حقوقي: ضعف آليات المراقبة وتأخر الإصلاحات يعمقان أزمة الفساد في المغرب
![حقوقي: ضعف آليات المراقبة وتأخر الإصلاحات يعمقان أزمة الفساد في المغرب](https://thevoice.ma/wp-content/uploads/2023/12/الفساد-960x540.jpeg)
كشف التقرير الأخير لمنظمة الشفافية الدولية “ترانسبرانسي”، لسنة 2024، تراجع المغرب بمرتبتين في مؤشر إدراك الفساد على المستوى العالمي، منتقلا من الرتبة 97 إلى المرتبة 99 من أصل 180 دولة، مسجلًا 37 نقطة من أصل 100، بعد أن كان قد حصل على 38 نقطة في عام 2023.
ورأى حقوقيون أن هذا التراجع المستمر منذ عام 2018، إذ احتل المغرب حينها المرتبة 43، يعكس أزمة عميقة تتعلق بعدم فعالية الجهود المعلنة لمكافحة الفساد في البلاد.
وعلى الرغم من إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، إلا أن نتائجها لم ترتقِ إلى مستوى التحديات، إذ اعتبر متابعون أنها ركزت على محاربة المظاهر دون التصدي لجذور المشكلة، مما زاد من تفاقمها وأثر بشكل كبير على ثقة المواطنين في المؤسسات.
وفي هذا السياق قال رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، إن تدهور وضع المغرب في مؤشر مدركات الفساد يعود إلى عدة عوامل، “أبرزها غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحة هذه الظاهرة”، مشيرا إلى أنه رغم التصريحات الرسمية المتكررة حول محاربة الفساد، إلا أن الواقع يعكس استمرار المحسوبية والرشوة في العديد من القطاعات، إلى جانب ضعف آليات المراقبة والمحاسبة وتأخر الإصلاحات القضائية والإدارية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
وأشار تشيكيطو إلى أن فوز شركة رئيس الحكومة بصفقة تحلية مياه البحر بقيمة بلغت مليارات الدراهم، “يُعد مثالًا واضحًا على مظاهر تضارب المصالح وغياب الشفافية، مما يعزز الشعور بعدم المساواة ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات”، موضحا أن هذا النوع من الصفقات يثير تساؤلات مشروعة حول مدى التزام الدولة بمكافحة الفساد بشكل فعلي.
وأضاف الفاعل الحقوقي أن “الاقتصاد غير المهيكل والريع الاقتصادي والرشوة الصغيرة يُشكلون تحديات رئيسية في هذا الجانب”، بحيث تُسهم هذه الممارسات في ترسيخ ثقافة الفساد وإعاقة جهود التنمية.
وأكد أن تأخر الإصلاحات القضائية والإدارية يؤدي إلى استمرار البيروقراطية وضعف استقلالية القضاء، مما يعطل محاسبة المتورطين في قضايا الفساد ويعرقل جهود التصدي لهذه الظاهرة.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن تداعيات تراجع المغرب في مؤشر مدركات الفساد لا تقتصر على السمعة الدولية فقط، بل تمتد لتؤثر سلبًا على الاقتصاد والاستثمار، “فالمستثمرون يفضلون بيئات عمل تتسم بالشفافية والنزاهة، وتراجع المغرب في هذا المجال قد يدفعهم إلى إعادة النظر في خططهم الاستثمارية”.
وخلص رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى التأكيد على أن مكافحة الفساد تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة، تشمل تعزيز آليات المراقبة والمحاسبة، وتسريع الإصلاحات القضائية والإدارية، بالإضافة إلى تعزيز دور المجتمع المدني والصحافة في كشف قضايا الفساد ومتابعتها، داعيا إلى التزام جاد من الحكومة وكافة الفاعلين لتبني سياسات فعالة تُعزز الشفافية والنزاهة، مع ضمان محاسبة المتورطين دون استثناء لتحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.
وأوضحت منظمة “ترانسبرانسي” في تقريرها السنوي الذي نشرته الثلاثاء 11 فبراير 2025، أن المغرب حقق معدل 37/100، متراجعا بواقع نقطة واحدة عن معدل سنة 2023، حيث يستخدم التقرير مقياسًا من صفر إلى 100، كلما اقترب من الصفر كلما ارتفعت نسبة الفساد، بينما تشير النقطة 100 إلى النزاهة التامة.
وهكذا فقد استمر المغرب في وتيرة التراجع على مستوى مؤشر مدركات الفساد منذ سنة 2018، حين حقق المغرب أفضل نتيجة له بمعدل 43/100، ما جعله في المركز 73، قبل أن يأخذ المعدل منحى تنازليا ليصل إلى معدل 37/100 هذه السنة عند المركز 99 عالميا، ما يعني فقدان المغرب لـ26 مركزا في 6 سنوات فقط.
وعلى المستوى العربي، حافظت الإمارات العربية المتحدة على الصدارة ب68 نقطة، ما خولها احتلال الرتبة 23 عالميا، فيما تعادلت كل من قطر والمملكة العربية السعودية في المركز الثاني بتحقيق كلاهما لـ59 نقطة مما وضعهما في الصف 38 عالميا، فيما كان المركز الثالث من نصيب دولة عمان بمعدل 55 نقطة والمركز 50 عالميا، تلتها على التوالي كل من البحرين والأردن والكويت، وتونس.
أما المغرب فقد جاء في المرتبة الـ8 عربيا، متفوقا على الجزائر التي حلت في الرتبة 107 عالميا، ثم مصر في الرتبة 130، ثم موريتانيا التي حافظت على مركزها عند المرتبة 130 عالميا، وأيضا العراق في المركز 140 عالميا.