“لنرفع صوتنا من أجل إسماعيل”.. تضامن مغربي فلسطيني مع الغزاوي ومطالب بإطلاق سراحه
“ربيت ابني على حب فلسطين”، بهذه العبارة المؤثرة لخصت والدة إسماعيل الغزاوي الناشط في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي إس” (BDS)، عن عمق ارتباط ابنها بالقضية الفلسطينية، معبرة عن ألمها من اعتقاله الذي عدّته “ظلماً وعدواناً”.
وقالت والدة إسماعيل، خلال ندوة صحافية نظمتها حركة الـ”بي دي إس” في الرباط، اليوم الإثنين 6 يناير 2025، إن ابنها انضم إلى الحركة بعدما وجد ضالته فيها “ليدافع عن القضية الفلسطينية بكل ما يملك”، مشيرة إلى أنها عايشت جميع لحظاته “ناشطاً معهم ليلاً نهاراً بالمشاركة في المسيرات والمبادرات التي ينظمونها دعماً لفلسطين”.
وكشفت تفاصيل صادمة عن ظروف اعتقاله، إذ لم يسمح لعائلته بلقائه “سواء بعد توقيفه أو أثناء محاكمته، كما لم يتمكن من تغيير ملابسه أو الاستحمام لمدة أسبوع”.
وتساءلت والدة الغزاوي، موجهة الكلام للسلطات، “ماذا تريديون من هؤلاء الشباب الذين يقدمون صورة مستنيرة عن المغرب للعالم؟”، داعية إلى “الرفع من قدرهم بدل رميهم في السجون”.
وبينما تطالب بالإفراج عن ابنها إسماعيل، دعت في ختام كلمتها إلى “مواصلة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وعدم إهمال قضيتهم”.
من رام الله.. الحرية لإسماعيل
ومن رام الله في فلسطين، طالب محمود النواجعة المنسق العام لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “(BDS)”بي دي إس”، بإطلاق سراح إسماعيل الغزاوي، وقال خلال كلمة ألقاها عن بعد في الندوة الصحافية بالرباط: “من فلسطين، حيث يناضل شعبنا من أجل الحرية والعدالة، نبعث إليكم في المغرب الشقيق أحر التحايا، مؤكدين أن نضالكم ضد الظلم والتطبيع هو جزء لا يتجزأ من معركتنا المشتركة من أجل تحرر شعبنا ونيل حقوقه غير القابلة للتصرف”.
وأضاف النواجعة: “الهدف الذي يجمعنا يحمل رسالة واضحة: الحرية الفورية لإسماعيل الغزاوي، الذي يقف ثابتاً في وجه القمع دفاعاً عن مبادئه”، مشيراً إلى أن “اعتقال إسماعيل ليس سوى محاولة يائسة لإسكات الأصوات الحرة التي ترفض التطبيع، وترفض أن تكون شريكة في استمرار التواطؤ على حساب شعبين شقيقين”.
وشدد على أن إسماعيل “يؤكد بصموده أن صوت العدالة لن يُسكت، وأن أحرار المغرب والشعوب لن يتراجعوا أمام هذه المحاولات”.
واعتبر الناشط الفلسطيني والأسير السابق في سجون الاحتلال هذه الاعتقالات “استفزاز صارخ لكل من يقف ضد الاحتلال والتطبيع”، لافتاً إلى أن حركة الـ”بي دي إس” تؤكد أن الاعتقالات التي تستهدف النشطاء والمدافعين عن الحق الفلسطيني “لن تزيد هذه الحركات ونشطائها إلا إصراراً على مواصلة الضغط والعمل لإسناد نضال الشعب الفلسطيني المشروع وحقوقه غير القابلة للتصرف”.
وأفاد بأن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ترى في نضال إسماعيل ورفاقه “امتداداً طبيعياً للنضال في المنطقة من أجل الحرية الكاملة ضد كل أشكال القمع والظلم”، داعياً جميع الأحرار والائتلافات والقوى إلى مواصلة دعم إسماعيل “والضغط من أجل إطلاق سراحه الفوري، بالإضافة إلى تثبيت رفض تجريم دعم فلسطين والوقوف إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني”.
ونبه في ختام كلمته، أثناء الندوة الصحافية التي انعقدت صباح اليوم بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى أن قضية إسماعيل هي “قضيتنا جميعاً، من المغرب إلى فلسطين، ومن كل مكان يسعى فيه الأحرار لوقف التواطؤ وانتزاع العدالة”، واسترسل قائلاً “لنرفع صوتنا موحداً: الحرية لإسماعيل الغزاوي ومعتقلي الرأي وكافة المعتقلين على خلفية دعم فلسطين ومناهضة التطبيع. نضالنا مستمر حتى نكسر القيود”.
وشارك في الندوة الصحافية التي نظمتها حركة المقاطعة الـ”بي دي إس” في الرباط، إلى جانب أقارب ورفاق الناشط إسماعيل الغزاوي، كل من سيون أسيدون منسق الحركة بالمغرب ومحمود النواجعة منسقها العام، وخديحة الرياضي عن الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (هِمَم)، وممثلين عن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والفضاء المغربي لحقوق الإنسان، وائتلاف هيئات حقوق الإنسان.
إسماعيل يستأنف
وفي حديث مع صيحفة “صوت المغرب”، كشف المحامي الحسن السني عضو دفاع إسماعيل الغزاوي أن هذا الأخير استأنف الحكم الابتدائي الصادر في حقه بسنة حبسا نافذةا وغرامة قدرها 5000 درهم، مشدداً على أن محاكمته بالمحكمة الابتدائية في عين السبع بالدارالبيضاء، “شابتها خروقات شكلية عديدة، أبرزها عدم ثبوت حالة التلبس؛ إذ أنه على العكس تماماً، الشرطة هي من جاءت إلى منزل إسماعيل وأبلغته باستدعاء، وطلبت منه مراجعة مصالح الشرطة، وبالفعل، ذهب إليهم حيث تم الاستماع إليه”.
وأضاف السّني أنه في تلك الأثناء “اتصلوا بالوكيل العام للملك في محكمة الرباط باعتباره المختص النظر في قضايا الإرهاب، والمشرف على المسطرة آنذاك”، مشيراً إلى أن هذا الأخير بدا له أن تصريحات إسماعيل لا تُشكل أي أساس قانوني لربطها بالاختصاص المتمثل في جرائم الإرهاب”.
وأوضح المتحدث أن سبب تواصل الشرطة مع الوكيل العام للملك بالرباط “هو تضمن تصريحات إسماعيل لكلمات مثل ‘النصرة’ و’الجهاد’، ما قد يوحي بوجود ارتباط بتنظيم إرهابي”، ليتضح لوكيل الملك أنه “لا علاقة لإسماعيل بأي تنظيم إرهابي أو تحريض على الجريمة”، وبالتالي أصدر قراره بأنه غير مختص “وأحال الملف على وكيل الملك في ابتدائية الدار البيضاء للنظر في الاتهامات”.
“حكم غير عادل”
أما بخصوص وسائل الإثبات التي اعتمدت في الملف، ذكر المحامي الحسن السّني أنه “تم الاستناد إلى محضر تفريغ فيديو مدته 56 ثانية، لم يكن متداولاً في وسائل التواصل العامة، بل تم رصده داخل مجموعة واتساب”. مشدداً على أن رصد المكالمات والاتصالات وفقاً للقانون المغربي لا يمكن أن يتم إلا “وفق الشروط القانونية المنصوص عليها في الفصل 24 من الدستور المغربي الذي يحمي سرية المراسلات والاتصالات، وكذلك المادة 108وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية”.
واعتبر أن هذه القوانين “التي تم تجاوزها” تُشير إلى أن هذا الإجراء من اختصاص المحكمة، وليس الشرطة أو الوكيل العام، “ويتطلب صدور أمر عن قاضي التحقيق أو قاضي الحكم”.
وأفاد محامي إسماعيل الغزاوي، في الحديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الدفاع طالب بعرض الفيديو في الجلسة، ليكون الدليل واضحاً أمام المحكمة وأمام الدفاع وإسماعيل نفسه، لافتاً إلى أن هذا الأخير “أكد أن الكلمات التي تفوه بها كانت مجرد تعبير عن مشاعره الشخصية، ولم يكن يحاول إقناع العامة أو التحريض على شيء، حيث لم يكن هناك أي شخص حاضر معه أثناء ذلك، وهو ما يتضح من الفيديو، وهو ما كان مجرد انفعال وتعبير شخصي”.
وأشار المتحدث إلى أنه “تم رفض هذا الطلب، لنفاجأ بحكم بالإدانة بعقوبة قاسية جداً”، معتبراً أنه لا يوجد مبرر لهذا الحكم “لأن المحكمة حين أرادت أن تصدر حكم الإدانة، قامت بتحريف كلام إسماعيل في الفيديو”، إذ أن إسماعيل الغزاوي كان يقول في تسجيل الفيديو: “يجب أن تسيل دماؤنا”، موضحاً أنه كان يقصد بذلك “بذل كل ما يملك، حتى دمه، في سبيل القضية الفلسطينية وهو ما يعبر عنه المغاربة في هتافاتهم التضامنية بالقول: بالروح بالدم نفديك يا غزة”، لكن المحكمة يضيف المحامي: “كتبت في منطوق الحكم بشكل يوحي بأنه يدعو إلى إسالة الدماء بشكل عام، وهو تفسير خاطئ تماماً”.
ولفت إلى أن هناك فرقا شاسعا بين “أن يسيل دمي في التعاطف مع قضية معينة”، وبين “إسالة الدماء” بما يوحي ذلك من “تحريض على العنف والقتل”، مشيراً إلى أن تغيير المحكمة “جوهر كلام إسماعيل من أجل المرور إلى الإدانة غير جائز على الإطلاق، وحكم غير مبرر”.
وأفاد المتحدث بأن المادتين 141 و146 من قانون المسطرة الجنائية تتيحان للمحكمة اختيار العقوبة بين الحدين الأدنى والأقصى، مع مراعاة ظروف التخفيف، “لكنها قفزت مباشرة إلى أقصى العقوبة في الوقت الذي تتيح فيه المدتين المذكورتين للمحكمة مراعاة خطورة الأفعال وشخصية المتهم وسوابقه، ووضعه الاجتماعي”، وهو ما يجعل حسب تعبيره “الحكم جائراً وغير عادل، سواء في الإدانة أو في التشديد على أقصى العقوبة”.
وأدانت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في 10 دجنبر الماضي، الناشط في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها إسماعيل الغزاوي بسنة حبساً نافذاً وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهماً.
وجاء هذا الحكم القضائي في حق اسماعيل الغزاوي، على خلفية متابعته بتهمة “التحريض على ارتكاب جنايات وجنح بواسطة الوسائل الإلكترونية”، بالاستناد على مقطع فيديو.
وعلمت صحيفة “صوت المغرب” أن الفيديو موضوع المتابعة، يتعلق بمقطع مدته 56 ثانية تم رصده على منصة الواتساب يدعو فيه الغزاوي إلى التظاهر أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء، مشيراً فيه إلى تضحيات شعوب عربية أخرى في نصرتها للفلسطينيين، مثل الأردن واليمن ولبنان.
ويذكر أن المهندس إسماعيل غزاوي يُعرَف بنشاطه التضامني مع الشعب الفلسطيني، حيث يشارك في مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، بينها وقفة في نونبر الماضي أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء احتجاجاً على دعم واشنطن لحرب الإبادة الجماعية في غزة.
وشارك بعدها رفقة نشطاء آخرين بتاريخ الجمعة 15 نونبر 2024، في وقفة أمام ميناء طنجة المتوسط، تنديداً بالسماح لسفن شركة “ميرسك لاين” بالرسو في طنجة، والتي يشتبه في نقلها شحنات عسكرية أمريكية موجهة إلى إسرائيل.
كما كان ينخرط في حملات على منصات التواصل الاجتماعي استجابة لدعوات حركة “بي دي إس”، إضافة إلى دعوات تنظيم وقفات أمام سفارات الدول الداعمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي تحت وسم #حصار_السفارات.