حقوقيون يطالبون أخنوش بتكريس العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق

طالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بإرساء عدالة اجتماعية حقيقية تُكرّس الحقوق وتحقق الكرامة، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف 20 فبراير من كل سنة.
وقالت العصبة في مراسلة لرئيس الحكومة، الخميس 20 فبراير 2025، “إن التقارير الوطنية والدولية أظهرت أن المغرب يواجه تحديات هيكلية في تحقيق العدالة الاجتماعية”، مبرزة أن نسبة كبيرة من الثروة الوطنية تتركز في يد أقلية من الشركات والعائلات الثرية، في حين يعيش ملايين المغاربة في ظروف صعبة، موضحة أن هذا الوضع زاد تأزمًا بفعل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وأبرزت الهيئة الحقوقية أن البطالة لا زالت من أبرز التحديات التي تواجه الشباب المغربي، بحيث تسجَّل معدلات مرتفعة، خاصة في صفوف حاملي الشهادات، مشيرة إلى أن القطاع غير المهيكل يظل الملاذ الوحيد لعدد كبير من المواطنين، ما يحرمهم من الحماية الاجتماعية وظروف العمل اللائقة.
وفي هذا الجانب، طالبت بإطلاق برامج قوية لدعم التشغيل، خاصة لفائدة الشباب وخريجي الجامعات، من خلال تحفيز الاستثمار في القطاعات المنتجة، وتشجيع المقاولات الناشئة، وإصلاح منظومة التكوين المهني.
ومن جانب آخر، أوضح المصدر ذاته أنه رغم الإصلاحات التي شهدها قطاع التعليم، فإن المدرسة العمومية لا تزال تعاني من مشاكل بنيوية، تتجلى في ضعف جودة التعليم، وعدم ملاءمته مع متطلبات سوق الشغل، لافتة إلى أن ارتفاع نسب الهدر المدرسي، يفاقم من حدة التفاوتات الاجتماعية.
واقترح، إصلاح التعليم عبر تحسين جودة المدرسة العمومية، وتوفير تعليم مجاني وجيد للجميع، وضمان تكافؤ الفرص بين أبناء الفئات الغنية والفقيرة، مع إصلاح المنظومة الصحية بتخصيص ميزانية أكبر للقطاع، وتحفيز الأطباء للعمل في المناطق القروية، وضمان مجانية العلاج للفئات الهشة.
وأضاف أن قطاع الصحة يعاني هو الآخر من نقص في الموارد البشرية وضعف البنية التحتية، ما يجعل الحصول على العلاج حقًا صعب المنال لفئات واسعة من المواطنين، خاصة في المناطق القروية والنائية.
وتابعت المراسلة أن أزمة السكن تشكل تحديًا كبيرًا، بحيث يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار العقارات وضعف القدرة الشرائية، مما يحول دون حصولهم على سكن لائق يحفظ كرامتهم.
ودعت إلى تطوير سياسات السكن الاجتماعي من خلال تقديم دعم مباشر للأسر ذات الدخل المحدود، وتعزيز برامج الإسكان منخفض التكلفة، مشددة على ضرورة إقرار سياسات تنموية عادلة تضمن توزيعًا متوازنًا للاستثمارات بين الجهات، وتوفير فرص الشغل والخدمات الاجتماعية في المناطق المهمشة.
وأكدت العصبة أن استمرار هذه الاختلالات يهدد الاستقرار الاجتماعي، ويكرس الإقصاء والتهميش، مشددة على أن ذلك يفرض على الحكومة اعتماد سياسات أكثر جرأة وفعالية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ورصدت “غياب العدالة الجبائية”، مبرزة أن الفئات المتوسطة والفقيرة لا زالت تتحمل العبء الأكبر من الضرائب، في حين تستفيد الشركات الكبرى والمستثمرون من إعفاءات ضريبية سخية.
وشددت العصبة في مراسلتها على ضرورة تعزيز العدالة الجبائية من خلال فرض ضرائب تصاعدية على الثروة، وتقليص الامتيازات الضريبية غير المبررة، وإعادة توزيع المداخيل الضريبية بشكل يحقق الإنصاف.
ووقفت المراسلة على ضعف سياسات الحماية الاجتماعية، موضحة أنه وبالرغم من تعميم التغطية الصحية، لا تزال الفئات الهشة تواجه صعوبات في الاستفادة منها فعليًا، بسبب نقص الأطباء وضعف الخدمات الطبية.
وفي غضون ذلك، سجلت العصبة في مراسلتها تفاوت التنمية بين الجهات، حيث تظل بعض المناطق محرومة من المشاريع التنموية وفرص التشغيل، مما يدفع الشباب إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية بحثًا عن حياة أفضل.
وفي هذا الصدد أوصت بضرورة إصلاح نظام الأجور بشكل يواكب تكاليف المعيشة، والحد من الفجوة بين الأجور العليا والدنيا في القطاعين العام والخاص.
ومن جانب آخر، نادت بمكافحة الفساد والاحتكار، عبر تشديد الرقابة على الأسواق، وتعزيز الشفافية في تدبير الموارد العمومية، وضمان محاسبة المتورطين في الفساد الاقتصادي.
وخلصت العصبة الحقوقية، إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية ليس ترفًا سياسيًا، بل هو ركيزة أساسية للاستقرار والتنمية، مبرزة أن أي تأخير في معالجة الاختلالات القائمة سيؤدي إلى تعميق الأزمات الاجتماعية، وخلق مزيد من الاحتقان، مما قد يؤثر سلبًا على الاستقرار العام.