خبير: ترسيم الحدود مع المغرب مسألة وجودية لإسبانيا
اعتبر المحلل السياسي والباحث الأكاديمي بجامعة “كومبلوتنسي” بمدريد، سعيد إدى حسن، أن سانشيز وصل إلى قناعة التخلي عن النظرة الاستعلائية والجلوس إلى طاولة التفاوض للوصول إلى اتفاقات بشأن كل الملفات الشائكة وعلى رأسها ترسيم الحدود البحرية مع جزر الكناري.
ولم تكشف أول زيارة لوزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، خلال الولاية التشريعية الجديدة عن معالم واضحة حول موضوع ترسيم الحدود بين المغرب وجزر الكناري والنقاش الذي أثارته حول الاستثمارات التي قرر المغرب القيام بها في الواجهة الأطلسية بالأقاليم الجنوبية.
قضية وجودية
وفي هذا الصدد، قال سعيد إد لحسن إن “مسألة ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا على الواجهة الأطلسية هي مسألة جد شائكة لأنها تتجاوز الأبعاد السياسية والسيادية، إلى ما هو اقتصادي ووجودي بالنسبة لجزر الكناري ولإسبانيا بشكل عام”.
وفي تفصيله للبعد السيادي للحدود المغربية الكنارية، أوضح المحلل السياسي، في تصريح ل”صوت المغرب” أن “المغرب قام بشكل سيادي باعتماد قانونين صادق عليهما البرلمان المغربي قبل سنتين لترسيم الحدود البحرية في الواجهة الأطلسية” مضيفا أن المغرب “انتظر طويلا أن تَقبل إسبانيا بترسيم الحدود بشكل متوافق ومتفاوض بشأنه”.
وتابع “إسبانيا لا تريد إلى حدود الساعة الموافقة على ترسيم الحدود مع الواجهة الأطلسية للمملكة، لأن هذا الأمر يعني اعترافها ضمنيا بسيادة المغرب على الصحراء وعلى المنطقة الاقتصادية البحرية التابعة للأقاليم الصحراوية”.
مشروعية التصرف
وعن مشروعية الاستثمارات التي سيقوم بها المغرب القيام بها في الواجهة الأطلسية للأقاليم الجنوبية ، أكد المتخصص في الشأن الإسباني المغربي أن “المغرب يَعتبر أن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي وأن له الحق في القيام بأنشطة اقتصادية في منطقته الإقتصادية حسب القانون البحري الدولي، خاصة الصيد البحري والتنقيب على البترول والغاز”.
جدية المغرب في إنجاز مشاريع إقتصادية تربطه بعمقه الإفريقي عبر الواجهة الأطلسية “أثار حفيظة قطاعات مؤثرة داخل دواليب الدولة الإسبانية حتى لا نقول فقط الحكومة الإسبانية”، وتابع المحلل السياسي في تفكيك بنية القرار الديبلوماسي الإسباني “الحكومة لسيت لوحدها من يتحكم في القرارات السيادية وإنما هناك متدخلين آخرين لهم كلمتهم فيما يخص المسائل السيادية”.
وربط المتحدث نفسه تحركات المغرب الأخيرة في ظل استمرار حكومة سانشيز “بوعي الديبلوماسية المغربية بأنها أول حكومة إسبانية وصلت إلى قناعة بأن لا محيص عن سياسة المعقول والواقعية في علاقتها مع المغرب والتعامل ببراغماتية وواقعية مع الجار الجنوبي المغربي”.
تماس السياسي بالاقتصادي
وفيما يخص الجانب الاقتصادي، سجل سعيد إدى حسن أن “قطاعات واسعة ورجال أعمال كثر بجزر الكناري يريدون ويحبذون ويسعون إلى إقامات علاقات شراكة استراتيجية مع المغرب خاصة في المجال السياحي والتجاري في الأقاليم الجنوبية”، لافتا “أنهم يعتبرون أن الأقاليم الصحراوية المغربية منطقة خام ويمكن تحويلها الى منطقة استثمارات تُدِّر أرباح خيالية”.
وأشار المحلل السياسي نفسه إلى أن جزء من الرغبة لدى رجال الأعمال والمستثمرين في جزر الكناري في توسيع النشاط الاقتصادي مع المغرب “ينبُع من الشواطئ والموارد الطاقية المحدودة في الكناري عكس الشواطئ المغربية الصحراوية التي تمتد على مئات الكيلومترات إضافة على المؤهلات السياحية الواعدة”.
وعاد المصرح نفسه ليؤكد إلى أن جزر الكناري لا تعارض التقارب مع المغرب على مستوى الاستثمار في المناطق الجنوبية بقدر ما لها توجسات بشأن المسائل السيادية وخاصة قضية الأنشطة الاقتصادية أي الصيد البحري، حيث سيصبح الصيد في المياه الصحراوية مقرون بالحصول على تراخيص من السلطات المغربية لأن المغرب قام بترسيم الحدود البحرية.
النظرة الدونية
وفيما يخص قضية السيادة، سجل سعيد إدى حسن أنه “لا يمكن إغفال أن هناك قطاعات داخل الدولة الإسبانية تتوجس من تحول المغرب إلى قوة إقليمية واكتشاف آبار نفط أو غاز، وهذا سيجعل منه (المغرب) قوة في المنطقة ككل وليس فقط في شمال افريقيا أو في إفريقيا”.
وربط المتحدث ذاته هذه التوجسات “ببعض التيارات في الدولة الإسبانية التي ما زالت تحتفظ بتلك النظرة الدونية والاستعلائية للمغرب على أنه مستعمرة سابقة ليس له الحق في أن ينافس إسبانيا أو يعادلها أو يتفوق عليها”.
واستحضر المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية في سياق حديثه عن الصورة التي تحتفظ بعض التيارات الإسبانية عن المغرب “ما نشاهده في توجه الصحافة الإسبانية اليمينية” مشددا على أن “هذه التيارات تخترق بعض دواليب الدولة الاسبانية مثل الجيش وجهاز الأمن وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار”.