حمزة إيݣامان
حمزة إيكامان الذي يصنع تألقا لافتا هذه الأيام رفقة ناديه الأسكتلندي العريق غلاسكو رانجرز، في مباريات متوالية سجل فيها أهدافا حاسمة لفريقه، تلقى في المباراة الأخيرة إشادة من جمهور النادي ومدربه فيليب كليمانس حيث قال: “ تحدثت مع العديد من الأشخاص في المغرب قبل التعاقد معه. الجميع وصفه بالألماسة الخام. ربما لم يكن جاهزًا بشكل كامل عند وصوله، لكنه يملك إمكانيات استثنائية. قررنا الاعتماد عليه رغم التحديات، لأنه يقدم نوعية اللاعبين التي يحتاجها الفريق”.
وعن مدى تأقلمه مع الأجواء الجديدة في اسكتلندا، أشار كليمانس إلى دور زملائه في الفريق، قائلاً : “زملاؤه لعبوا دورًا كبيرًا في مساعدته على التأقلم. نيكولاس راسكين على وجه الخصوص كان قائدًا فعليًا داخل المجموعة وساهم كثيرًا في تهيئة حمزة للتأقلم مع الحياة هنا. هذا يُظهر قيمة العمل الجماعي”.
إبن مدينة تمارة البالغ من العمر حاليا 22 سنة، والذي يعتبر منتوجا خالصا لمدرسة نادي الجيش الملكي، كان قد أظهر مؤهلاته كقلب هجوم واعد في سن مبكرة، وتم تصعيده إلى الفريق الأول للنادي العسكري، ولعب في المنتخبات الوطنية للفتيان والشباب والأولمبي، وجاور أيضا المنتخب المحلي وفاز معه ببطولة “الشان”، اختار بذكاء أين يضع رجله عندما قرر الموسم الماضي مغادرة البطولة الوطنية وخوض تجربة الإحتراف والإنتقال إلى مرحلة جديدة من مشواره الكروي.
يمكن أن نتصور حجم الإغراء الذي يمارسه المال على لاعبين واعدين من أوساط اجتماعية فقيرة، ويتسبب في توقيعهم لأندية غنية ماديا، لكنها تنتمي لبطولات متواضعة لا تسمح بتطوير مستواهم، وهذا هو الخطأ الفادح الذي يسقط فيه الكثير من لاعبينا الموهوبين، ولم يسقط فيه حمزة إيكامان لحسن الحظ.
الموسم الماضي كان له عرضان فوق طاولة إدارة الجيش الملكي، عرض من الخليج وبالضبط من نادي الغرافة القطري بمبلغ ست ملايير سنتيم، ثم عرض من نادي كلاسكو رونجرز الأسكتلندي بنصف العرض الأول أي ثلاثة ملايير.. المفاجئ أن إيكامان وإدارة الفريق العسكري فضلا الصفقة الثانية، وهي تضحية يجب أن تحسب لنادي الجيش الملكي، لأنه لم يفضل المال على حساب مستقبل أحد أبنائه.
انتقال حمزة إيكامان إلى اسكتلندا في هذا السن، واندماجه السريع في أجواء كروية وثقافية ومناخية غريبة عنه، والتطور الملحوظ في مستواه التقني والمهاري وأيضا في بنيته الجسدية، هو رسالة واضحة لكل اللاعبين داخل البطولة الوطنية الذين لم يبلغوا العشرين، أو فاتوها بسنة أو سنتين، الذين لهم طموح تطوير مستواهم وإصلاح أعطاب التكوين، وتأهيل الذات للعب في أعلى مستويات كرة القدم.
الرسالة مفادها أن اللاعب الموهوب والواعد عندما يستمر في البطولة الوطنية أكثر من ثلاث سنوات و”يستحلي” الراتب الجيد والمكافآت، فإنه يكون بصدد إضاعة سنوات مهمة من مشواره الرياضي في بيئة كروية معطوبة مليئة بأشكال الرداءة والهواية، عوض ذلك عليه البحث عن ناد أوربي صغير أو متوسط يوقع معه ولو بامتيازات مالية أقل من التي يتلقاها في المغرب، ويجتهد ويصبر على الأجواء الصعبة ويشتغل بانضباط في التداريب حتى يصنع له مكانا يكون هو الخطوة الأولى في طريق العالمية، مثلما فعل ياسين بونو ونايف أكرد وأيوب الكعبي وآخرون.