حقوقيون يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب انسجامًا مع الالتزامات الدولية

دعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى إقرار سياسة جنائية مغربية خالية من عقوبة الإعدام والانتصار للحق في الحياة، مشيرة إلى أن استمرار وجود عقوبة الإعدام في التشريع، رغم تعليق تنفيذها منذ سنة 1993، يظل “انتهاكًا صارخًا” للكرامة الإنسانية ومناقضًا لالتزامات المغرب الدولية.
وأكدت المنظمة في بيان لها بمناسبة تخليد اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة، أن الحق في الحياة حق أصيل وغير قابل للتقييد، كما نصت عليه المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه المغرب سنة 1979.
وسجلت المنظمة قلقها الحقوقي من “التردد الذي يطبع المسار التشريعي في التوجه نحو الإلغاء التام لهذه العقوبة”، لكنها في المقابل ثمّنت تصويت المغرب لأول مرة سنة 2024 لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إيقاف التنفيذ القانوني لعقوبة الإعدام، معتبرة ذلك خطوة إيجابية “يجب أن تُترجم إلى إصلاحات قانونية وتشريعية واضحة في مشروع القانون الجنائي وفي السياسة الجنائية عمومًا”.
كما نوهت بالعفو الملكي الذي شمل عددًا من المحكومين بالإعدام وتم تحويل عقوباتهم إلى أحكام سالبة للحرية، معتبرة أن هذه المبادرة “عززت من فرص استفادتهم من الحق في الحياة، وتفتح الباب أمام مراجعة شاملة للنصوص التي تنص على عقوبة الإعدام”.
ودعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى إلغاء النصوص القانونية التي تقر عقوبة الإعدام من مشروع القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب، واتخاذ تدابير تضمن المحاكمة العادلة وتفادي الأخطاء القضائية التي قد تؤدي إلى إصدار أحكام بالإعدام.
وطالب البيان بإطلاق نقاش وطني شامل حول العدالة الجنائية والعقوبات، بمشاركة كافة الفاعلين الحقوقيين والمؤسساتيين، قبل تمرير مشروع القانون الجنائي، مشددا على ضرورة التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، باعتباره التزامًا دوليًا ووطنياً يعزز احترام الحق في الحياة.
وأشارت المنظمة إلى أنها تستند في موقفها إلى التقارير الأممية، ومنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لسنة 2025 الذي أكد أن “عقوبة الإعدام تشكّل خطرًا غير مقبول على الأبرياء ولا تحقق الردع المنشود”، إضافة إلى التعليق العام رقم 36 للجنة حقوق الإنسان الذي شدد على أن تطبيق الإعدام يجب أن يقتصر على “أشد الجرائم خطورة” ولا يجوز أن يشمل الأطفال أو ذوي الإعاقة.
كما ذكّرت بتوصيات مجلس حقوق الإنسان في الاستعراض الدوري الشامل، التي دعت المغرب إلى التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني، وبما ورد في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة التي أوصت صراحة بإلغاء عقوبة الإعدام.
واختتمت المنظمة بيانها بالتأكيد على أن العدالة الحقيقية لا تُبنى بعقوبة الإعدام، بل بالحرص على الحق في الحياة كحق أصيل، وبإقرار عدالة جنائية تقوم على الإصلاح والأنسنة والتقويم الاجتماعي، معتبرة أن مناهضة الإعدام جزء من النضال من أجل مغرب يحترم الكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة.