story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

حقوقيون: محاكمة سعيدة العلمي غير عادلة وإدانة لحرية الرأي

ص ص

بعد أزيد من ثلاثة أشهر من المحاكمة، أعلنت المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، يوم الأربعاء 16 شتنبر 2025، حكمًا يقضي بإدانة الناشطة والمدوّنة سعيدة العلمي بثلاث سنوات سجنًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم.

وأثار الحكم موجة واسعة من الاستياء في الأوساط الحقوقية داخل المغرب، حيث عبّرت شخصيات مدافعة عن حقوق الإنسان عن استغرابها ورفضها الشديد لقرار الإدانة.

وفي هذا الصدد، قال فؤاد عبد المومني، منسق الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنه استقبل خبر الإدانة بـ”امتعاض شديد”، على اعتبار أن ما توبعت به العلمي “يتعلق أساسًا بحرية الرأي والتعبير”.

عبد المومني: الحرية لسعيدة

وأضاف عبد المومني: “هذا النوع من القضايا لا يليق ببلد يدّعي احترام حقوق الإنسان أن يحكم فيها بسلب حرية المعنيين، حتى لو كان النقد لاذعًا أو قاسيًا”. وطالب عبد المومني بالإفراج الفوري عن العلمي وباقي معتقلي الرأي.

ومن بين التهم التي صدر على إثرها القرار، “إهانة هيئة ينظمها القانون”، و“إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم”، و“المساس بالاحترام الواجب لسلطتهم”، و“تحقير مقررات قضائية”، و”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة قصد التشهير بالأشخاص”.

ويرى عبد المومني أنه “حتى لو كان النقد قاسيًا أو لاذعًا، لا يمكن لهيئة معنوية أن تواجهه بالمتابعة القضائية”، مضيفًا أن أقصى ما يمكن توقعه في حال وُجد ضرر لشخص ذاتي “هو تعويض مادي عن السب أو القذف”.

وأشار إلى أن الاعتقال الاحتياطي والإدانة والحكم بالسجن لمدة طويلة بحق شخص لم يكمل بعد سنة منذ إطلاق سراحه في محاكمة سابقة، “يعني أننا أمام نظام لا يقبل اختلاف الرأي وحرية التعبير”، يضيف المتحدث ذاته.

وكانت سعيدة العلمي قد استفادت من عفو ملكي في يوليوز 2024، بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش، إلى جانب عدد من الصحافيين والنشطاء، بعدما قضت عامين من أصل عقوبة بلغ مجموعها ثلاث سنوات وثمانية أشهر على خلفية قضايا سابقة.

براهمة: توظيف قضائي للانتقام

من جانبها، اعتبرت سعاد براهمة، المحامية ورئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن “المتابعة لم تخرج عن إطار التضييق على حرية الرأي والتعبير”، مشيرة إلى أن ما صدر عن العلمي “لا يعدو أن يكون آراء ومواقف في قضايا عامة دون أن يتضمن مساسًا بأشخاص بعينهم”.

وانتقدت براهمة “استعمال بعض النصوص القانونية كسيف مسلط على الأصوات الناقدة”، معتبرة الحكم “قاسيًا وغير متناسب مع مجرد التعبير عن الرأي”، في تعارض مع الدستور المغربي الذي ينص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وقالت: “للأسف، يتم توظيف القضاء للانتقام من الأصوات الناقدة بدل حماية حقها في التعبير”، مشيرة إلى أن “المحكمة، بصفتها مؤسسة يُفترض فيها الحياد والعدل، مطالبة بأن تميز بين سوء النية وبين مجرد ممارسة حق المواطنة في النقد”.

وشددت على أنه من حق أي مواطن أو مواطنة “التعبير عن موقفه مما يراه ظلمًا أو فسادًا”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن محاكمة سعيدة العلمي “شابتها ملاحظات على مستوى شروط المحاكمة العادلة”.

هراجة: محاكمة لكل منتقد

في هذا السياق، اعتبر فؤاد هراجة، عضو الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، أن المحاكمة “شابتها الكثير من التعسفات”، مؤكّدًا أن الملف “قائم على تدوينات كان يفترض أن يُنظر فيها في إطار قانون الصحافة والنشر، لا القانون الجنائي”.

وانتقد هراجة متابعة العلمي وفق القانون الجنائي، معتبرًا أن “المحاكمة افتقرت منذ البداية إلى شروط العدالة”. وأضاف: “ما بني على باطل فهو باطل، وما ترتب عن متابعة سعيدة العلمي جنائيًا يظل مبنيًا على أسس باطلة وغير عادلة”.

وبناء على هذا، يضيف الناشط الحقوقي، فإن ما ترتب عن متابعة سعيدة العلمي جنائياً، “مبني على أسس باطلة وغير عادلة”، مبرزا: “سواء اتفقنا أو اختلفنا حول الطريقة التي تعبر بها سعيدة العلمي عن رأيها، يظل الدستور والقانون يكفلان لها حرية التعبير وحق الاحتجاج”.

وشدد هراجة على أن القضية “ليست فقط محاكمة لسعيدة العلمي، بل محاكمة للرأي والتعبير، ولكل صوت ناقد للسياسات العمومية يعبّر عن رأيه خارج السرب”، معتبرًا أن الحكم “تعسفي ويعكس توظيف القضاء لتصفية حسابات سياسية”.

وتُعرف سعيدة العلمي بنشاطها في التدوين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتادت توجيه انتقادات للأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد.

وخلال جلسة محاكمتها، قالت العلمي: “نضالي، سيدي الرئيس، ليس خيارا شخصيا بل واجبا حقوقيا. إنني أناضل حتى لا تعيش الأجيال القادمة واقع الحكرة الذي عانينا منه، وحتى لا تتكرر الانتهاكات التي شهدها هذا الوطن في محطات مختلفة من تاريخه”.

وأضافت “إن يقيني راسخ بأن مغرب الغد، الذي نبنيه اليوم بنضالنا وصوتنا وإصرارنا، لن يكون إلا مغرب الكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان، مغربا يليق بأبنائه ويصون حرياتهم ويؤسس لمستقبل عادل”.