حمزة الأنفاسي يكتب: أليس منكم رجل رشيد؟
عرف المغرب في الأيام الأخيرة قضايا مختلفة توبعت فيها صحافيات وصحافيون يشتغلون لصالح منصات مختلفة، في وقت يترأس فيه المغرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024 في شخص الديبلوماسي المغربي عمر زنيبر.
صحافية تشهد لها جميع التيارات السياسية بالكفاءة، الجدية، ونظافة اليد تدان بشهر موقوف التنفيذ من أجل تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي، أكبر صفعة لمن يشتغل في الخارج من أجل إبراز المغرب وديناميته الإصلاحية للعالم.
تدوينة الصحافية هي في الحقيقة ما يجب أن يصبو نحوه كل مجتمع: تدوينة تطرح تساؤلا حول قضية انتحار سياسي تحدث أياما قليلة قبل موته عن استهدافه وعن خيانته من طرف من هم قريبون منه وفي ظل انتخابات يقول أربعة مغاربة من كل عشرة أنها ليست حرة ولا نزيهة حسب نتائج الدورة السابعة من استطلاعات الباروميتر العربي.
أما فكرة استعمالها لصورة شخصية، فهذا في حد ذاته ضحك على المغاربة وذكائهم. أولا، الصورة هي لشخصية عمومية يجب (وأسطر على يجب) أن يتسع صدرها للانتقادات من طرف الشعب ذات السيادة ولاستعمال صورها من طرف المواطنين والإعلام مادام هذا لا يضر بها، وإلا فعلى هذه الشخصية العمومية البحث عن مجال آخر لخدمة الصالح العام. ثانيا، من المؤسف أن نرى كيف كانت منصات وحسابات كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي (ضمنها حسابات لصحافيين تمت مكافئتهم اليوم ببرامج تلفزية في قنوات عمومية) تنبش في الحياة الشخصية لشخصيات متعددة تنتمي للطيف الإسلامي خلال حكومتي العدالة والتنمية وتتهكم على أشكالهم واختياراتهم العاطفية في تعد بشع على الحياة الخصوصية للناس؛ واليوم نرى كيف تتم متابعة فاعلين إعلاميين متعديين بأسباب وبمبررات أهون بكثير مما كان يتعرض له أشخاص كثيرون في عشرية الإسلاميين.
كذلك تم اعتقال فاعل إعلامي ينشط من مدينة أكادير ومتابعته في حالة اعتقال، ومن ضمن ما تمت متابعته به هو انتحال صفة ينظمها القانون والمس بالحياة الخاصة، إلى جانب تهم أخرى. وهنا يجب الحديث عن فكرة بطاقة الصحافة. هذه البطاقة السحرية التي تعتبر الفيصل بين من يمكن أن يزاول مهنة الصحافة ومن لا يمكنه مزاولتها.
في عالم اليوم الذي صار فيه الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يجر شعبا كاملا إلى تصديق صورة غير حقيقية أو فيديو غير حقيقي، من المضحك أن لا يزال النقاش في المغرب حول من يملك بطاقة الصحافة ومن لا يملكها.
ثم بالحديث عن الحياة الخاصة للأشخاص، فمن المحزن والمفزع في نفس الوقت، كيف يمكن لهذا الصحافي الرقمي أن يقبع في السجن في حين أن امرأة يقال عنها أنها جامعية وتمت مكافئتها هي كذلك ببرنامج إذاعي مؤخرا أن تنبش في الحياة الخصوصية للصحافي حميد المهداوي (الذي تم استدعاءه هو كذلك مؤخرا بعد شكاية تقدم بها وزير العدل ضده) وتقذف عرضه وشرفه وشرف والدته وشرف زوجته (حقيقة أحسست بالتقزز عند الاستماع لبعض المقاطع التي تمت فيها مهاجمة المهداوي من طرف هذه السيدة). من الطبيعي أن يفهم بعض المواطنين أن هناك سياسة الكيل بمكيالين في تهمة المس بالحياة الخاصة للأشخاص.
وبالحديث عن سياق متابعة الصحافيين التي تأتي في ظل متابعة شخصيات سياسية مختلفة بتهم ثقيلة. في مغرب يعرف صحافة مستقلة وقوية، كان من الممكن لصحافية أو صحافي تحقيق كالذين عرفهم المغرب في وقت سابق أن يكونوا سلطة تسلط الضوء على حجم الفساد الذي تعرفه بعض المؤسسات المنتخبة والمعينة. الصحافي يبحث عن الخبر ويستطيع الوصول إليه في مناسبات قبل أن تصل إليه الدولة ومؤسساتها، حتى إن كان الأمر فقط لبطء اشتغال أي جسم بيروقراطي وصعوبة تحريك المساطر ضمنه. الصحافي كذلك يمكن أن يواكب عمل مؤسسات الرقابة والسلطة القضائية لتقريب المواطنين من عمل الجهات التي يوكلها لحماية موارده، خصوصا في ظل إقبال المغرب على مشاريع ستخصص لها موارد مالية ضخمة تفرض تتبع صرفها.
أليس منكم رجل رشيد يعرف ألا محيد عن صحافة مستقلة وقوية من أجل دولة قوية، وأنه مادام لم يتسع صدر مسؤولينا للنقد والتتبع والمراقبة والمحاسبة، فإننا قطعا أمام أشواط طويلة علينا أن نخوضها قبل أن نقول أننا فعلا دولة حق وقانون.