story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

خبراء: عيد الأضحى بدون ذبح لا ينقص من جوهر المناسبة ولكنه يغيّر معالمها

ص ص

يعد عيد الأضحى من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في المغرب، بحيث يرتبط بمظاهر الفرح، والتضامن العائلي، والشعائر الدينية، غير أن القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة الذبح لهذا العام لأسباب اقتصادية، أثار جدلاً واسعًا، خاصة من الناحية النفسية، لما له من تأثير على العادات الراسخة في المجتمع، بينما شكل القرار بالنسبة للكثيرين مصدر ارتياح، إذ جنّبهم مواجهة ارتفاع الأسعار وتكاليف شراء الأضاحي، التي أصبحت تثقل كاهل الأسر.

وفي ميكروطروطوار أنجزته صحيفة “صوت المغرب” عقب صدور القرار الملكي، أظهرت ردود الفعل الشعبية ملامح الرضا والفرح لدى أغلبية المستجوبين، إذ أكدوا أن القرار أعفاهم من مصاريف كانت ستثقل كاهلهم، كما حماهم من جشع تجار الأزمات والأسعار المرتفعة التي وصلت إلى 10 آلاف درهم للأضحية، كما عبّر معظمهم عن قلقهم السابق بشأن كيفية تدبير تكلفة الأضحية لهذا العام.

وفي هذا السياق، قال الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، إن إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد أثار جدلًا واسعًا بين المغاربة، حيث يرى أن إحياء هذه الشعيرة يُعد من المبادئ الأساسية التي يحرص المغاربة على احترامها، خاصة وأن الأعياد الدينية في الإسلام قليلة، مما يجعل عيد الأضحى مناسبة مهمة للاحتفال مع العائلة والأصدقاء.

وأوضح أن البعض يرى “أن إلغاء هذه الشعيرة يمس بتقاليد المغاربة الدينية والاجتماعية”، مبرزا أنه “بالنسبة للكثيرين، يعد عيد الأضحى أكثر من مجرد مناسبة دينية، بل هو فرصة لإدخال الفرحة إلى البيوت ومشاركة الأجواء الاحتفالية مع الأقارب، إلا أن احترامهم لشخص الملك وقراراته يجعلهم يتقبلون الأمر”.

في المقابل، أشار الشعباني إلى أن البعض وجدوا عزاءهم في هذا القرار بسبب استغلال الوسطاء الجشعين لهذه المناسبة، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما جعل المواطن المغربي ضحية للمضاربة والاحتكار، لافتا إلى أن “الإلغاء حماهم من جشع السوق ومن الإحراج الناتج عن عدم قدرتهم على شراء الأضحية”.

وتابع المتحدث أن هناك فئة أخرى ترى “أن القرار غير متوازن، إذ يقتصر المنع على مناسبة عيد الأضحى، بينما تستمر مناسبات أخرى، مثل الحفلات والأعراس، في استهلاك أعداد كبيرة من الأضاحي دون قيود”، إذ يرى هؤلاء أن القرارات يجب أن تكون شاملة لتشمل جميع الجوانب التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن المغربي.

من جهته، يرى عزيز احلوى، أستاذ الأنثربولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن قرار إلغاء شعيرة الذبح لا يُنقص من هوية العيد أو جوهره، إذ تبقى أجواء الاحتفال قائمة من خلال صلة الرحم، والصلاة، والتجمعات العائلية، معتبرا أن الذبح، “وإن كان جزءًا من العيد، إلا أنه ليس المظهر الوحيد للاحتفال، ويمكن استبداله بطرق أخرى تحافظ على روح المناسبة”.

وأشار احلوى إلى أن “النقص الكبير في القطيع كان السبب الجوهري وراء القرار، حيث انخفضت أعداد الأغنام بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية”، مشيرا إلى أن الدولة وجدت نفسها أمام خيار صعب، “إما السماح باستيراد الأغنام بتكاليف باهظة تؤثر على الميزانية العامة، أو اتخاذ قرار استثنائي لحماية الثروة الحيوانية الوطنية”، موضحا أنها رجحت الخيار الثاني.

ومن الناحية التاريخية، أشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب سبق له أن اتخذ قرارات مماثلة في سنوات 1963، 1981، و1996، بسبب ظروف اقتصادية وبيئية صعبة، ومع ذلك، لم يؤدِّ ذلك إلى تغييرات جذرية في العادات الاجتماعية، بل سرعان ما عاد المغاربة إلى ممارسة شعائرهم المعتادة بعد تحسن الأوضاع.

وعلى المستوى النفسي، أضاف المتحدث أن تأثير القرار يختلف حسب الفئات العمرية والاجتماعية، فبينما تقبّله البعض بسهولة باعتباره تخفيفًا للأعباء المالية، شعر آخرون، خاصة الأطفال، بأنهم فقدوا جزءًا من بهجة العيد، موضحا أنه بإمكان الأسر تعويض هذا النقص بأساليب أخرى، مثل تنظيم أنشطة احتفالية مختلفة.