story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

خبير: أربعة إجراءات سيضطر المغرب إلى تنفيذها لتدبير أزمة الماء

ص ص

قدم الخبير الدولي في الموارد المائية، محمد بازة، تشريحا دقيقا للخطة الحكومية التي عرضها وزير التجهيز والماء نزار بركة لتجاوز أزمة في الماء خلال هذه السنة باتت متضحة المعالم.

وقال الخبير في حديثه إلى “صوت المغرب” إن السيناريو الأكثر تفاؤلا للخروج من الأزمة الحالية يبقى هو هطول الأمطار بكميات كافية في الأشهر القليلة المقبلة، وفي غيابه فإن المغرب سيكون مضطرا لجرد الآبار الصالحة للشرب لحجزها والوصول للمياه الجوفية وجر المياه السطحية ونقل المياه في صهاريج من مدن لأخرى لسد الخصاص.

وعلى الرغم من أن الرامج الحكومية لتدبير أزمة الماء طكوحة ويقول بازة إن أغلبها يسير بوتيرة جيدة ،إلا أن تجاوز الأزمة القائمة، يتوقف على المدة الزمنية التي ستستمر فيها والوضع الحالي لندرة المياه، خصوصا في ظل غياب معطيات دقيقة بخصوص المناطق المهددة.

أربع إجراءات

لذا فالسيناريو الأول والأكثر تفاؤلا حسب بازة هو هطول الأمطار بكميات كافية في عضون ثلاثة إلى خمسة أشهر القادمة، وفي كل أو معظم المناطق لآهلة بالسكان، وخاصة المناطق المهددة بالأزمة التي تكلم عنها الوزير، وهو سيناريو سيعفي البلاد من عدد من البرامج.

وعلى الرغم من ذلك، يشدد الخبير على ضرورة الاستعداد للسيناريو الأسوأ أو الأكثر سوء الذي قد يواجه البلاد في السنوات المقبلة، وذلك بوضع أسس إدارة الطلب على المياه بكل أصنافها وخاصة المياه الجوفية، ثم تنزيله ليصبح فعالا على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن، وهو إجراء “لن يكون سهالا وسيتطلب الكثير من العمل والوقت ولكن ليس هناك حل بديل له” حسب بازة.

أما السيناريو الثاني فهو استمرار الأزمة حتى نهاية الموسم الحالي، أي نهاية فصل الصيف، أو أكثر، وفي هذه الحالة لن يكون الأمر سهالا، ولكن يرى الخبير أنه سيكون من الممكن تجاوزه عبر تنفيذ الإجراءات الملائمة، بداية بالوصول إلى مياه جوفية صالحة للشرب، على الرغم من أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف في كل المناطق، نظرا لما تعرضت له هذه الثروة خلال السنوات والعقود الماضية.

أما الحل الثاني الذي يمكن اللجوء إليه فيتمثل في مسح الآبار المتواجدة في كل منطقة، وإخضاع عينات منها إلى التحليل وحجزها إذا كانت صالحة للشرب، جزئيا أو كليا، للتزود بالماء الشروب، مع تعويض أصحابها عن الخسارة التي سيتكبدونها، إما إذا كانت مياه الثقب والآبار الخاصة متملحة (saumâtres) فيكمن تحليتها باستعمال محطات صغيرة وخصوصا المتنقلة منها.

أما الإجراء الثالث فيكمن في جر المياه السطحية إلى المناطق المهددة بشكل أكبر بالعطش، غير أنه حل يتطلب محطات لضخ المياه لمسافات كبيرة ورفها أفقيا للوصول إلى المناطق المرتفعة.

أما الخيار الرابع فهو نقل المياه محملة في الشاحنات المزودة بالصهاريج، وهو الحل الذي يجب الاتعتماد عليه في المناطق الأشد تضررا، مع مراعاة تفادي الظلم الاجتماعي لأن المياه المنقولة غالبا ما تشوبه العديد من الاختلالات مثل الرشوة وسطو ذوي النفوذ على حصص كبيرة وتدخل أصحاب السلطة لفائدة المقربين منهم، وهي ممارسات يقول بازة إنه وقف عندها في عدد من البلدان التي زارها في إطار علمي.

وبموازاة مع كل السيناريوهات المطروحة يشدد الخبير الدولي في المياه على ضرورة الإعداد لإدارة الطلب على المياه وتنزيله في الوقت المناسب استباقا للأزمة، لأنه يشكل الطريقة الوحيدة التي تمكن من تكييف السياسات والممارسات مع ندرة المياه وتأقلم المجتمع مع كميات المياه المتاحة.

ومن دون ذلك، يقول بازة إن الأزمة المائة ستتفاقم رغم كل الجهود والتمويلات، فغياب إدارة فعالة للطلب على المياه ساهم بشكل كبير في وصول الموارد المائية إلى مستوى الندرة الهيكلية كما أنه السبب الرئيسي في تحويل تلك الندرة إلى أزمة.

إجراءات الحكومة

وتشير المعطيات الأخيرة التي قدمها بركة إلى أن الوضع الحالي مقلق، بالنظر إلى ضعف التساقطات المطرية خلال هذا الموسم الموسم الحالي أي منذ شهر شتنبر، وكذلك الواردات المائية التي كانت ضئيلة حتى بالمقارنة مع واردات نفس المدة من الموسم الماضي الذي كان أيضا يعتبر موسما جافا.

ومن بين الآثار الناجمة عن هذا الوضع هو أن بعض المناطق تفاقمت فيها ندرة المياه لتصبح أزمة، حيث أن كمية المياه المتاحة لها أصبحت أقل من احتياجاتها لمدة سنة، منها 50 جماعة يصل عدد سكانها إلى حوالي مليون و ثلاث مائة ألف نسمة، يمكن أن تتضرر من نقص المياه، حسب الوزير.

كما قدم الوزير أيضا الإجراءات التي تقودها الدولة لمواجهة الإجهاد المائي في البلاد، والتي تدخل في إطار بلورة البرنامج االستعجالي للماء 2020 – 2027، والذي يهم مياه الشرب والسقي.

الزمن عامل حاسم

وعن الإجراءات الحكومية يقول بازة إن عددا من البرامج يسير تنفيذها بوتيرة جيدة خاصة فيما يتعلق بتحويل المياه بين حوضي سبو وأبي رقراق، مما كان له آثار جد إيجابية في تفادي نقص مياه الشرب في عدد من المدن.

نفس الشيء بالنسبة للتسريع في بناء محطات تحلية مياه البحر التي كانت آثارها جد مهمة، وقد أشار الوزير إلى كل هذه الإنجازات وكذا إلى المكونات الأخرى للبرنامج االستعجالي والتي هي في إطار الإنجاز بما فيها السدود وتكميل
التحويلات بين الأحواض المائية وإعادة استخدام المياه المعاجلة وعدد من محطات تحلية مياه البحر.

أما بالنسبة للمناطق المهددة بأزمة مياه الشرب فقد تطرق الوزير إلى عدد من الإجراءات الخاصة بها، والتي تكمن في
التنقيب عن المياه الجوفية عبر إنشاء ثقب جديدة، مما يعني آبار عميقة، وجر الماء من مناطق أخرى مجاورة،
بالإضافة إلى تقنين التزود بماء الشرب (rationnement) وغيرها من الإجراءات.

وعن مدى قدرة هذه الإجراءات على تجاوز الأزمة القائمة، يقول بازة إن ذلك يتوقف على المدة الزمنية التي ستستمر فيها الأزمة، والوضع الحالي لندرة المياه، خصوصا في ظل غياب معطيات دقيقة بخصوص المناطق المهددة مثل بعدها عن السواحل وعن أقرب نقط يمكنها أن تتزود منها بالمياه، وعلوها فوق مستوى سطح البحر.

ويضيف الخبير أنه لا يمكن التنبؤ بما ستحمله الظروف المناخية من مستجدات في المستقبل، حيث قد يغير هطول الأمطار الوضع إذا كانت الكمية كافية للتقليل من النقص الحاصل في مياه الشرب في تلك المناطق.