story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

خبراء: قرار الولوج إلى الماستر بدراسة الملفات بحاجة إلى مراجعة

ص ص

خلف قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بشأن اعتماد دراسة الملفات الأكاديمية كآلية وحيدة للولوج إلى سلك الماستر، ردود فعل متباينة في الأوساط الجامعية والتربوية، بين من اعتبره خطوة نحو محاربة المحسوبية، ومن رآه مساساً بجوهر التكوين الجامعي وتقليصاً لدور الأستاذ الجامعي.

ويرى خبراء تربويون أن القرار، يطرح إشكالات بيداغوجية ومهنية تتعلق بسبل تقييم الكفاءة وضمان تكافؤ الفرص بين الطلبة، فضلاعن كونه يُضعف استقلالية الجامعات في اختيار الآليات التي تناسب خصوصيات كل مسلك، نافين في نفس الوقت “أن يكون القرار موجهاً ضد الأستاذ الجامعي أو أنه يسعى إلى تهميشه”.

خيار غير موفق

في هذا السياق، اعتبر  الأكاديمي والوزير السابق خالد الصمدي، أن “دفاتر الضوابط البيداغوجية كان ينبغي أن تقتصر على التوجهات الكبرى، كإتاحة خيارات متعددة للولوج، إما دراسة الملف، أو إضافة مقابلة شفهية، أو اختبار كتابي”، مؤكدا أن “فرض نمط واحد على جميع المسالك يُضعف استقلالية الجامعات”.

وضرب مثالاً بالعلوم الإنسانية والاجتماعية التي تستدعي التعرف على كفايات لغوية ومنهجية وتواصلية ضرورية للطالب، وهو ما يتطلب مقابلة أو اختباراً شفوياً، بينما يمكن الاكتفاء بدراسة الملف الأكاديمي في المسالك العلمية والتقنية.

كما سجل أن “الاقتصار على دراسة الملفات ومنح الولوج المباشر لخريجي مسالك التميز إلى الماستر دون تقييم مسبق لهذه التجربة لم يكن خياراً موفقاً”، داعيا إلى مراجعة هذه التوجهات بعد تقييم علمي من طرف الوكالة المختصة بشراكة مع الجامعات، ضماناً للجودة وصيانة لمصداقية التكوين.

من جانبه، اعتبر الخبير التربوي حسين الزاهيدي أن “الاكتفاء بدراسة الملفات لا يمثل حلاً نهائياً، إذ يظل مجرد نمط من بين أنماط الانتقاء الممكنة، له إيجابيات كما له سلبيات”.

فمن جهة، يؤكد الزاهيدي، أن “هذا الخيار يتيح إنصاف الطلبة عبر الأخذ بعين الاعتبار مسارهم الأكاديمي ونقطهم خلال سنوات الإجازة، وهو ما يعكس الجهد الذي بذلوه طيلة فترة التكوين”.

غير أن لهذا النمط سلبيات أيضاً، بحسب المتحدث، إذ “يحرم من اختبار كفاءات أخرى للطالب، مثل ما توفره المقابلة الشفوية من فرصة للتعرف على قدراته التواصلية والمنهجية”.

ومع ذلك، لفت الخبير التربوي إلى أن “المقابلات في المغرب تعاني بدورها من غياب أدوات دقيقة لقياس الشخصية والاستدلال والمنطق، ما يحد من فعاليتها”، مشيرا إلى أن “الاختبارات الكتابية لا تخلو بدورها من إشكالات، فهي في الغالب تفتقر إلى مواضيع مضبوطة بمعايير دقيقة، وقد تصبح نتائجها رهينة بالصدفة حين يلتقي الطالب بموضوع يعرفه مسبقاً، مما يجعل عملية التقييم غير موضوعية في كثير من الحالات”.

ولذلك، أكد الخبير أن “المشكل الحقيقي في التكوين الجامعي أعمق من مجرد قرار وزاري أو نقاش حول وسيلة بعينها للانتقاء، إذ يرتبط أساساً بغياب شروط منهجية وبيداغوجية واضحة تضمن العدالة والإنصاف في نتائج الاختيار”.

ولذلك دعا الزاهيدي إلى ضرورة فتح ورش وطني يشارك فيه البيداغوجيون والديداكتيكيون والمتخصصون في علوم التربية، قصد وضع أطر مرجعية دقيقة وشفافة، تكون كفيلة بتأمين مصداقية عملية الانتقاء وضمان تكافؤ الفرص أمام جميع الطلبة.

الأساتذة ليسوا هدفا

ومن ناحية أخرى، أكد الزاهيدي أن “الأفكار التي يتم الترويج لها حول كون القرار جاء لاستبعاد الأستاذ الجامعي لا أساس لها من الصحة”، مشددًا على أن “الأمر يتعلق بموضوع مستقل تمامًا عن القرار موضوع النقاش”.

وأوضح أن “الأستاذ يظل المسؤول الأول عن النقاط التي تُمنح للطالب، والتي تُمكنه أو لا تُمكنه من الولوج إلى سلك الماستر، وفق النظام الجديد المعتمد على تقييم المسار الأكاديمي للطالب”.

وتابع أنه “لو كان الهدف فعلاً هو استبعاد الأستاذ، لكان الإقصاء شاملًا في جميع مراحل الانتقاء، أما في الحالة الراهنة، فإن الأستاذ يظل عنصرًا أساسيًا ومحوريًا في هذه العملية، مما يدل على استمرار الثقة في دوره ومكانته ضمن منظومة التعليم العالي”.

وفي نفس السياق، شدد خالد الصمدي على أن “الثقة في الأستاذ الجامعي خط أحمر”، معتبراً أن “تفسير قرار إلغاء الامتحانات والمقابلات على أنه وسيلة لمحاربة الزبونية والمحاباة فيه تعميم غير مقبول”، مشيرا إلى أن “مثل هذا التأويل يخرج عن النقاش البيداغوجي ويسيء إلى سمعة الأساتذة”.

وأوضح المصدر أن “أي سلوكيات منحرفة قد تصدر عن بعض الأساتذة هي حالات فردية، مكانها الطبيعي هو القانون الجنائي وليس دفاتر الضوابط البيداغوجية”، إذ أن الأستاذ الجامعي، بحسبه، “يظل قطب الرحى في التكوين والبحث العلمي، وسلطته التقديرية ورصيده الأكاديمي هما أساس التعاقد معه”.

وخلص الوزير السابق إلى أن “قراءة القرار على أنه نزع للثقة من الأستاذ الجامعي أمر لا يستقيم لا بيداغوجياً ولا قانونياً”، مبرزا أن الوزارة تعلم مكانة الأستاذ في مختلف مراحل التعليم العالي، “ولذلك، لا يمكن اختزال دوره بسبب بعض الممارسات الشاذة”.