حكيم زياش !
لا أحد من لاعبي كرة القدم المعروفين عبر العالم، علة الأقل خلال السنوات الأخيرة، عرف المشاكل و المعيقات و سوء التفاهم مع إدارات الأندية و مدربيها مثل حكيم زياش.
ولَدنا الموهوب منذ أن انتقل من نادي تفينتي إلى العريق أجاكس أمستردام قبل سبع سنوات، و هو يتعرض في كل مرة لوقائع أثرت كثيرا على مردوديته فوق الملاعب و جعلته يدخل غير ما مرة في دوامة الضغوطات و الإنتقادات لأسباب مختلفة .
في بدايات تألقه في مع الأندية الهولندية تحولت إشادات الجمهور به و بأهدافه و تمريراته إلى شعارات السب و الشتم و الإتهام بالغباء بمجرد تفضيله اللعب للمنتخب المغربي على المنتخب الهولندي، وزادت الصحافة الهولندية ” فويخرات ” في الموضوع ، و رغم كل ذلك واصل تألقه في المواسم التالية خصوصا مع الأجاكس في فترة المدرب دين هاغ ، إلى حين رحيله إلى تشيلسي الإنجليزي .
مع النادي اللندني رغم أنه اجتهد كثيرا لتطوير إمكانياته البدنية لتتلاءم مع طبيعة الأجواء الأنغلوساكسونية ، إلا أن كل المدربين الذين تعاقبوا على البلوز لم يثقوا في مؤهلاته ليجعلوا له مكانا ثابثا داخل تشكيلة الفريق ، رغم أنه كان يقدم مستويات كبيرة في المباريات القليلة التي كان يتم إشراكه فيها . إلى أن جاء المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو ليضعه خارج لائحة اللاعبين الذين سيعتمد عليهم و يضطر بعدها زياش للبحث عن ناد يلعب فيه .
واقعة غريبة حدثت أيضا لزياش في فترة الإنتقالات الشتوية الموسم الماضي ، حيث كان تشيلسي و باري سان جيرمان قد اتفقا على انتقال حكيم على سبيل الإعارة ، لكن في الساعات الأخيرة قبل نهاية فترة الإنتقالات ، حدث ” خطأ ” إداري منعه من الإنتقال إلى اللعب بباريس .
في يونيو الماضي كان قاب قوسين أو أدنى من الإنتقال إلى النصر السعودي ، فبعدما كان كل شيء على ما يرام في المفاوضات ، و لم يتبق إلا توقيع العقد ، ألغيت الصفقة فجأة بعد خروج نتائج الإختبار الطبي ، و تسربت أخبار عن اكتشاف إصابة قديمة في الركبة يعاني منها زياش .
انتقاله بعد ذلك إلى غالاطاسراي كان من باب الإضطرار لكي لا يبقى بدون فريق ، الشيء الذي استغله النادي التركي في إدراج بند في عقده مع زياش يتضمن فسخه فورا في حال تجدد إصابته القديمة في الركبة ، و هو ما يفعلونه حاليا بطريقة أخرى عبر عدم صرف مستحقاته المالية و دفعه للرحيل إلى وجهة أخرى .
كل هذا بالإضافة إلى المشاكل الشهيرة التي عرفها داخل المنتخب الوطني مع هيرفي رونار و في فترة لاحقة مع وحيد خاليلوزيتش ، تسببت في إبعاده عن اللعب دوليا في مناسبات مهمة كان آخرها كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بالكاميرون .
زياش لاعب كبير و موهبة ” عسرية ” فذة افتقدناها في المغرب منذ الأسطورة محمد التيمومي ، هذا مما لا جدال فيه ، لكنه شخص مثل كثير من نجوم كرة القدم تطبع سلوكه بعض المزاجية و التمرد عند أول خلاف ، و تظهر عليه في كثير من المرات رواسب الطفولة القاسية التي عاشها في هولندا .. المشكل ليس هنا ، المشكل في اعتقادي هو في عدم توفر النجم المغربي منذ بداياته مع نادي هيرنيڤن الهولندي على وكيل أعمال من العيار الثقيل على غرار ما يفعله اللاعبون الواعدون في سن مبكرة ، و كيل أعمال ذكي و ذو علاقات واسعة في الوسط الكروي و الذي يعرف جيدا حماية لاعبه و توجيه سلوكاته في فترة الأزمات أو الإنتقادات الموجهة إليه من طرف المدربين و الجمهور و وسائل الإعلام ، و رسم مساره الكروي و نقله تدريجيا إلى القمة و منحه القيمة السوقية المستحقة بالمفاوضة الذكية على بنود العقود ، بالإضافة إلى اختيار الأندية التي يتعاقد معها بدقة كبيرة ، بناءً على الكثير من المعطيات التقنية حول هويتها الكروية و حول الدوريات التي تنتمي إليها .
عندما ترى لاعبين عاديين في أوربا و أمريكا اللاتينية لا يتوفرون على نصف ما يمتلكه حكيم زياش من مؤهلات ، يتحولون إلى نجوم تتخاطفهم الأندية الكبيرة بمبالغ فلكية ، و تساوي قيمتهم في سوق الإنتقالات من ثمانين مليون أورو ” للعقبة ” ، فاعلم أنهم يمتلكون وكلاء أعمال ” قافزين ” يعرفون صنع قيمة للاعبيهم من لاشيء ، و هو ما لا يتوفر عليه لاعبنا حكيم زياش مع كامل الأسف .