خبير: المغرب يفقد موارد مائية ضخمة بسبب التبخر وغياب حلول مستدامة

مع حلول فصل الصيف واشتداد موجات الحرارة، يعود إلى الواجهة النقاش حول الانعكاسات الخطيرة لارتفاع درجات الحرارة على الموارد المائية، وخاصة المياه السطحية والجوفية، في ظل الأزمة المائية التي يعيشها المغرب منذ سنوات.
في ظل تفاقم ظاهرة الجفاف وتراجع منسوب التساقطات المطرية، بات الحفاظ على هذه المادة الحيوية، التي توصف بـ”الإكسير الحقيقي للحياة”، أحد التحديات الاستراتيجية الكبرى التي تواجهها المملكة، ويثير هذا الوضع المتأزم تساؤلات ملحة حول سبل مواجهة هذه الظاهرة وابتكار حلول مستدامة للحد من ضياع واستنزاف الثروة المائية.
وفي هذا السياق، أكد المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، جواد الخراز، أن ارتفاع درجات الحرارة له تأثير مباشر وخطير على الموارد المائية في المغرب، سواء السطحية منها أو الجوفية.
وأشار الخراز في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن كميات ضخمة من المياه تُفقد يوميًا بسبب التبخر، إذ يمكن أن تصل إلى مليون وخمسمائة ألف متر مكعب يوميًا في بعض الفترات، نتيجة أشعة الشمس القوية وارتفاع درجة الحرارة، خاصة في فصل الصيف.
وأوضح المتحدث ذاته، أن هذا الوضع يزداد حدة في ظل عقد كامل من الجفاف وشح التساقطات، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لتقليل آثار التغير المناخي، من خلال تبني حلول مبتكرة ومستدامة.
وفي هذا الصدد، أبرز الخبير أهمية مشروع الألواح الشمسية العائمة، الذي تم إطلاق أول تجربة له على مستوى سد طنجة المتوسط، موضحًا أن تعميم هذا النوع من المشاريع على باقي المسطحات المائية، من سدود وبحيرات وأنهار، سيساهم في تقليص تبخر المياه، إلى جانب إنتاج الطاقة النظيفة.
وأشار إلى أن الحفاظ على الموارد المائية يتطلب كذلك اعتماد تقنيات الري الحديثة، وعلى رأسها الري بالتنقيط، لتحسين كفاءة استخدام المياه، خاصة في القطاع الزراعي الذي يستهلك نحو 87% من الموارد المائية بالمغرب.
وشدد المتحدث على ضرورة توعية المواطنين والمستهلكين، كذلك، بأهمية ترشيد استخدام الماء، خصوصًا في الفترات الحرجة التي تعاني فيها البلاد من ندرة حادة في الموارد، داعيًا إلى اعتماد سلوك جماعي أكثر مسؤولية تجاه هذه المادة الحيوية.
أما خلال فصلي الخريف والشتاء، حيث تتوفر التساقطات، فدعا الخراز إلى استثمار هذه الفترات في تخزين المياه واستعمالها لاحقًا في حقن الفرشات المائية، سواء عبر المياه المعالجة أو الأمطار الزائدة، من خلال تقنيات حديثة تضمن استدامة الموارد في فترات الجفاف.
وحذّر المتحدث من التأثيرات السلبية لذوبان الثلوج المبكر في جبال الأطلس والريف، بسبب موجات الحرارة، الأمر الذي يؤدي إلى جريان مبكر للمياه وتبخرها قبل الاستفادة منها فعليًا، مؤكدا أن ضمان الأمن المائي للمغرب يمر عبر تبني حلول ذكية ومستدامة، وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة عالية، لمواجهة التحديات المناخية المتفاقمة.
ويعيش المغرب خلال الفترة الحالية على وقع موجة حرارة مرتفعة، بحيث أعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن معظم مناطق المملكة ستشهد، خلال الأيام المقبلة، ارتفاعًا مهولا في درجات الحرارة، ستتراوح ما بين 35 و41 درجة مئوية داخل البلاد، فيما ستتراوح ما بين 30 و34 درجة على طول السواحل الأطلسية.