حناجر مهنيي الصحة تصدح أمام البرلمان “ضد جمود الحكومة” وتتوعد بالتصعيد
في إنزال وطني هو الأول من نوعه الذي تجتمع فيه ثمانية ألوان نقابية، خاض شغيلة القطاع الصحي وقفة احتجاجية أمام البرلمان حضرها المهنيون من كل الجهات.
وصدحت فيها الحناجر الغاضبة متوعدة بمزيد من التصعيد ضد ما تقول إنه “صمت” غير مبرر للحكومة بعد مضي أشهر على الاتفاق الذي وقعه الفرقاء الاجتماعيون معها بتاريخ الـ29 من دجنبر المنصرم، والذي ظل “طي الجمود”.
ضد “جمود الحكومة”
وفي تصريح له لـ”صوت المغرب” على هامش الإنزال الوطني الذي خاضته الشغيلة صباح اليوم الخميس 23 ماي الجاري، أمام البرلمان قال مصطفى جعي، الكاتب العام للنقابة المستقلة للممرضين بالمغرب، إن “هذا الاحتجاج يأتي من أجل إرسالة رسالة واضحة للحكومة من أجل تحمل مسؤوليتها في هذا الاحتقان الحاصل بالقطاع”.
وتابع المسؤول النقابي كلامه عائدا إلى أصل الاحتقان والذي قال إنه جاء بعد “لقاءات” وصفها بـ”الماراطونية” للحوار مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وباقي القطاعات الوزارة المعنية، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى اتفاق الـ29 دجنبر الذي لم يجد إلى اليوم طريقه نحو التنزيل، وفق المصدر ذاته.
ومن بين أهم ما تضمنه هذا الاتفاق حسب مصطفى جعي، زيادات لمهنيي الصحة، ونقاط أخرى تتعلق بوضعيتهم القانونية، والتي تشبث فيها المهنيون بوضعية الموظف العمومي، إلى جانب الإتيان بمكتسبات جديدة “تلائم خصوصية القطاع”.
وقال المتحدث ذاته إنه بعد مضي ستة أشهر “ظل مصير هذا الاتفاق طي الجمود” وهو الأمر الذي قاد “الشغيلة مكرهة” وفق تعبيره إلى خوض سلسلة إضرابات شلت المستشفيات لأيام، مؤكدا أن “حالة الاحتقان ستظل مستمرة على هذا النحو ما لم تنفذ الحكومة مضامين الاتفاق إياه”.
أسئلة كثيرة ولا جواب
ومن جانبه قال مصطفى الحسني عضو التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة، إن الشغيلة تتساءل عن مصير ما تم الاتفاق عليه مع الحكومة دون أن تجد لأسئلتها جوابا، معتبرا أنها “تتنكر لعرض هي قدمته للشغيلة التي تفاوضت بشأنه في لقاءات واجتماعات عدة إلى أن تمخض عنها الاتفاق المعلوم”.
نفس هذا الموقف عبر عنه عبد الله مشكور الكاتب العام الجهوي لجهة فاس مكناس للاتحاد العام للشغل وعضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة والذي أضاف خلال حديثه مع “صوت المغرب” أن شغيلة القطاع الصحي تؤكد أن الوظيفة العمومية “خط أحمر”.
وقال في هذا الصدد إن “الحكومة والمسؤولين الآخرين المعنيين بالملف يقفون في واد بينما الشغلية تقف على طرفه الآخر” معتبرا أن مهنيي القطاع “سيظلون متشبثين بمطالبهم رغم ضبابية الوضع الذي تدفع إليه الحكومة”.
الطريق “نحو التصعيد”
وأجمع المهنيون المنتمون إلى ثماني ألوان نقابية مختلفة توحدت للمرة الأولى، على أن خيار التصعيد أمامها يظل قائما في حالة استمرار “تجاهل الحكومة لأصواتهم” مطالبين إياها بالوفاء بوعودها واتفاقاتها معهم.
وفي ندوة صحافية سابقة عقدها التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحية الذي يضم ثمانية إطارات نقابية، يوم الثلاثاء 21 ماي الجاري أكدت الشغيلة عبر ممثليها أنها “مضطرة اضطرارا لخوض الإضراب عن العمل، بهدف إرسال إشارات إلى الحكومة، وتنبيهها حتى تعود إلى جادة الصواب” مؤكدة أنها “لا تسعى إلى عرقلة المنظومة الصحية”.
وحذرت الهيئة ذاتها من أن استمرار الغموض الذي يلفّ مصير اتفاق 29 دجنبر 2023، سيعيق “لا محالة” تنفيذ ورش إصلاح قطاع الصحة العمومية، كما أنه سيُفقد الثقة للمهنيين في القطاع، ومن ثم تفاقم هجرة الأطر الصحية إلى الخارج.
المطالب “العالقة”
ويطالب التنسيق النقابي إياه بتنزيل اتفاق 29 دجنبر 2023 والمحاضر الموقعة مع جميع النقابات القطاعية نهاية يناير 2024 وفق الآجال المحددة ووفق المضامين التي تم التوصل إليها في شقها المادي والمعنوي.
وفي تفاصيل ذلك تسوية الوضعية القانونية لمهني الصحة من خلال الحفاظ على صفة الموظف العمومي، وصيانة الحقوق، وتعزيز الضمانات المترتبة عن تخويل هذه الصفة. وتدبير المناصب المالية و أداء أجور مهنيي الصحة من الميزانية العامة للدولة.
بالإضافة إلى استفادة مهنيي الصحة من الترقية في الرتبة والدرجة والحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية المقررة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والاستفادة من جميع الرخص بالوظيفة العمومية، والحفاظ على نفس النظام التأديبي والضمانات المكفولة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والحق في الحركة الانتقالية، وتوحيد نظام التقاعد لجميع مهني الصحة – بمن فيهم العاملون بالمراكز الاستشفائية الجامعية – في إطار الصندوق المغربي للتقاعد.
وفيما يتعلق بالشق المادي تطالب الشغيلة بإقرار زيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1500 درهم صافية لفائدة أطر هيئة الممرضين وتقنيي الصحة والممرضين المساعدين والممرضين الإعداديين وزيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1200 درهم صافية لفائدة مهنيي الصحة من الأسنان والمساعدين في العلاجات المتصرفين، والمهندسين.
وذلك غلى جانب تحسين شروط الترقي، مع إحداث درجة جديدة لكل الفئات، وإقرار مباريات داخلية مهنية، واعتماد صيغة مثلى لحساب قيمة التعويضات عن الحراسة والإلزامية والمداومة لكل الفئات التي تقوم بها، وصرف تعويض خاص بالعمل في البرامج الصحية لفائدة جميع مهنيي الصحة المعنيين بتلك البرامج.
ولوحت شغيلة القطاع بمزيد من التصعيد أمام استمرار الحكومة في تجاهل مطالبهم “الملحة”معبرين في الآن ذاته عن أسفهم جراء توقيف مصالح قطاع الصحة بسبب الإضرابات وحملوا الحكومة مسؤولية هذا الوضع، وقال التنسيق النقابي “إنهم يخوضون الإضرابات مكرهين.