story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

خبراء ومسؤولون يدقّون ناقوس الخطر: الصحافة المغربية في أزمة وجودية حقيقية

ص ص

انتقد خبراء ومسؤولون سابقون ومهنيون في قطاع الإعلام، الوضع الراهن الذي يعيشه المشهد الإعلامي المغربي، معتبرين أنه يمر بأزمة حقيقية تهدد جوهر العمل الصحفي واستقلاليته، مشددين على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإصلاح المنظومة الإعلامية بشكل يعيد لها دورها الحيوي في دعم المسار الديمقراطي وخدمة الصالح العام.

وفي السياق، عبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن قلقه العميق من الوضع المتدهور الذي وصل إليه المشهد الإعلامي في المغرب، موضحًا أن هناك “إشكاليات حقيقية مطروحة”، بعضها كان موجودًا منذ فترة بينما البعض الآخر ظهر بسبب التطورات التكنولوجية الحالية والمستقبلية التي يصعب التحكم بها.

العودة إلى الركائز

وأشار بنعبد الله خلال ندوة وطنية نظمتها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف (FMEJ)، السبت 12 أبريل 2025، تحت عنوان مركزي: “الصحافة المغربية: الأزمة الوجودية وسبل الإنقاذ”، إلى ضرورة العودة إلى الركائز الأساسية التي بُني عليها الإعلام في البلاد، داعيًا جميع الأطراف المعنية إلى “الالتفاف حول هذه الركائز”.

وأكد المتحدث ذاته، أن المسعى الديمقراطي يتطلب تضافر جهود الإعلام والسياسة، مشددًا على أن تبخيس أي من هذين الجانبين هو خطأ يؤدي إلى استفادة بعض الأطراف التي تسعى لاستغلال ذلك.

وأكد ضرورة تأسيس وعي مشترك وإرادة سياسية حقيقية للنهوض بالفضاء الإعلامي، الذي يعاني بدوره من العديد من الخلل، كما هو الحال في المجال السياسي، مشيرًا في نفس السياق إلى “الوضع المتأزم لحرية التعبير والخطوط الحمراء التي تُفرض على من يعبّر عن آراء مخالفة للطرح السائد”.

وتطرق الوزير السابق إلى تراجع استقلالية المهنة، متسائلًا عن “كيفية تحول اللجنة المؤقتة المعنية بالتنظيم الذاتي إلى لجنة دائمة”، وهو ما اعتبره “استهتارًا بالمقاصد السياسية والقانونية التي يجب الاحتكام إليها”.

ودعا بنعبد الله إلى العودة إلى المقصد الأول للتنظيم الذاتي الذي يجب أن يقتصر على القضايا الداخلية للمهنة، واحترام القواعد المتعلقة بها، بالإضافة إلى ضمان أن يكون لها كلمة في مسألة دعم المؤسسات الإعلامية.

إقصاء المؤسسات الصغيرة

وبخصوص الموضوع، انتقد المحامي والحقوقي محمد شماعو، “الوضع المهترئ” للمؤسسة المسؤولة عن التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة، مشيرًا إلى أنها “لا تعكس السبب الذي تم تأسيسها من أجله، وفقًا لما هو منصوص عليه في المادة 28 من الدستور”.

وأكد شماعو أن “هذا الوضع يخلق حالة من التداخل والارتباك، بل ويشكل حالة من الفوضى، مما يهدد المبادرات التشريعية المستقبلية التي تهدف إلى تنظيم القطاع في ظل غياب الاستقرار والوحدة داخل مؤسسات القطاع”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى التحديات التي تواجهها الحكومة في سعيها لتنظيم القطاع، والتي تجلت بشكل واضح في “مرسوم الدعم الذي خصص أساسًا للمقاولات الكبرى، مما يؤدي إلى إقصاء المؤسسات الصغيرة التي في أمس الحاجة إلى هذا الدعم”.

وأكد اشماعو أن الدعم المخصص يجب أن يكون تأهيليًا واجتماعيًا، يهدف إلى تطوير المقاولات الصغيرة وتحسين الأداء المهني، مشددًا على ضرورة توجيه الدعم نحو المؤسسات الشابة التي تحتاج إلى المساعدة للبقاء والاستمرار، مضيفا أن تخصيص الدعم للمؤسسات الكبرى يشكل تجاهلًا للقطاع الصحفي الذي يُعتبر هشًا، وهو أمر “يُدان أخلاقيًا”.

وأكد الحقوقي على أن “متابعة الصحفيين بالقانون الجنائي والتضييق عليهم ومحاولة ترهيبهم وإسكات أصواتهم تشكل انتهاكًا لحقوقهم”، مشيرًا إلى “العديد من الحالات التي يتم فيها متابعة الصحفيين لمجرد إدلائهم بآرائهم أو محاولتهم أداء مهامهم الصحفية بكل أمانة وموضوعية”.

“التركيز المفرط على السلبيات

فيما قال الحسن عبايبة، وزير الثقافة والشباب والرياضة السابق، إن المغرب يتميز بجاذبية متعددة على المستويات الجغرافية والدبلوماسية والاقتصادية، “إلا أنه لم يحقق بعد نفس القدر من الجاذبية الإعلامية”، مشيرًا إلى أن دولًا عديدة ظهرت بعد المغرب أصبحت تمتلك اليوم قوة إعلامية مؤثرة وفاعلة.

وأكد عبايبة، على أن تحقيق جاذبية إعلامية حقيقية يمر عبر ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها تطوير القطب العمومي، من خلال تنويع القنوات والمواضيع والمهام بما يواكب انتظارات المجتمع.

وأضاف أن ثانيهما، هي دعم وتطوير الصحافة الخاصة باعتبارها مكونًا أساسيا من مكونات المجتمع المدني، ووسيلة للتواصل بين المواطن والمؤسسات، وثالثها، تعزيز استقلالية الصحافة الخاصة، والتي لا يمكن فصلها عن استقلالية التمويل، لأن الاعتماد على مصدر موحد للدعم قد يؤدي إلى تضارب المصالح وتقويض التعددية الإعلامية.

وأشار المتحدث إلى أن “الصحافة في المغرب باتت تنشغل بنفسها أكثر مما تنشغل بالقضايا الوطنية الكبرى والمصلحة العامة، مما يخلق حالة من التشويش على الفضاء الإعلامي”.

وأضاف الوزير السابق أن البلاد على مشارف تحولات وأحداث استراتيجية كبرى، وأن المغرب يتحرك في اتجاهات مدروسة تحت القيادة الملكية، غير أن الصحافة المستقلة، في أحيان كثيرة، “لا تعكس هذه الدينامية بالصورة المطلوبة”.

ودعا عبايبة إلى ضرورة أن تواكب الصحافة هذه التحولات، وأن تنقل صورة دقيقة للمشهد المغربي، قائلا إن “التركيز المفرط على السلبيات لا يخدم المسار الإعلامي”.

وأوضح أن الصحافة الجادة مطالبة بـ”التحلي بالموضوعية، من خلال إبراز الإيجابيات إلى جانب السلبيات، وتسليط الضوء على الأوراش الكبرى التي يشهدها المغرب، كالمبادرة الأطلسية، والانفتاح المتزايد على إفريقيا، والمشاريع الجيوسياسية ذات الأبعاد الدولية”.

وختم بالتأكيد على أن الصحافة المغربية مطالبة بـ”بناء جاذبية إعلامية حقيقية على المستويين الإفريقي والعربي، بل والدولي، وذلك بعيدًا عن الأزمات المالية والخلافات الهامشية التي تعرقل تطورها وتقوض مكانتها”.