story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

حقوقيون: المجتمع “طبَّع” مع الفساد.. ومحاربته أصبحت شعارا تتجار به بعض الأحزاب

ص ص

انتقد حقوقيون استفحال وضعية الفساد في المغرب، والتي تعكسها عدد من التقارير الدولية، آخرها تقرير منظمة الشفافية الدولية “ترانسبيرنسي”، معتبرين أن المجتمع المغربي بات يعرف نوعا من “التطبيع” مع هذه الظاهرة، ومشيرين إلى أن محاربتها باتت شعارا تتجارب به بعض الأحزاب خلال الحملات الانتخابية لتعزيز صورتها وضمان أصوات الناخبين.

في هذا الإطار، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن المجتمع المغربي بات “يطبّع” مع ظاهرة الفساد، ووصل إلى مرحلة أصبح فيها بعض الأشخاص يتباهون به، مما يمثل “مصيبة كبرى” تنخر جسد الديمقراطية في المغرب.

غياب إرادة سياسية

وأكد الغلوسي، خلال مداخلته في ندوة نظمتها فيدرالية اليسار الديمقراطي تحت عنوان “الفساد سرطان ينهك المجتمع ويعطل التنمية”، يوم السبت 15 مارس 2025 بمدينة الدار البيضاء، أن الفساد في المغرب “بات بنيويًا، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بتعثر الانتقال الديمقراطي في البلاد”، معتبراً أن “غياب الديمقراطية يعزز انتشار الفساد، حيث تسعى الدول الديمقراطية إلى محاصرته والتقليل من آثاره”.

وأضاف المتحدث أن “القوى الديمقراطية في المغرب تعرضت على مر السنين للعنف بمختلف أشكاله، بما في ذلك الاعتقالات والتعذيب”، مشيرًا إلى أن “لغة وزير العدل بخصوص قانون المسطرة الجنائية تمثل مؤشرًا واضحًا على تراجع الوضع الديمقراطي بالبلاد”.

وتطرَّق الغلوسي إلى الوضعية الحالية للأحزاب السياسية التي وصفها بأنها تعكس “التراجع الديمقراطي”، مستدلا بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تحوّل، حسب وصفه، إلى “مجرد ملحقة لحزب إداري”، معتبرًا ذلك “دليلًا على نجاح جهات معينة في ترويض السياسيين والمنتخبين”.

وأبرز أن هناك محاولات “لتحويل النيابة العامة إلى أداة تعمل وفق مصالح بعض الجهات الإدارية، رغم أن الدستور المغربي ينص بوضوح على مبدأ فصل السلطات”.

وفي سياق التعليم، استنكر الغلوسي عدم محاسبة المسؤولين عن “فشل البرنامج الاستعجالي للتعليم رغم الميزانيات الضخمة التي رُصدت له”، معتبرًا أن هذا الوضع يعكس “تكريسًا لثقافة الإفلات من العقاب”.

“تجارة محاربة الفساد”

قال الصحافي وعضو جمعية أطاك المغرب، عمر الراضي، إنَّ مفهوم الفساد تعرض للتمييع خلال العقود الثلاثة الماضية، مضيفًا أنه “حتى الأحزاب الإدارية باتت تتاجر بشعارات محاربة الفساد خلال الحملات الانتخابية”.

وأوضح الراضي ، أن الفساد في المغرب يمثل “قضية سياسية عميقة تتجاوز المفهوم التقني الضيق المرتبط بالرشوة واستغلال النفوذ”، مشددًا على “أن الحلول التقنية وحدها غير كافية في مواجهة الفساد، وأن الأمر يتطلب إرادة سياسية حقيقية”.

وأشار الراضي إلى وجود “ممارسات احتكارية سرية” مثل الاتفاق على هوامش الربح بين الشركات الكبرى في قطاع الاتصالات، وهي “جرائم اقتصادية يُعاقب عليها القانون في بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية”.

وأشار المتحدث إلى أن “الدولة نفسها تعيد إنتاج ممارسات الفساد وفق الظروف السياسية والاجتماعية، كما حدث خلال احتجاجات 2011، عندما وزعت السلطات مواد غذائية على سكان الأحياء الشعبية لكبح الاحتجاجات وإضعاف قدرة المجتمع على المقاومة”.

كما أشار الراضي إلى أن “مسلسلات الفساد” تتكرر مذكرًا بقضية قبيلة “أولاد سبيطة”، التي تمّت مصادرة أراضيها لصالح شركة الضحى العقارية “دون استشارة السكان”، معتبرًا ذلك “دليلًا على استخدام السلطة لتحقيق مصالح اقتصادية خاصة على حساب المواطنين”.

وأضاف أن “عمليات الاستيلاء على الأراضي مستمرة في مناطق عديدة كالرباط ومراكش، حيث يتم نقل الثروات من الفئات الضعيفة إلى جهات نافذة محمية سياسيًا”.

وبيّن الراضي أن هناك “إضعافًا متعمدًا” للمجتمع المدني والصحافة، “كجزء من استراتيجية شاملة لإسكات الأصوات التي تفضح الفساد”.

وانتقد الراضي طريقة التعاطي مع الاستثمارات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، معتبرًا أن بعضها “قد يكون مرتبطًا بضمان بعض الاعترافات بسيادة المغرب على صحرائه”، داعيا إلى ضرورة جعل الاقتصاد في خدمة المواطنين وتحسين معيشتهم بدل أن يكون “أداة لتحقيق مكاسب سياسية وجيوسياسية قصيرة المدى”.

وأضاف أنَّ “محاربة الفساد تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تتجاوز البُعد التقني البحت”، داعيًا إلى فتح “نقاش دستوري يلزم المؤسسات بالشفافية والمساءلة، ويمنع تداخل المصالح السياسية والاقتصادية للحاكمين”.