حقوقيون يدينون تعنیف وترهيب العمال والعاملات بالضيعات الفلاحية ويرفضون “شيطنة” احتجاجاتهم
أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على مستوى فرعها المحلي بمنطقة اشتوكة آيت باها، “تعنیف و ترهيب العمال والعاملات” بالضيعات الفلاحية بالإقليم، معبرة عن رفضها لما وصفته بـ “شيطنة احتجاجاتهم”، التي انطلقت شرارتها يوم الاثنين 25 نونبر 2024 واستمرت لمدة ثلاثة أيام ( 25 و26 و27 نونبر 2024) احتجاجا على الأوضاع المزرية التي يعاملون بها وعلى هزالة الأجور.
وشددت الجمعية في بلاغ لها، عن إدانتها لما “تعرضت له احتجاجات العاملات والعمال السلمية من تعنيف وتهديد واعتقال و احتجاز بعضهم بكل من بيوكرى و أيت اعميرة في خرق سافر للالتزامات الدولة في مجال حقوق الانسان و كذا للقانون المغربي والالتزامات الواردة في مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون”.
ودعت الهيئة الحقوقية إلى وضع حد للانتهاكات المستمرة لقانون الشغل بالإقليم و تفعيل أدوار جهاز المراقبة والتفتيش وتوفير الموارد البشرية الكافية وآليات اشتغالها، مطالبة بحماية الحق في التنظيم النقابي ووضع حد لمحاربته بمجموعة من الشركات الفلاحية “عبر التسريح الجماعي للعاملات والعمال النقابيين أو التمييز بينهم و بين غيرهم في الأجر و في العمل”.
وجدد البلاغ دعوة الجمعية إلى وضع حد لمآسي حوادث سير وسائل نقل العاملات، والعمال بالقطاع الفلاحي وذلك بفرض توفير وسائل نقل ملائمة و آمنة. فضلا عن الزيادة في الحد الأدنى للأجور وتحسين دخل العاملات والعمال الزراعيين بما يواكب الغلاء الذي عرفته مجموعة من المواد الاستهلاكية الأساسية و يضع حدا للتدهور المتواصل للقدرة الشرائية لهم.
وطالب المكون الحقوقي بوضع حد للفوضى الذي يعرفه “الموقف” (مكان تجمع العمال الفلاحين)، “الذي تحول إلى سوق نخاسة يقصده كل من هب ودب في الاشتغال بالوساطة في التشغيل دون الالتزام بالقانون وخاصة الكتاب الرابع من مدونة التشغيل في شأن الوساطة في الاستخدام وتشغيل الاجراء”، الشيء الذي يعرض العاملات والعمال لمختلف أنواع المعاملات الحاطة من كرامتهم و يعرض سلامتهم البدنية للخطر عبر نقلهم وتكديسهم في وسائل نقل غير آمنة.
وخلص البلاغ إلى ضرورة فتح نقاش عمومي جدي حول نموذج الاستثمارات الفلاحية التي يمكن أن تشكل رافعة للتنمية بالإقليم، “بعيدا عن النموذج الحالي الذي لم يقدم للإقليم إلا أحزمة فقر منتشرة بكل ضواحي مراكزه و استنزاف للثروات الطبيعية و في مقدمتها الفرشة المائية ولم يضمن الأمن الغذائي للمغاربة الذي يضطرون اليوم لاستيراد ما يأكلونه من الخارج”.
ومن جهته، كان نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها الحسين أولحوس، قد عبر عن قلقه حيال الظروف الصعبة التي تعيشها هذه الفئة، مطالبا بضرورة تحسين ظروف عملها عبر تطبيق القوانين التي تضمن حقوقها الأساسية، وعلى رأسها الزيادة الفعلية في الأجور وتوفير التأمين الصحي لحماية العمال من مخاطر العمل.
وقال الفاعل الحقوقي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إن “العمال يعانون من ظروف قاسية بسبب الأجور المنخفضة التي لا تواكب الارتفاع المتسارع للأسعار”، مضيفا أنهم “يعملون لساعات طويلة وبأجور زهيدة، كما أنهم يواجهون استغلالاً كبيراً من قبل أرباب العمل الذين لا يلتزمون بالحد الأدنى لحقوقهم الأساسية”.
وأشار أولحوس إلى أن القوانين المعمول بها لا تضمن حماية كافية للعمال الزراعيين، بحيث “لا يتم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني الضمان الاجتماعي، مما يتركهم عرضة للعديد من المخاطر مثل حوادث العمل والأمراض التي تنتشر بشكل كبير بسبب ظروف العمل”، مضيفا أن “المشغلين لا يتحملون المسؤولية القانونية تجاه هذه الفئات، بل غالباً ما يلجؤون إلى شركات الوساطة لتجنب أي التزام مباشر معهم”.
وأوضح نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها أن “معظم العمال يتعرضون للتهديد والضغوط من طرف أرباب العمل، الذين يمنعونهم من المطالبة بحقوقهم، مشيرا إلى أنه “في الكثير من الحالات يتم طرد أي عامل خرج عن صمته وحاول الدفاع عن حقوقه والمطالبة بتحسين أوضاعه”.
وفيما يتعلق بتطورات الوضع الحالي، أشار أولحوس إلى أن “هناك بعض الشركات التي تقدم زيادات ضئيلة في الأجور، لكنها لا تشكل حلاً جذريًا للمشاكل الأساسية التي يعاني منها العمال، كما أنها لا تتماشى مع ارتفاع تكاليف المعيشة ولا تكفي لتلبية احتياجات الأسر”، مشددا على أن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا حقيقيًا لتوفير الحماية لهؤلاء العمال.