خبير سياسي يكشف أبعاد الزيارة الأخيرة لدي ميستورا إلى المغرب
حرص وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، خلال مباحثات أجراها أول أمس الخميس 05 أبريل 2024 بالعاصمة الرباط، مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، على تكرار تأكيده بشأن ثوابت موقف المملكة بخصوص ملف الصحراء؛ والتي لم تخرج عن نطاق دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وحصر العملية السياسية في الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة بمشاركة كاملة من الجزائر، مشددا على أنه “لا عملية سياسية جدية، في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يوميا من قبل مليشيات البوليساريو”.
مسار الزيارة
زيارة دي ميستورا للمغرب، لم يعلن عنها في وقت سابق، حيث قدم من العاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد أيام قليلة من إعلان الأمم المتحدة في برنامجها الشهري، عن تخصيص تاريخ 16 أبريل لعقد جلسة مغلقة تناقش ملف الصحراء المغربية، حيث يرتقب أن يستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى الإحاطة التي سيقدمها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء.
هذه الجلسة المغلقة، لن تكون بمنأى عن ترقبات المجتمع الدولي، حيث لن يتم فيها فقط عرض خلاصات مشاورات الوسيط الأممي الدولية وآخر مستجداته في ملف النزاع الإقليمي، بل ستشارك دولة الجزائر بعضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن، في وقت يستمر فيه قصر المرادية بالتزامه المعهود في دعم الجبهة الانفصالية ونسف مخطط الحكم الذاتي.
وفي هذا السياق، كان المبعوث الأممي قد كثف من زياراته الديبلوماسية حول ملف الصحراء المغربية، فقبل زيارة نواكشوط يوم الثلاثاء الماضي، التي لم تدلي موريتانيا بأي تفاصيل حولها، مكتفية بتوضيح عبر وكالة موريتانيا للأنباء، قالت فيه إن “اللقاء تناول بحث العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والأمم المتحدة”، حل دي ميستورا في عدة دول؛ من بينها جنوب إفريقيا، والتي خلفت زيارته لها غضبا من طرف المغرب، كونه يرى أن جنوب أفريقيا ليست طرفا في النزاع، فضلا عن زيارة أخرى إلى كل من روسيا والمملكة المتحدة بخصوص هذا الملف.
“تحركات لن تفرض حلا سياسيا”
وتعليقا على هذا الموضوع، يرى المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إبراهيم بلالي اسويح، أن “تتبع مسار التسوية الأممية لملف الصحراء يحيل إلى تجاذبات الوساطة التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء ستيفان دي ميستورا”، موضحا أن “من بين الاعتبارات التي تجعل هذه الإحاطة مهمة؛ الجلسة الأولى التي سيقدم من خلالها ملامح مقاربته لوجهات النظر بناء على زياراته التي بدأت بالأقليم الجنوبية في المغرب مرورا بجنوب إفريقيا انتهاء بزيارته الأخيرة لموريتانيا، إذ أن تحركاته الدولية لم تخرج عن سياق تحركات من سبقوه.
واعتبر بلالي اسويح في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “هذه التحركات لا ترقى إلى مستويات فرض حل سياسي واقعي”، مضيفا أنه ” لم يحن الوقت للحديث عن إحراز تقدم في الدفع بالعملية السياسية السلمية المبنية على مواقف كل طرف؛ علما أن مراحل الوصول إلى الترجمة الميدانية لقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة تبدأ بتحديد أطراف النزاع الحقيقيين، مع الإشارة إلى شكل التفاوض، هذه القاعدة التي يجب أن تكون محكومة بحل واقعي مقبول بين الأطراف”.
دي ميستورا..”مظلة أممية”
وأضاف المحلل السياسي أن إرادة الطرف الجزائري للجلوس على طاولة المفاوضات، “مستبعدة، ولأنها مربط الفرس لإنجاح هذه الوساطة، قد يتجسد هذا الموقف المتعنت للجزائر في جلسة مجلس الأمن المغلقة المنتظرة، وذلك بهدف إطالة أمد هذا النزاع المفتعل وتعقيد مهمة الوسيط، ناهيك عن جعل هذه الورقة ذات فعالية أكثر في المزايدات الإقليمية، خاصة في ظل التنافس القطبي العالمي الجديد والتطورات المتسارعة التي تعرفها بؤر تؤثر أخرى في أوكرانيا وغزة تحديدا”.
وتابع عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، “تحركات دي ميستورا، ما هي إلا مظلة أممية، إذ حاول توسيع مشاوراته في حقل من الألغام، كاد أن ينفجر به لغم بريتوريا وينهي مهمته بعد احتجاج المغرب ورفضه القاطع لأي وساطة أوحتى مشاورة من بلد لا تجمعه به جغرافيا أو سياسيا أية علاقة..كما أنه لا تربطه به أي صلة بملف الصحراء” مبرزا “فما بالك أن يكون داعما جهارا للطرح الانفصالي”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “آفاق الحل السياسي لقضية الصحراء المغربية مرهونة بهذه التجاذبات التي لا يبدو أن الأمد القريب كفيل بإيجاد هذه التسوية النهائية”، موردا أن المغرب يسير نحو ترجمة ميدانية لمصداقية مبادرته الداعمة للحكم الذاتي في الصحراء، ويعزز موقعه التفاوضي الحاسم أمام خيارات غير واقعية تلوح بها كل من الجزائر وجبهة “البوليساريو” الانفصالية، إذ تزيد من عزلتهما وتجعل من خطاباتهما، عرقلة حقيقية لتحريك المياه الراكدة لهذا الملف الإقليمي.