story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

خبراء: العقوبات البديلة خطوة نحو أنسنة نظام العدالة الجنائية

ص ص

أكد خبراء وأكاديميون أن اعتماد العقوبات البديلة يشكل تحولًا نوعيًا في السياسة الجنائية المغربية، معتبرين أن هذا التوجه لا يضعف هيبة الردع ولا يمثل تساهلًا مع الجريمة، “بل يُعدّ مقاربة أكثر فعالية وإنسانية في التعامل مع المخالفين”.

وجاءت هذه المواقف خلال ندوة نظمت حول موضوع “العقوبات البديلة: خطوة نحو أنسنة نظام العقوبات”، يوم السبت 26 أبريل 2025، برواق وزارة العدل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، بحضور عدد من القضاة والخبراء والفاعلين في مجال العدالة وحقوق الإنسان.

سياق وطني ودولي متغير

وفي السياق أكد محمد الساسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن اعتماد العقوبات البديلة يأتي في سياق وطني ودولي متغير، حيث أصبحت القوانين الحديثة على الصعيد العالمي تتجه بشكل متزايد نحو تبني هذه العقوبات كحل لإشكالات بنيوية في النظام الجنائي التقليدي.

وأوضح الساسي أن النظام الجنائي الكلاسيكي، رغم التطور الذي شهده بالابتعاد عن المسّ بجسد الجاني والتخلي عن التعذيب وتحسين أوضاع السجون، “إلا أنه لم ينجح في إيقاف ارتفاع معدلات الجريمة، ولا في الحد من ظاهرة العود، كما فشل في توفير شروط إعادة الإدماج الفعّال للسجناء”، فضلاً عن معاناة المؤسسات السجنية من الاكتظاظ وارتفاع التكاليف.

وشدد الساسي على أن الوقت قد حان للعالم بأسره للانتقال إلى نظام جنائي جديد، يحرر القاضي من أن يصبح مجرد موزع لعقوبات سالبة للحرية قصيرة الأمد، خصوصًا ضد مجرمين مبتدئين.

ضرورة وطنية

على المستوى الوطني، أبرز الساسي أن النقاش حول العقوبات البديلة برز بقوة في صيف 2023، بعد “استغاثة” محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بسبب الاكتظاظ المهول داخل المؤسسات السجنية، مما فتح جدلًا بين وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة من جهة، ورابطة القضاة من جهة أخرى، إذ اعتبر القضاة أن هذه الدعوة تمس باستقلالية السلطة القضائية.

رغم ذلك، يرى الساسي أن الواقع يفرض إعادة التفكير جذريًا في السياسة الجنائية المغربية، مؤكدًا أن انطلاق مشروع العقوبات البديلة يمثل خطوة هامة، لكنها بداية فقط لمسار طويل يتطلب إصلاحات شاملة.

وأكد على أن نجاح العقوبات البديلة رهين بعدة خطوات مكملة، أهمها إعادة النظر الشاملة في النظام الجنائي المغربي، وتفعيل تدابير الوقاية، وترحيل القضايا ذات الأضرار المحدودة إلى القضاء المدني أو القانون الجنائي الإداري، ومواكبة التطورات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان، والاستفادة من التجارب الدولية.

وأكد أن الهدف النهائي هو بناء نظام جنائي حديث وعادل، يكون أكثر قدرة على تحقيق العدالة وإعادة الإدماج، وضمان احترام حقوق الإنسان.

لا تمس بهيبة الردع

ومن جانبها أكدت ملاك روكي، القاضية الملحقة بوزارة العدل، “أن العقوبات البديلة تمثل طفرة نوعية حقيقية في السياسة الجنائية المغربية”، مشددة على أنها لا تمس بهيبة الردع ولا بقوة القانون، ولا تعني تساهلًا مع الجريمة، بل تعكس أسلوبًا مختلفًا وأكثر فعالية في معالجتها.

وأوضحت روكي أن اعتماد العقوبات البديلة يندرج ضمن رؤية إصلاحية تهدف إلى تعزيز قيم إعادة الإدماج والتأهيل داخل المجتمع، بدلًا من الاقتصار على العقوبات السالبة للحرية.

وفي هذا السياق، أعربت القاضية عن أملها في تنظيم منتديات ومناسبات إضافية للتعريف بهذا القانون الجديد، وتقريب مضامينه إلى المجتمع المدني، باعتباره شريكًا أساسيًا في إنجاح عملية تنزيله بشكل سليم وفعّال.