بالمغرب”.
في ذات السياق، تساءل ذات المصدر إن كانت الحكومة مقتنعة حقيقة بهذا المنطق “فلماذا لم تضمنه في مشروع قانون المالية، وانتظرت أن يقدم نواب الأغلبية هذا التعديل فتقبله بكل سهولة ودون أن تراعي مصالح مربي النحل والإنتاج الوطني من العسل؟”
من جانبها، كانت النقابة الوطنية لمحترفي النحل بالمغرب قد صرَّحت سابقًا في بلاغ لها أن هذا القرار “سيشكل ضربة قاصمة لإنتاج العسل وطنيًا، من خلال خلق منافسة غير شريفة وغير متكافئة”، ما سيلحق ضررًا بالغًا بالنحالين المغاربة.
وحذرت من إفلاس المئات من المؤسسات، سواء التعاونيات أو الشركات التي تشتغل في هذا القطاع، والذي لم يتعاف بعد من كارثة انهيار خلايا النحل بالمغرب، التي تسببت في تدميره بنسبة فاقت 70%.
الإجراء الجديد، يقول النحالون، إنه يُضاف إلى قرار سابق صدر في 2017 أضر بتجارتهم، وهو قرار يسمح بخلط العسل المغربي بالعسل المستورد. واعتبروا أن القرارات المتتالية تُعدّ “ريعًا”، المستفيد الوحيد منه هو بضع شركات معدودة، على حساب آلاف النحالين الذين يتجاوز عددهم 36 ألف نحال، حسب إحصائية وزارة الفلاحة لسنة 2019.