حق الملحة ..اعتراف الرجل بعطاء المرأة خلال شهر رمضان
يشكل حق الملح أو “التكبيرة “، علامة من علامات اعتراف الرجل بالمجهودات التي تبذلها المرأة وتضحيتها بالكثير من الوقت والعمل المضني خلال شهر رمضان الكريم، حيث يكون تقديم الرجل لزوجته بالأساس، أو حتى أخته أو ابنته أو أمه لهدية بعد نهاية الشهر الفضيل، والتي عادة ما تكون قطعة ذهب أو فضة أو أي هدية أخرى حسب الإمكان، تأكيدا لهذا الاعتراف، ونوعا كذلك من تقديم الإعتذار الجميل على عدم الانخراط في هذه الأعمال.
ويعتبر هذا الاعتراف، قيمة من قيم المغاربة المتأصلة في جزء كبير من نسيجه الاجتماعي، مما يحيل على الكرم والوفاء والتودد، وترسيخ لقيم الترابط والمودة والرحمة داخل الأسرة المغربية، التي حافظت على الكثير من تقاليدها، بخلاف العدد من الأسر التي تنتمي لنفس السياق الحضاري، سواء في العالم العربي أو الإسلامي والتي تجاوزت بحكم شروطها الاجتماعية والاقتصادية العامة التقسيم التقليدي للأدوار .
لطيفة البوحسني استاذة التاريخ في جامعة محمد الخامس والحاصلة على دكتوراة الدولة في موضوع “مكانة النساء في الكتابات التاريخية المغربية في العصر الوسيط ” ، اعتبرت أن تقديم الرجل لهدية بمناسبة نهاية شهر رمضان، في إطار ما يسمى بعادة حق الملحة، اعتراف جميل، بالجهد الكبير الذي تقوم به المرأة خلال هذا الشهر، والذي تتضاعف فيه الأشغال المنزلية بشكل كبير.
اعتراف تؤكد البوحسيني، في تصريحها لصحيفة “صوت المغرب” يجعل الحياة رحيمة، وذلك من من خلال إشاعة قيم المحبة والرحمة داخل الأسرة، وإقرار متبادل بين الأزواج، بالمساهمة التي يقومان بها داخل الأسرة.
وأوضحت البوحسيني “أنه من المثير جدا البحث والتنقيب على عدد من الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع المغربي، والتي تختزن قيم الاعتراف بالمجهودات التي تقوم بها النساء، في إاطار التقسييم التقليدي للأدوار، سواء تعلق الأمر بتربية الأطفال أو الأشغال المنزلية وغيرها.
وأشارت البوحسيني، إلى أنه إذا كان العرف السائد اجتماعيا يمرر من خلاله المغاربة فضيلة الاعتراف، من خلال “حق الملحة”، أو “التكبيرة”، فإن هذه الأعراف يجب أن تنسحب على الزمن الحالي من خلال التنصيص على ذلك قانونا، من خلال إصلاح بعض مقتضيات قانون الأسرة.
وقدمت البوحسيني كمثال على المقتضيات التي يجب التنصيص عليها في مدونة الأسرة، والتي تنسجم مع أعراف التقدير المتأصلة في الأعراف المغربية، تقاسم ممتلكات بيت الزوجية، بين الزوج والزوجة، في حالة حصول الطلاق، مما يكون في حال التنصيص عليه، اعتراف للمرأة بجهودها في تنمية بيت الأسرة، وإزالة للظلم وللحيف الذي قد يلحق بها.
وأضافت البوحسيني، أن خروج المرأة للعمل والقيام بدورها الكامل سواء داخل البيت أو خارجه، ألقى عليها أعباء كبيرة، وهي أعباء تؤكد أنه يجب أن يتم تقديرها عرفا واجتماعا وقانونا.