خبير قانوني: لا حق للمؤسسات الفندقية في مطالبة نزلائها بوثيقة عقد الزواج

أثارت تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي حول مطالبة المؤسسات الفندقية بالإدلاء بوثيقة عقد الزواج لكل رجل وامرأة مغربيين، يرغبان في حجز غرفة بإحدى الفنادق، جدلا كبيرا بين من يرى أن هذه الوثيقة تتضمن معطيات شخصية وليس من حق المؤسسات الفندقية الاطلاع عليها، وبين من يرى أن تساهل هذه المؤسسات أو عدم مطالبتها بوثيقة عقد الزواج سيفتح الباب أمام تشجيع العلاقات الرضائية خارج إطار مؤسسة الزواج.
وفي هذا الإطار يقول الخبير القانوني خليل عبد العزيز إنه من المنطلق القانوني، “لا يوجد أي نص قانوني يخول للمؤسسات الفندقية أن تطالب النزلاء بالإدلاء بعقد الزواج لكل ذكر وأنثى مغربيين يريدان أن يستفيدا من الخدمات الفندقية”، مضيفا أن ” المؤسسات الفندقية ستكون في هذه الحالة بصدد مخالفة القانون وبصدد مخالفة نص صريح وهو الفصل 57 من قانون حماية المستهلك الذي يفرض على كل من يقدم خدمة معينة ألا يمتنع عن تقديمها بدون مبرر قانوني”.
وأوضح الخبير القانوني أن هذه الوثيقة، “تعتبر وثيقة خاصة وتتضمن معطيات شخصية ولا يمكن أن تخول المطالبة بها لأي كان إلا بموجب نص قانوني صريح”.
وبالمقابل، يقول رأي آخر إن المؤسسات الفندقية قد تصبح مساهمة في ارتكاب جريمة علاقة رضائية خارج مؤسسة الزواج بمفهوم القانون الجنائي، إذا لم تطالب رجل وامرأة مغربيين يرغبان في الاستفادة من الخدمات الفندقية من وثيقة عقد الزواج.
ومن جهته قال المحامي والبرلماني السابق نجيب البقالي، إن الغريب في تصريحات وزير العدل هو أنه “ما فتئ يثير كل الزوابع بخصوص ما يسمى الحريات الفردية”، مشيرا إلى أن وهبي طرح هذه النقطة بدون أي سياق أو مناسبة.
وأشار المتحدث، إلى أن التشريع المغربي “يستند إلى ثوابت تؤكد أن العلاقة الشرعية الوحيدة بين الرجل والمرأة هي علاقة الزواج، وهو ما أكد عليه الدستور المغربي في الفصل 32، كون الأسرة هي نواة المجتمع”، مشددا على أن “جميع المقتضيات القانونية والدستورية تجعل من الواجب وتفرض على أي مسؤول على أي مؤسسة سياحية أن يتأكد من طبيعة العلاقة القانونية ما بين الرجل والمرأة”.
ويمنع القانون الجنائي المغربي إقامة علاقات رضائية خارج مؤسسة الزواج حسب منطوق الفصل 490 الذي يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة كل رجل وامرأة أقاما علاقة جنسية خارج إطار الزواج.
وقد كان هذا الفصل على الدوام محط جدال كبير بين من يطالب بحذفه، ومن يصر على الإبقاء عليه.
وعلاقة بذلك يقول خليل عبد العزيز إنه، “لا يمكن أن يقوم هذا الافتراض واقعا أو قانونا ولا يمكن أن يصمد على اعتبار أنه لا يمكن أن يفترض في الناس أنهم سيقومون بجريمة، لأنه لا يمكن أن نحاكم نية الأفعال”.
وأضاف المتحدث ذاته أن الرأي القانوني الرزين ينص على أنه ألا نفترض أو نتخيل وقوع جريمة معينة “وإلا سنكون بصدد منع العديد من الأفعال أو بصدد التوقف عن تقديم العديد من الخدمات في مختلف المجالات بدعوى أنه يمكن أن تقع جريمة معينة وهذا لا يعقل في المنطق القانوني، أي أنه يجب أن تقع الجريمة كي نحاكمها ولا نحاكم النوايا”.
وأشار الخبير القانوني إلى أن الفنادق “ليست لها أية حجة وليس هناك أي نص قانوني يخول لها المطالبة بهذه الوثيقة” بل هناك نصوص قانونية تفرض عقوبات على هذه الفنادق إن امتنعت على تقديم هذه الخدمة لمن يرغب فيها دون سبب قانوني.
وسجل المصدر ذاته أن هذه العقوبات “تبتدئ من غرامات مالية ما بين 1200 و10000 درهم، وفي حالة العود داخل أجل 5 سنوات تضاعف هذه الغرامة”.
وخلص خليل عبد العزيز على أن الرأي القانوني يقول “إنه لا يوجد أي معطى قانوني يخول هذا الحق للفنادق وبالتالي فإنهم يكونون بصدد ممارسة خارج إطار القانون توجب المساءلة القانونية”.
وفي السياق ذاته، كان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قد انتقد يوم الثلاثاء 21 ماي 2024، استمرار بعض المرافق والإدارات، في طلب وثائق غير ضرورية أو غير قانونية من المواطنين، ومنها طلب عقد الزواج للمواطنين في الفنادق.
وقال وهبي أمام مجلس المستشارين، في رده على سؤال شفوي آني حول تدابير حماية المواطنين من الوثائق الإدارية غير الضرورية، إن أي وثيقة تملكها إدارة الدولة لا يمكن أن تطلب من مواطن بل من الإدارة المعنية، وقال في هذا الصدد “لا أفهم كيف تطلب السوابق العدلية من مواطن، بل يجب طلبها من وزارة العدل”.
وحذر الوزير من طلب وثائق قال إنها تمس بالحياة الخاصة للمواطن وغير قانونية، موضحا في هذا الصدد أن الفنادق لا حق لها في طلب عقد الزواج لنزلائها، وعبر عن موقفه بالقول إنه “لا حق لهم في طلب عقد الزواج، ولا سند قانوني، ومن يطلب هذه الوثائق مخالف للقانون ويجب متابعته قضائيا”.