خبير: تقرير غوتيريش حول الصحراء المغربية “ملغوم” ويتسم بنوع من التراخي
عبر الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتيريش عن قلقه “جراء الوضع” في الصحراء المغربية، موضحا أن “استمرار ترسيخ الحالة الراهنة المتدهورة مقترنا بحوادث غير مسبوقة أمر ينذر بالخطر ولا يمكن تحمله ويلزم العدول عنه على وجه السرعة لتجنب أي تصعيد آخر”.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير حول قضية الصحراء المغربية، أن عدم وجود وقف كامل لإطلاق النار ساري المفعول بين المغرب و”جبهة البوليساريو” الانفصالية، “يشكل انتكاسة كبيرة في السعي للتوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الذي طال أمده ويزيد من تهديد استقرار المنطقة، مع تزايد خطر التصعيد كلما طال أمد الأعمال القتالية”.
وتعليقا على التقرير، اعتبر خبير متخصص في ملف الصحراء المغربية، طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لصحفية “صوت المغرب” أن هذا التقرير يتسم بنوع من التراخي” بالمقارنة مع باقي التقارير التي صدرت في عهد الأمين العام الحالي، موضحا أن التقرير “لم يكن واضحًا في ترتيب المسؤوليات على الجبهة الانفصالية، خاصة فيما يتعلق بوصفه لبعض التجاوزات، ولم يكن دقيقًا وواضحًا في ترتيب المسؤوليات والتوصيات والملاحظات إزاء بعض الانزلاقات أو الإشكاليات التي تمس بالوضع العام في الإقليم”.
وأضاف قائلا إنه “على سبيل المثال، التقرير يتحدث بتفاصيل عن تصاعد منسوب التوتر، ويقدم بيانات دقيقة حول الهجمات التي نفذتها جبهة البوليساريو الانفصالية، والتي تحققت منها البعثة، وكانت هذه الهجمات على بُعد أمتار من المقرات الميدانية واللوجستية للبعثة، ومع ذلك، فإن هذا الوصف للحالة لم تترتب عنه أي توصية أو ملاحظة حاسمة في باب التوصيات والملاحظات”.
“قلق الأمين العام للأمم المتحدة إزاء الحالة الإنسانية في مخيمات اللاجئين، يبدو مفهوما ،ليس فقط لأن هناك تراجع كبير في حجم المساعدات بل لأن غوتيريش يعلم أكثر من غيره الوضع الإنساني في المخيمات، بالنظر إلى كونه مسؤولا عن الوكالة سابقا.. لكن الغير المفهوم، هو كيف لم يحرص على ترتيب توصية صريحة بشأن ضرورة التعجيل بإحصاء ساكنة المخيمات، على اعتبار أن الإحصاء، ليس مجرد عملية تقنية، بقدر ما هو مدخل مركزي لضمان حماية ساكنة المخيم وتمكينهم من كل الحقوق التي تضمنها الاتفاقيات ذات الصلة، هذا بالإضافة إلى كون مسألة الإحصاء تدخل ضمن تنفيذ القرار 2703″، يوضح ذات المصدر.
غير أن المسؤول الأممي دعا في تقريره إلى “توقف جميع الأعمال القتالية على الفور وأن يتم إعادة وقف إطلاق النار بشكل كامل”، مضيفا بالقول: “ما زلت أعتقد بأنه من الممكن التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان”.
ومن جانبه، وصف مصدر “صحيفة صوت المغرب” التقرير “بالملغوم” من حيث المفهوم خاصة عندما يتحدث في الفقرة 73 عن العوامل التي أعاقت إجراء تقييم شامل لحالة حقوق الإنسان في المنطقة، “بمعنى أن التقرير يفيد بطريقة غير مباشرة أنه لا زال يبحث عن بينية لرصد مستقل ونزيه وشامل، وكذلك الفقرة 74 التي تتحدث عن تقلص متزايد في الحيز المدني، من خلال تقديم مثالين فقط يتعلقان بمحاكمة صحافي صحراوي، وحرمان مدافع صحراوي من ممارسة المحاماة”.
وتساءل المتحدث ذاته عن إمكانية الارتكاز إلى حالتين فقط للتأكيد على هذا التقلص؟ موضحا أنه “من الناحية المبدئية، نحن نؤمن بأن المحامي يجب أن يكون له الحق في ممارسة المحاماة، بغض النظر عن آرائه السياسية. لدينا محامون معروفون بآرائهم السياسية، وكذبك الصحافي، لكن لماذا يُثار الآن هذا الموضوع؟”.
وخلص المصدر إلى التحقيق في هذه الأمور والتصدي لها، مبرزا أنه لا يمكن اعتبار هاتين الحالتين مؤشرًا كافيًا للحديث عن تقلص متزايد للحيز المدني.
ومن جانب آخر أشار الأمين العام الأممي في تقريره إلى مشاورات ثنائية غير رسمية عقدت “بصورة بناءة مع المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا وأعضاء مجموعة الأصدقاء تحت رعاية المبعوث الشخصي للصحراء في نيويورك شهر مارس 2023، معتبرا إياه “إطارا إضافيا يمكن الاستناد إليه ورحب به مجلس الأمن بقوة في قراره 2703”.
وركز غوتيريش في ذات التقرير على الدور الحاسم للدول المجاورة في التوصل إلى حل المسألة الصحراء، معبرا عن أسفه بسبب عدم وجود تحسن ملموس في العلاقات بين المغرب والجزائر.
وفي هذا السياق، طالب البلدين بإقامة الحوار من جديد لإصلاح علاقاتهما وتجديد الجهود الرامية إلى تحقيق التعاون الإقليمي، لأغراض منها تهيئة بيئة مواتية للسلام والأمن.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة كذلك بالتحسن المحدود في حرية حركة البعثة شرق الجدار الرملي، مطالبا جبهة “البوليساريو” الانفصالية بإزالة جميع القيود (…) على حرية حركة البعثة، بما في ذلك الطلعات الاستطلاعية بطائرات الهليكوبتر، واستئناف الاتصالات الشخصية المنتظمة مع قيادة البعثة المدنية والعسكرية على حد سواء، في الرابوني، وفق الممارسة المتبعة سابقا.
وعلى الجانب الإنساني، استنكر غوتيريش الأوضاع الإنسانية الصعبة للمحتجزين في مخيمات تندوف بسبب الفقر والتهميش والمعاناة من سوء التغذية والضعف الشديد، حيث قال “وما زال القلق يساورني إزاء الحالة الإنسانية في مخيمات اللاجئين بالقرب من تندوف، ولا تزال آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية شديدة. وإلى جانب الظروف البيئية القاسية ومحدودية الفرص الاقتصادية تجعل هذه الحالة العديد من الصحراويين يعانون من سوء التغذية والضعف الشديد”.
وخلص الأمين العام للأمم المتحدة إلى مطالبة جميع المعنيين بالانخراط “بحسن نية وبروح من الانفتاح، وأن يمتنعوا عن وضع شروط مسبقة، وأن يسهبوا في عرض مواقفهم بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان”، موضحا أن الأمم المتحدة تبقى على استعداد لضمهم جميعا في مسعى مشترك للمضي قدماً في البحث عن حل سلمي لمسألة الصحراء المغربية.