خبير: التسوية الطوعية ستُمكِّن من مصالحة المغاربة مع أداء الضريبة
انتهت قبل أيام المهلة الأخيرة التي منحتها مديرية الضرائب لعموم المواطنين بهدف تسوية وضعيتهم الضريبية من خلال التصريح بأموالهم ودفع نسبة 5% فقط كـ”ضريبة تصالحية” على هذه الممتلكات، وهو ما يعتبره خبراء فرصة استثنائية لتطويق عدد من المشاكل التي تواجه الاقتصاد المغربي، وكذا “مصالحة المغاربة مع أداء الضريبة بشكل عام”.
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي، محمد جدري، أن التسوية الضريبية تهدف أساسًا إلى مصالحة المغاربة مع أداء الضريبة بصفة عامة، من خلال دفعهم إلى تسوية وضعيتهم الضريبية عبر تقديم عرض امتيازي يتمثل في 5% فقط من الأموال التي سيتم التصريح بها، مبرزًا أن هذا الإجراء سيمكن أيضًا من تغيير العديد من السلوكيات الاقتصادية للمغاربة.
وأوضح الخبير أن الهدف الأول لهذه الضريبة التصالحية يكمن في تقليص القطاع غير المهيكل الذي بلغ مستويات قياسية تصل، حسب بعض التقديرات، إلى 40% من الناتج الداخلي الخام، فيما يقفز الرقم إلى 70% عند احتساب القطاع الفلاحي، موضحًا في هذا السياق أن الأشخاص الذين دفعوا نسبة 5% ضمن هذه التسوية سيتم إدماجهم في الاقتصاد الوطني، وسيبدأون في التصريح بمداخيلهم في السنوات القادمة.
أما ارتفاع نسبة التداول بالكاش خارج الإطار البنكي، التي اعتبرها والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، سابقًا أنها من بين الأعلى في العالم، فقد أردف الخبير أن الإجراء الأخير سيمكن من تقليص حجم “الكاش” بشكل كبير في المغرب، إذ سيقوم العديد من الأشخاص بالإفصاح عن أموالهم التي يكتنزونها في بيوتهم وإيداعها في حسابات بنكية.
وتشير دراسة لبنك المغرب حول الموضوع إلى أن ثلثي النقد المتداول والمقدر بأزيد من 400 مليار درهم يوجّهه المغاربة للاكتناز، حيث تشير النتائج التي توصل إليها بحث بنك المغرب من خلال جرد النقود المتداولة حسب الفئة، إلى أن 75% من النقود المتداولة هي من فئة 200 درهم، في الوقت الذي كان الرقم لا يتعدى 40% في بداية الألفية الحالية.
ورغم الحملات الكثيرة التي قامت بها الحكومة وبنك المغرب للحد من ارتفاع الظاهرة من خلال تشجيع الدفع الإلكتروني بشتى الطرق، إلا أن الرقم ظل عند مستويات مرتفعة، مما ساهم في تفاقم عجز السيولة البنكية، خصوصًا في ظل غياب محفزات تشجع المغاربة على وضع مدخراتهم في البنوك، حيث يعتبر العديد من الخبراء أن هذا الوضع يظل نتيجة لمعطى ثقافي يرتبط بخصوصية المغاربة.
وبالإضافة إلى كل هذا، أضاف الخبير الاقتصادي أن المداخيل الضريبية الاستثنائية التي سيتم التحصل عليها من هذه الضريبة ستمكن من ضمان موارد إضافية مهمة ستساهم بشكل كبير في تمويل المشاريع الكبرى المرتبطة بالحماية الاجتماعية، وتطوير الاقتصاد الوطني، وتنظيم مونديال 2030، إضافة إلى مجموعة من المشاريع الهيكلية الأخرى.