خبير: السياحة الصينية فرصة استراتيجية للمغرب تتطلب المزيد من التكييف السياحي

أبدى خبراء في الشأن السياحي تفاؤلهم إزاء مؤشرات الانفتاح المتزايد للمغرب على السوق السياحية الصينية، بعد شروع المكتب الوطني المغربي للسياحة في إجراءات الحصول على تصنيف “China Ready”، والذي يعتبر اعتمادا دوليا مرموقا يعكس جاهزية الوجهات السياحية لاستقبال الزوار الصينيين وفق معايير خاصة.
وأكد الخبراء أن هذا الاعتماد، الذي يسعى المكتب الوطني المغربي للسياحة إلى نيله، يعد إشارة قوية إلى انفتاح المغرب على أسواق جديدة، خصوصًا تلك ذات الإمكانات الكبيرة مثل السوق الصينية، التي تُعتبر من بين أكبر الأسواق المصدرة للسياح على مستوى العالم من حيث العدد وحجم الإنفاق.
في هذا الصدد، أوضح الخبير السياحي الزوبير بوحوت، أن خطوة الحصول على تصنيف “China Ready” تأتي ضمن استراتيجية الانفتاح على أسواق سياحية صاعدة ذات إمكانيات عالية، موضحا أن “الصين تمثل فرصة نوعية للمغرب، نظرا لعدد سكانها الهائل الذي يُناهز 1.4 مليار نسمة، ولإمكاناتها الاقتصادية المتنامية التي تُفرز فئات متوسطة وثرية جديدة ذات قدرة إنفاقية عالية”.
من جهة أخرى، يُعرف السياح الصينيون بميولهم الكبيرة نحو التسوق والإنفاق أثناء السفر، وهو ما يُشكّل، بحسب الخبير، “فرصة اقتصادية مهمة للقطاع السياحي المغربي”، كما أكد على أن الصين “ليست فقط سوقًا سياحية واعدة، بل تُعد أيضًا شريكًا استراتيجيًا للمغرب على مستويات متعددة، خاصة في ظل تنامي الاستثمارات الصينية في مجالات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية”.
وتعزز هذه الفرص بزيادة تدريجية في عدد السياح الصينيين الوافدين إلى المغرب، حيث أشار بوحوت إلى أنه “قبل سنة 2016، لم يكن عدد السياح الصينيين يتجاوز 10 آلاف زائر سنويًا، لكن بعد زيارة الملك محمد السادس إلى الصين وإلغاء التأشيرة، ارتفع العدد إلى 40 ألف سائح في ظرف ستة أشهر فقط”.
وتابع أن هذا الارتفاع التدريجي استمر في السنوات اللاحقة، حيث وصل عددهم سنة 2023 إلى 59 ألف سائح، قبل أن يرتفع بنسبة 78 بالمائة ليبلغ 106 آلاف سائح في عام 2024، رغم غياب خطوط جوية مباشرة آنذاك.
واعتبر الخبير السياحي أن بداية تشغيل خط جوي مباشر بين المغرب والصين، من طرف الخطوط الملكية المغربية وشركة طيران صينية عبر مرسيليا، شكل نقلة نوعية، حيث قال إن “80 بالمائة من الركاب على هذا الخط حجزوا تذاكرهم مباشرة إلى المغرب، وهو ما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالوجهة المغربية”.
ومن أجل تطوير جاذبية الوجهة المغربية لدى السياح الصينيين، شدد بوحوت على أهمية تكييف المنتوج السياحي مع خصوصيات هذا السوق، سواء من حيث الخدمات أو المحتوى الثقافي والتجارب المقدمة.
وأبرز في هذا السياق ضرورة توفير محتوى رقمي باللغة الصينية، يسمح لهؤلاء السياح باكتشاف المغرب وفهم مكوناته السياحية بطريقة سلسة ومألوفة، ما يعزز من ثقتهم ويشجعهم على اتخاذ قرار السفر.
كما أشار إلى ضرورة تحسين “التشوير” (signalétique)، داعيًا إلى “اعتماد معايير تتماشى مع الثقافة الصينية سواء من حيث الرموز أو الترجمة أو أسلوب التواصل، حيث يساهم هذا التكييف، بحسبه، في تحسين تجربة السائح منذ لحظة وصوله إلى المغرب ويقلل من الحواجز اللغوية والثقافية”.
وشدد الخبير على ضرورة “تنظيم زيارات ميدانية لوكالات الأسفار والصحافيين الصينيين لتعريفهم بمؤهلات المغرب السياحية، للمساعدة على تكوين صورة حقيقية عن الوجهات السياحية المغربية”، كما أكد على “أهمية تكوين الأطر السياحية المغربية ليكونوا مؤهلين للتعامل مع السياح الصينيين وفق معايير ثقافية ولغوية ملائمة”.