story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

حقوقيون يحذرون من “تمدد ثلاثي الفساد والاستبداد والتطبيع”

ص ص

قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، إن المغرب يعيش اليوم على وقع تمدد خطير لثلاثي “الفساد والاستبداد والتطبيع”، مبرزا أنه يُعيق بشكل جوهري تطور المغرب نحو دولة الحق والقانون والديمقراطية.

وجاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنعقد أيام 23 و24 و25 ماي 2025 بالمركب الدولي للطفولة والشباب بمدينة بوزنيقة، تحت شعار: “نضال وحدوي ضد الفساد والاستبداد والتطبيع، ومن أجل مغرب الديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع.”

وأكد غالي أن المغرب يشهد منذ سنوات “تغوّلًا متزايدًا للسلطوية”، ما أفرز أزمة متعددة الأبعاد، يتجلى أبرز مظاهرها في تراجع الحريات، وسط “هجوم كاسح” على مكتسبات طالما ناضلت من أجلها الحركة الحقوقية، “سواء عبر تشريعات مقيدة، أو من خلال ممارسات سلطوية تستهدف حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية الصحافة”.

وأشار إلى “أن السلطات ما تزال تمعن في قمع الأصوات الحرة، من صحافيين، مدونين، مدافعين عن حقوق الإنسان، نقابيين، ومعارضين سياسيين، لاسيما المناهضين للتطبيع، وسط استمرار وجود عشرات المعتقلين السياسيين في السجون، وتضييق ممنهج على الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية التظاهر والتأسيس وحرية المعتقد”.

ووصف المتحدث قرار تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين الرباط وتل أبيب بأنه “خيانة سياسية وشكل من أشكال الأزمة السياسية العميقة التي يعيشها المغرب”، متسائلًا عن مدى التزام الدولة بتعهداتها أمام الرأي العام الوطني والدولي.

قوانين “تراجعية”

وفي الجانب التشريعي، نبه الفاعل الحقوقي إلى أن الدولة “تشُن هجومًا ممنهجًا على المكتسبات الحقوقية” من خلال تمرير قوانين “تراجعية” تهدد الحقوق الأساسية، وفي مقدمتها مشروعا قانون المسطرة المدنية والجنائية، والقانون التنظيمي للإضراب، وغيرها.

أما على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فقد حمّل غالي السياسات العمومية مسؤولية التدهور الخطير في قطاعات حيوية كالتعليم، الشغل، الصحة والحماية الاجتماعية، معتبرًا أن هذه التراجعات “تُخفي وراءها واقعًا معقدًا من النهب والفساد والإفلات من العقاب”.

ولم يفت رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التذكير بأن الجمعية “كانت أول من استُهدف بتضييق ممنهج على حرية التنظيم منذ سنة 2014، حيث لم يتوصل من بين 90 فرعًا للجمعية سوى فرع واحد بوصل الإيداع القانوني، في انتهاك سافر للقوانين الجاري بها العمل”.

وفي سياق متصل، أشار غالي إلى مرور 20 سنة على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، دون أن تُفعّل الدولة أهم توصياتها، معتبرًا أن تلك التوصيات تحوّلت إلى “وعود ضائعة”، كما وصفتها منظمة العفو الدولية.

زلزال الحوز.. “تدبير كارثي”

وفي حديثه عن تدبير الدولة لنتائج زلزال الحوز لسنة 2023، حمّل غالي السلطات مسؤولية “التدبير الكارثي” الذي ضاعف من معاناة المتضررين، مشيرًا إلى أن آلاف المواطنين لا يزالون دون مأوى ومدارس، بينما جرى اعتقال منسق وأعضاء تنسيقية المتضررين بدل التجاوب مع مطالبهم المشروعة.

وأكد أن “المعركة من أجل دولة ديمقراطية وحقوقية لا تزال طويلة”، داعيًا إلى وحدة العمل النضالي بين مختلف مكونات الحركة الحقوقية والديمقراطية، ومشدّدًا في الوقت ذاته، على أن بناء مغرب جديد لا يمكن أن يتم إلا عبر إسقاط الفساد والاستبداد والتطبيع.

واعتبر عزيز غالي أن هذا الثلاثي المتمدد لا يمكن مواجهته إلا بالعمل الوحدوي المشترك والفعال للحركة الحقوقية والديمقراطية الذي تعتبره الجمعية حسب تعبيره “اختيارها الاستراتيجي” في مجال النضال الحقوقي والنضال الديمقراطي بصفة عامة.

إعادة الأمل ومواصلة النضال

من جانبه، قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إن التراجعات المتواصلة في مجال الحقوق والحريات بالمغرب، رغم ما تسببه من قلق وتوتر، “تمنحنا في الآن ذاته دافعًا لإعادة الأمل ومواصلة النضال، من خلال تسجيل مواقف واضحة وثابتة في مواجهة الغش الإداري والتلاعب بالحقوق، وخاصة في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهد تدهورًا خطيرًا”.

وأكد الجامعي في كلمة له خلال المؤتمر، على أن هناك ممارسات ممنهجة تُفرّغ الحقوق من مضمونها الحقيقي، مشيرًا إلى تراجع خدمات التعليم والصحة والسكن، فضلاً عن التردي المسجل على المستوى السياسي.

وأبرز أن “ناقوس الخطر دُقّ منذ أول مؤتمر للجمعية، وأن كل المحطات السابقة، وصولًا إلى المؤتمر الرابع عشر، عملت على ترسيخ ثلاث شرعيات، شرعية العمل الحقوقي، ومرجعية الكونية، والالتزام بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان”.

وشدّد على أن أي مرجعية حقوقية لا يمكن أن تكون سليمة إذا لم تنطلق من المبادئ الكونية التي ترفض التمييز الديني أو العقائدي أو اللغوي، وترفض كذلك التبرير الثقافي أو الديني للانتهاكات.

وأضاف أن المرجعية الحقيقية اليوم تُقاس بمدى مناهضتها للإفلات من العقاب، “في ظل تصاعد مظاهر الفساد، ونهب المال العام، وتدخل السلطات في القضاء، وغياب سيادة القانون”.

وأشار إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “لعبت منذ تأسيسها سنة 1979 دورًا رائدًا في تأطير المواطنين وتربيتهم على قيم اليقظة ومرجعيات حقوق الإنسان الدولية”، معتبرًا أن الجمعية جسدت دومًا حلم بناء مغرب بدون معتقلين، ولا صحافة مهددة، ولا نضال محاصر.

أداة العقاب والمساومة

وأضاف أن السلطات باتت تستعمل وسائل إدارية، “مثل الامتناع عن تسليم وصولات الإيداع القانوني”، كأداة للعقاب والمساومة ضد المنظمات الجادة.

ولم يفوت عبد الرحيم الجامعي الفرصة للتنديد بالجرائم الإسرائيلية المستمرة منذ عشرين شهرا متواصلة في حق الفلسطينيين خاصة بقطاع غزة المدمر، والتي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة أودت بحياة الكثيرين.

وقال الجامعي “إننا نعيش في زمن حقوق الإنسان، لا في زمن الانتهاكات. والتاريخ يشهد أننا نواجه اليوم حرب إبادة جماعية بشعة في غزة، تقودها قوى عنصرية مدعومة من الولايات المتحدة والبيت الأبيض، وتُباركها بعض الأنظمة المطبّعة في العالم العربي والإسلامي”، معتبرًا أن عجز مجلس الأمن أمام هذه الانتهاكات الجسيمة يمثل فضيحة أخلاقية وقانونية في سجل المنتظم الدولي.