story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

خبراء: رغم الدعم الدولي المتزايد للمغرب.. الملك يتبنى استراتيجية عميقة تجاه الجزائر

ص ص

رغم التراكمات الإيجابية التي حققها المغرب على مستوى ملف وحدته الترابية، لا سيما بعد تزايد دعم الدول الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي للنزاع، اختار الملك محمد السادس أن يعيد التأكيد على سياسة “اليد الممدودة” تجاه الجزائر، وهو ما اعتبره عدد من الباحثين “تعبيرًا عن رؤية بعيدة المدى، ترتكز على الحوار والتكامل”.

وفي السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العالي حامي الدين، أن مواصلة الخطاب الملكي لنهج سياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر، رغم ما يحققه المغرب من مكتسبات متزايدة في ملف وحدته الترابية، “يُعبّر عن رؤية استراتيجية عميقة تتجاوز منطق الخلافات الظرفية، وتؤسس لمستقبل مغاربي مشترك قوامه الحوار والتكامل بدل التوتر والصراع”.

وأوضح حامي الدين، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن أولى دلالات هذه السياسة “تتجلى في القناعة الملكية المبدئية التي تعتبر الشعب الجزائري شعبًا شقيقًا، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وأواصر اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك، وهي عناصر عبّر عنها الخطاب الملكي بوضوح وبتكرار لافت”.

وأضاف أن ثاني هذه الدلالات تتمثل في الإيمان الراسخ بأهمية الحوار الصريح والمسؤول، الأخوي والصادق، كمدخل أساسي لتجاوز مختلف القضايا العالقة بين البلدين، بعيدًا عن منطق المواجهة أو الاتهامات المتبادلة، مؤكدًا أن المغرب لطالما عبّر عن استعداده لهذا الحوار في كل المناسبات.

أما الدلالة الثالثة، حسب حامي الدين، فهي أن حل قضية الصحراء في الرؤية الملكية لا ينبني على منطق الانغلاق القٌطري أو السعي إلى الاستقواء على الجار، بل يُدرج ضمن مشروع وحدوي أشمل يتمثل في بناء اتحاد مغاربي قوي، قادر على الدفاع عن مصالح شعوبه في عالم تسوده التكتلات الكبرى.

وتابع أن “مثل هذا الاتحاد لا يمكن أن يرى النور بدون انخراط فعلي من المغرب والجزائر، على غرار ما وقع بين فرنسا وألمانيا رغم ماضيهما الصراعي العنيف، والذي يفوق بكثير حجم الخلاف المغربي الجزائري”.

وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن الرؤية الملكية تسعى إلى “تجاوز منطق التبعية والتجزئة”، عبر بلورة خيار استراتيجي يقوم على بناء تكتل إقليمي فعال وقوي، قادر على تعزيز موقع المنطقة المغاربية في النظام الدولي، مضيفًا أن “المقاربة المغربية لحل نزاع الصحراء تُوظّف ضمن هذا الأفق الوحدوي، وليست قائمة على حسابات مغلقة أو مصلحية ضيقة”.

وأكد حامي الدين أن المغرب راكم مكتسبات استراتيجية هامة على المستوى الدولي في ملف الصحراء، من أبرزها الدعم المتزايد لمقترح الحكم الذاتي من قِبل دول وازنة، من بينها الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، إضافة إلى بلدان أوروبية مؤثرة مثل ألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال، “ما يعزز القناعة الدولية المتنامية بأن مقترح الحكم الذاتي هو الحل الواقعي الوحيد والممكن لإنهاء هذا النزاع المفتعل”.

من جانبه، أكد خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن الخطاب الملكي الأخير يتضمن رسائل مزدوجة موجهة في اتجاهين متكاملين، أحدهما إلى الشعب الجزائري والثاني إلى الدولة الجزائرية، مشددًا على أن “الخطاب يعكس مقاربة عقلانية وبراغماتية تؤكد التزام المغرب بخيار الحوار والتعاون مع الجارة الشرقية”.

وأوضح الشيات، أن الملك حرص، مرة أخرى، على التأكيد بأن “الشعب الجزائري شعب شقيق، تربطه بالمغاربة روابط قوية ومتجذرة، تشمل الدين واللغة والمشترك الحضاري والجغرافي”، وهو ما يعكس، برأيه، “حرص المؤسسة الملكية على توجيه خطاب أخوي صادق تجاه الشعب الجزائري، انطلاقًا من إيمان عميق بوحدة المصير بين الشعبين”.

وأضاف أن المستوى الثاني من الخطاب يخص الدولة الجزائرية، وقد جاء في هذا السياق “براغماتيًا وواقعيًا”، إذ يؤكد أن بناء علاقات طبيعية بين المغرب والجزائر “ليس مجرد خيار ظرفي، بل هو توجه استراتيجي تمليه طبيعة التحديات المشتركة التي تواجه البلدين في السياقين الإقليمي والدولي”.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الملك “وجّه دعوة صريحة إلى اعتماد العقلانية والتوافق كمدخل لمعالجة القضايا الخلافية، من خلال آليات واضحة ومسؤولة، بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز فرص الاستقرار في المنطقة المغاربية”.

وختم الشيات تصريحه بالتأكيد على أن العنوان الأبرز في هذا الخطاب “يتمثل في استحضار المغرب لمسؤوليته الحضارية والتاريخية، ورفضه الدخول في صراعات استراتيجية مع دولة تعتبر امتدادًا طبيعيًا وحضاريًا له”، مشيرًا إلى أن “هذا الموقف المتزن ينسجم مع الثوابت الدبلوماسية المغربية في التعامل مع الجارة الجزائر”.

وجدد الملك محمد السادس دعوته إلى سياسة “اليد الممدودة” اتجاه الجزائر، مؤكد التزامه بالانفتاح على المحيط الجهوي، “وخاصة جوارنا المباشر، في علاقتنا بالشعب الجزائري الشقيق”، وذلك في خطاب الذكرى 26 لعيد العرش الذي ألقاه يوم الثلاثاء 29 يوليوز 2025.

وقال الملك في نص الخطاب، إنه “بصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت؛ وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك”.

لذلك، يضيف الملك، “حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.